بعيد الشرطة الـ71.. هل تعلم لماذا أُطلق عيد الشرطة؟
كتبت - جهاد عامر
تشارك وزارة الداخلية المصريين فرحتهم بعيد الشرطة، إذ تستخرج عددًا من الوثائق والأوراق المجانية بعدد من القطاعات الشرطية الخدمية، مثل المرور والأحوال المدنية وتصاريح العمل والجوازات، وغيرها من الأوراق التي يستخرجها المواطنين، وذلك بهدف إدخال الفرحة على قلوب الجماهير المصرية، حيث جرى العرف على ذلك.
- مقر الاحتفال بعيد الشرطة
وتحتفل الدولة في 25 من يناير من كل عام بذكرى عيد الشرطة، وذلك بمقر أكاديمية الشرطة في التجمع الخامس، وهذا العام تحتفل بالذكرى الـ71 لمعركة الإسماعيلية 1952، بمشاركة شعبية كبيرة، ويُعد "عيد الشرطة" تخليدًا لذكرى معركة الإسماعيلية 1952، التي راح ضحيتها نحو 50 شهيدًا و80 جريحًا من رجال الشرطة.
من جانبه، قرر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بأن يكون الخميس 26 يناير 2023 إجازة رسمية مدفوعة الأجر؛ للعاملين في الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية وشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام وشركات القطاع الخاص، وذلك مناسبة عيد ثورة 25 يناير وعيد الشرطة، بدلًا من يوم الأربعاء الموافق 25 يناير 2023.
- بداية معركة الإسماعيلية ضد الإنجليز
ويذكر أن بداية إطلاق عيد الشرطة، كان بعد وصول حالة التوتر بين مصر وبريطانيا إلى الذروة عقب زيادة أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتها وجنودها وضباطها في منطقة القناة، بالتزامن مع ترك أكثر من 91 ألف عامل مصرى معسكرات البريطانيين للإسهام في حركة الكفاح الوطنى، كما امتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية.
وأتت تلك الأعمال بعد استجابة حكومة الوفد لمطلب الشعب بإلغاء معاهدة 1936، حيث أعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس، في مجلس النواب، يوم 8 أكتوبر 1951، إلغاء المعاهدة، التي تم فرضها على مصر الدفاع عن مصالح بريطانيا.
وعملت تلك الأفعال على إزعاج حكومة لندن، فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، غير أن الشباب لم يهتموا بهذه التهديدات ومضوا في خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربي البريطاني، واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة.
- معركة الشرطة
وبدأت قصة معركة الشرطة فى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952، حيث قام القائد البريطاني بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" باستدعاء ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذار لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة فما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطاني وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذي طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
وكانت هذه الواقعة اهم الأسباب في اندلاع العصيان لدى قوات الشرطة، أو التي كان يطلق عليها بلوكات النظام وقتها وهو ما جعل إكسهام وقواته يقومان بمحاصرة المدينة وتقسيمها إلى حي العرب وحي الإفرنج ووضع سلك شائك بين المنطقتين، بحيث لا يصل أحد من أبناء المحافظة إلى الحي الراقي مكان إقامة الأجانب.
- أسباب اندلاع معركة الإسماعيلية
وليست هذه الأسباب فقط ما أدت لاندلاع المعركة؛ بل كانت هناك أسباب أخرى بعد إلغاء معاهدة 36 في 8 أكتوبر 1951، غضبت بريطانيًا غضبًا شديدًا واعتبرت إلغاء المعاهدة بداية لإشعال الحرب على المصريين، ومعه أحكام قبضة المستعمر الإنجليزي على المدن المصرية ومنها مدن القناة، والتي كانت مركزًا رئيسيًا لمعسكرات الإنجليز وبدأت أولى حلقات النضال ضد المستعمر وبدأت المظاهرات العارمة للمطالبة بجلاء الإنجليز.
وفي يوم 16 من شهر أكتوبر عام 1951، بدأت أولى شرارة التمرد ضد وجود المستعمر، والذي جاء بحرق النافي، وهو مستودع تموين وأغذية بحرية للإنجليز، والذي كان مقره بميدان عرابي وسط مدينة الإسماعيلية، وتم إحراقه بعد مظاهرات من العمال والطلبة والقضاء علية تمامًا، لترتفع قبضة الإنجليز على أبناء البلد، وتزيد الخناق عليهم فقرروا تنظيم جهودهم لمحاربة الإنجليز، فكانت أحداث 25 يناير 1952.
وبدأت المجزره الوحشية الساعة السابعة صباحًا وانطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلًا ومدافع الدبابات "السنتوريون" الضخمة من عيار 100 ملليمتر تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقه أو رحمة وبعد أن تقوضت الجدران وسالت الدماء أنهارا، أمر الجنرال إكسهام بوقف الضرب لمدة قصيرة لكي يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعي الأيدى وبدون أسلحتهم وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة.
لينصدم القائد البريطاني المتعجرف، حينما رد عليه ضابط شاب صغير الرتبة لكنه متأجج الحماسة والوطنية، وهو النقيب مصطفى رفعت، فقد صرخ فى وجهه في ثبات وقوة: "لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة".
واستكمل البريطانيون المذبحة الشائنة، فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات، وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض، بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء الطاهرة.
وبرغم ذلك الجحيم، ظل أبطال الشرطة صامدين في مواقعهم، يقاومون ببنادقهم العتيقة من طراز (لى إنفيلد) ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم فى المعركة 56 شهيدا و80 جريحًا، بينما سقط من الضباط البريطانيين 13 قتيلًا و12 جريحًا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا في فبراير 1952.
- بسالة المصريين ضد الإنجليز
ولم يستطع الجنرال إكسهام أن يخفي إعجابه بشجاعة المصريين، فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال: "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا".
وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال إكسهام بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريمًا لهم وتقديرًا لشجاعتهم وحتى تظل بطولات الشهداء من رجال الشرطة المصرية في معركتهم ضد الاحتلال الإنجليزي ماثلة في الأذهان ليحفظها ويتغنى بها الكبار والشباب وتعيها ذاكرة الطفل المصري وتحتفي بها.