«الحشاشين» و «جودر».. عاملان مزج الخيال بالتاريخ وشكلا الماضي
كتبت - أميرة محمد
يمزج مسلسلان من مسلسلات رمضان 2024، "الحشاشين" و"جودر"، بين الخيال والواقع لخلق رؤية بصرية رائعة تُبهر المشاهدين وتخلق تفاعلًا بينهم وبين المبدعين.
يظهر المسلسلان نشاط الخيال في رحاب الفن والأدب، حيث يُفرغ طاقته المثيرة دون إغفال الواقع الذي استلهم منه الكاتب معالجته الدرامية.
نجح الكاتبان عبد الرحيم كمال وأنور عبد المغيث في مزج الخيال بالحقيقة من خلال الواقع وليس من دونه.
كان خيال الكاتبين الروائي المغامر أكثر براعة في خوض غمرات الفكر والبشر، باعتبارهما الأصلح للحفر في تاريخ الدولة والمجتمع والسياسة.
مسلسل الحشاشين
يحاول عبد الرحيم كمال في "الحشاشين" الإجابة عن أسئلة تاريخية تخص جماعة الحشاشين.
وإيجاد بنية حكائية وخلق تسلسل درامي مقنع لمأساة لم يصلنا منها إلا روايات مختلفة.
صاغ كمال سياقًا من الشخوص التي بدت بشراً كاملين حينا، ورموزاً وقيمًا تشير أكثر مما تصرح أحياناً عن الماضي وما يقبله من واقع نعيشه.
نجح كمال من خلال الاستقراء في روايات التاريخ المختلفة وبخياله في ردم الفجوات وترميم الشقوق في سرد ابتكاري
عالج عدداً من قضايا الواقع والتاريخ معاً.
وضع كمال قاعدة انطلق منها وهي فكر حسن الصباح نفسه، وصولا إلى مقر حكمه الذى استمر فيه 56 عاما دون أن يخرج منها.
ووضع رؤية أجاب فيها عن الكثير مما أغفله التاريخ وغاب عن روايات المؤرخين.
مسلسل "جودر"
يقدم الكاتب المسرحى والسيناريست أنور عبدالمغيث في "جودر" معالجة عصرية لحكاية جودر الصياد وأخويه في السردية العربية الشهيرة "ألف ليلة وليلة".
تمزج معالجة عبدالمغيث بين الخرافة والأسطورة والأحلام بالواقع، مع الاستفادة من ذلك الكنز الحافل بالخيال والفكاهة والمغامرة والقسوة.
يضفي عبدالمغيث خلفية لحكاية "جودر الصياد" ويردم فجوات الحكاية التراثية عبر استقراء جيد وسردية حافلة بالاستعارات اللفظية والصور البيانية.
تميز المسلسل ببنائه الدرامي الذي ينتهج نهج سلسلة الحكايات التراثية.
وبنى سرده على المتن الحكائى الشرقى، محققًا طرازًا احتفاليًا له خصوصيته وتفرده وأخلاقياته وجمالياته.
أضفى المسلسل على حكاية "جودر" بعضًا من الخصوصية المصرية دون كثير من المبالغة أو التنميط، محاولًا إيجاد هوية ثقافية ودرامية لسرديته.
نجح المسلسل في إبراز فكرة البطل الشعبي، والانتصار لهذا النموذج الذي ينذر حياته لخدمة المجتمع وتأمينه ضد المخاطر.
لغة مناسبة
قدم مسلسل "جودر" و"الحشاشين" لغة صافية مناسبة لزمن التلقّى.
وهو ملمح ذكي من صناع العمل لتوضيح هوية الشخصيات الدرامية، وتبسيط الأمر على المشاهد حتى يسهل التلاقى مع العمل الفني.
الحوار
كان الحوار واحدًا من مقومات المسلسل الأساسية وأبرز عناصر قوته.
لا سيما أنه ينسجم مع أجواء القصة، مازجًا فيها بين الجانب النقدي الاجتماعي والإسقاط السياسي.