بين الفن الهابط والمسؤولية الاجتماعية.. ماذا تعني (عليا الطلاق كله بيكذب)؟
بقلم: ساندي حسنين
عندما ننظر إلى الفن والموسيقى نأمل دائماً أن يكون لهما تأثير إيجابي على المجتمع يلهم ويثير الوعي.
ومع ذلك فإن بعض الأعمال الفنية قد تثير الجدل وتحمل رسائلاً تثير الانتقادات.
ومن هذه الأعمال الأغنية المعروفة بعنوان (عليا الطلاق كله بيكذب).
تستخدم هذه الأغنية عنواناً ساخراً وغير جاداً بخصوص الطلاق وتعتبره وسيلة للتعبير الفكاهي دون أدنى إحترام لخطورة.
وهذا الموضوع فالكذب وربطه بالحلف بالطلاق ليس مجرد قضية زوجية بل يتعداها ليشمل تداعيات إجتماعية ونفسية قد تكون مدمرة على الأسرة والأفراد.
وتعتمد الأغنية على فكرة أن "المجتمع كله بيكذب" وهذه تعتبر إهانه لعموم المجتمع لكون الكذب صفة سيئة صاحبها مبشر بالنار في الدين الإسلامي.
ويعتبر الكذب من السلوكيات السلبية التي تتنافى مع تعاليم الدين وقيمه، ويعتبر الكذب فعلاً منبوذاً ومحرماً.
وفي مختلف الأحوال سواء كان في الجد أو في المزاح تحذر السنة النبوية من آفة الكذب.
ويقول النبي محمد ﷺ:
﴿إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار﴾.
وبما أن الإسلام يدعو إلى بناء علاقات قائمة على الثقة والصدق فإن الكذب يعتبر عقبة كبيرة في تحقيق هذا الهدف.
وكذلك الطلاق، وقال فيه النبي محمد ﷺ ﴿ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة﴾
ويشير النبي محمد ﷺ إلى أن الطلاق وهو الفسخ الشرعي لعقد الزواج لا يجب التعامل معه بطريقة الهزل أو المزاح.
وبمعنى آخر إذا ألقى الزوج كلمة الطلاق في سياق الهزل أو المزاح فإنها قد تكون ملزمة شرعاً وتؤدي إلى نهاية الزواج.
ولذلك فإن الطلاق ليس موضوعاً يجب التلاعب به أو إستخدامه في كلمات أغنية بل يجب التعامل معه بجدية وإحترام.
وحتى لا يعكس نظرة ساخرة وتافهة للموضوع حيث يتساءل الكثيرون عن مدى ملاءمة إستخدام هذه العبارة.
وفي سياق فني خاصة عندما يتم تقديمها بطريقة تجعل الطلاق يبدو بسيطاً أن نحلف به على عبارة كله بيكذب.
وهناك الكثير من الصادقين ومن يردد كلمات تلك الأغنية وكان متزوجاً يكون قد حكم على زوجته بالطلاق
وهذه الطريقة لا تليق بجدية التداعيات الإجتماعية والنفسية لهذا القرار.
ومن الواضح أيضاً أن الأغنية تروج لجملة حساسة بطريقة غير لائقة.
وتجاهل الآثار الجدية للكذب والحلف بالطلاق على الأفراد والمجتمع فبدلاً من تقديم رسالة مفيدة وملهمة.
وتقدم الأغنية عبارة خطيرة بطريقة ساخرة وغير جادة، مما يسهم في تشويه صورة المجتمع، وطريقة الطلاق وتقليل من خطورته في عقول الشباب والجمهور بشكل عام.
ويجب على كل من يعتبر ما يقدمه فناً أن يكون أكثر حذراً ومسؤولية عندما يختار مواضيعه وكلماته خاصة عند التعامل مع قضايا حساسة مثل الكذب والطلاق.
ويمكن أن يكون للفن دور إيجابي في تعزيز الوعي وتشجيع النقاش البناء ولكن ذلك يتطلب تقديم الرسالة بطريقة تحترم قيم المجتمع وتعزز التفاهم والتسامح.
ومن المهم أيضاً أن نفهم أن حرية التعبير لا تعني الترويج لأي فكرة بغض النظر عن تداعياتها بل يجب أن تكون ممارسة هذه الحرية مرتبطة بالمسؤولية والتوجيه الصحيح للجمهور.
وينبغي على نقابة الموسيقيين أن تضع ضوابط واضحة لمنع تقديم الأغاني التي تحمل رسائل غير مسؤولة وتشوه صورة المجتمع والطلاق والحياة الزوجية.
ولذلك أرجو من نقابة الموسيقيين التدخل لمنع إنتاج ونشر الأغاني التي تروج لفكرة إتهام عموم المجتمع بالكذب والتقليل من شأن الطلاق.
وتعكير صورته في المجتمع وتحث الأشخاص على إستخدام فمنهم بشكل يعزز القيم الإيجابية.ويساهم في تعزيز التفاهم والتسامح بين الأفراد في المجتمع.