منسق الشؤون الإنسانية في سوريا: يجب حماية المدنيين وتوفير فرصة للحوار السياسي
في ظل الحرب الدائرة في سوريا منذ أكثر من عقد، تشهد حلب تصعيدًا جديدًا وحادًا في القتال، ما وضع آلاف المدنيين في مواجهة كارثة إنسانية متفاقمة.
النزاع الذي ألقى بظلاله الثقيلة على حياة السكان تسبب في نزوح جماعي وسقوط العديد من الضحايا المدنيين، ما دفع كبار المسؤولين في الأمم المتحدة إلى إصدار تحذيرات عاجلة حول التداعيات الإنسانية والأمنية لهذا التصعيد.
ووفقًا للموقع الرسمي للأمم المتحدة، فإن العنف تجاوز حدود محافظة حلب ليشمل مناطق أخرى في إدلب وحماة، مما جعل الأوضاع أكثر تقلبًا وصعوبة في التنبؤ.
ومع اتساع رقعة الصراع، باتت المخاطر المحدقة بالمدنيين تمثل تحديًا إنسانيًا وأمنيًا كبيرًا للمجتمع الدولي.
تحذيرات أممية من عواقب التصعيد
في تصريح له يوم الأحد، عبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، جير بيدرسن، عن قلقه البالغ إزاء التحولات السريعة في خطوط الجبهة.
وشدد على أن تقدم "هيئة تحرير الشام"، المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل مجلس الأمن، إلى جانب تكثيف الغارات الجوية الحكومية، يهدد بزيادة معاناة المدنيين.
وقال بيدرسن: "في بلد مزقته الحرب منذ ما يقرب من 14 عامًا، فإن التطورات الأخيرة تُفاقم الوضع بشكل خطير، ما يعكس فشلًا جماعيًا في التوصل إلى حل سياسي وفقًا لقرار مجلس الأمن 2254".
كما أشار إلى ضرورة احترام القانون الدولي، داعيًا جميع الأطراف إلى حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.
الوضع الإنساني في حلب مأساوي وغير مسبوق
أعمال العنف الأخيرة في حلب لم تقتصر على سقوط الضحايا، بل امتدت لتطال حياة آلاف المدنيين الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للفرار بحثًا عن الأمان.
منسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، وصف الوضع في المدينة بأنه "مأساوي"، موضحًا أن القتال منذ 27 نوفمبر تسبب في مقتل وجرح العشرات، بمن فيهم النساء والأطفال، وتعطيل الخدمات الأساسية.
ودعا عبد المولى جميع أطراف النزاع إلى وقف الأعمال العدائية فورًا وتحديد أولوية حماية المدنيين، بما يشمل العاملين في المجال الإنساني. وأضاف: "يجب منح الحوار فرصة، فلا يمكن للشعب السوري أن يتحمل المزيد من هذه المآسي".
تأثير الأحداث على الحياة اليومية
أدى التصعيد الأخير إلى تدهور كبير في الخدمات الأساسية بمدينة حلب والمناطق المحيطة بها. أُغلق الطريق السريع M-5 الذي يربط بين دمشق وحلب، مما عزل مدينة سراقب عن حلب.
كما فُرض حظر تجول يومي الجمعة والسبت، وتوقفت جميع الأنشطة العامة، بما في ذلك المدارس والجامعات.
في المستشفيات، ازدادت الأوضاع سوءًا مع اكتظاظها بالجرحى ونقص في الموارد الطبية، بينما تعطلت الأنظمة المصرفية، مع نفاد النقود من البنوك وأجهزة الصراف الآلي، ما أضاف مزيدًا من الصعوبات على السكان.
نزوح جديد يعمق الجراح
أوضاع النازحين في سوريا تزداد سوءًا مع كل تصعيد جديد، إذ أصبح العديد منهم يواجه صدمات متكررة نتيجة النزوح المتكرر. عبد المولى أكد أن هذا التصعيد يأتي في وقت يعاني فيه السوريون بالفعل من ضغوط هائلة، مشيرًا إلى أن أكثر من 16.7 مليون شخص كانوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية قبل هذا النزوح الأخير.
وأضاف: "منذ سبتمبر، عاد أكثر من نصف مليون لاجئ من لبنان، ومع ذلك، يواجه هؤلاء النازحون الآن ظروفًا جديدة من العنف والتشريد، ما يجعل الوضع أكثر إلحاحًا".
إنقاذ ما يمكن إنقاذه
في ختام تصريحاته، شدد عبد المولى على ضرورة التحرك الفوري لإنهاء العنف ومنح الحوار السياسي فرصة حقيقية. وأكد أن الأزمات المتراكمة في سوريا تحتاج إلى استجابة دولية عاجلة ومنسقة لإنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة السكان.
الشعب السوري، الذي تحمل صدمات الحرب على مدى سنوات طويلة، بات بحاجة ماسة إلى السلام والاستقرار، وليس المزيد من التصعيد والمعاناة.