الانفصال العائلي في العصر الرقمي.. خطورة الهواتف الذكية
يشكل العصر الرقمي، تحديًا كبيرًا للعلاقات العائلية، حيث تؤثر الهواتف الذكية سلبًا على التفاعل بين أفراد العائلة، مما يؤدي إلى الانفصال العاطفي والانخفاض في الجودة العائلية، في وقت يحتاج فيه الأفراد إلى تواصل حقيقي وتفاهم عميق.
مواقع التواصل الاجتماعي
أخذت مواقع التواصل الاجتماعي، حيزاً كبيراً في الحياة الانسانية، لكونها تتخلل أغلب جوانب الحياة، فقد أصبحت ذات تأثير كبير في الحياة ولاسيما الشخصية منها؛ إذ أصبح الفرد يمارس أغلب أعماله ونشاطاته عن طريق استخدام التقنية والمعلوماتية، حتى انسحب تأثيرها على المستوى الشخصي للفرد، واخترقت حياتهُ الشخصية.
وكانت الهواتف، منذ فترة ليست بعيدة تحمل من قبل الناس من أجل الاتصال وإرسال الرسائل النصية فقط، أما اليوم فباتت الهواتف الذكية في متناول معظم الناس، سواء لضرورة العمل أو الترفيه، فهي تجعل المرء على اتصال دائم بالعالم الخارجي من خلال الإنترنت التي توفر للمرء تصفح كل ما يريد طوال الوقت، الأمر الذي أثر سلباً في الحياة الاسرية، وأدى بحسب الكثير من الدراسات الى ما يعرف بالخرس الاجتماعي بين أفراد الاسرة الواحدة.
الحوار الأسري هو نواة نجاح كل أسرة
كان الحوار الأسري، هو نواة نجاح كل أسرة لأنه يشعر أفراد الأسرة بالأمان والدفء والطمأنينة، ويخلق نوعاً من العمل الجماعي يشترك فيه كل أفراد الأسرةلكن اختفاءه يحدث فجوة كبيرة ويفقد الابناء الترابط الأسري والعلاقات الدافئة بينهم.
ونجد صعوبة في التعامل مع الأبناء، عندما يفقدون الثقة في آبائهم ويصبح توجيهاتهم للأبناء مرفوضة بل ومكروهة ويكون الابناء عرضة لتأثير الآخرين عليهم ويقودونهم للانحراف واللامبالاة، مما يترتب عليه متاعب نفسية واجتماعية فالأساليب الخاطئة في التربية والتعامل بشدة وصرامة يفقد الابن الإحساس بالثقة بنفسه ولا يجد الأمان بين أسرته لأن نجاح أي بيت هو انسجام الحالة الحوارية بين أفراد الأسرة والصداقة المبكرة بين الأبناء والآباء هي البيئة الداعمة التي تخلق لغة حوار مفهومة وواضحة.
تحديد وقت للهاتف في حياة الأشخاص
يجب تحديد وقت للهاتف في حياة الشخص، فيجب ألا يأخذ هذا الجهاز الكثير من وقت الانسان، اذ يجب أن يحدد الانسان وقتاً لمكالماته أيضاً، فيجب ألا تزيد مكالمة الهاتف على ثلاث دقائق، لانها تؤثر في علاقات الناس وفي اجتماعاتهم.
كما أنه يلزم إغلاق الهواتف، في أوقات محددة في المنزل وتخصيص الوقت للأسرة، لأن الهاتف النقال اختراع يربط المرء مع كل العالم حوله، ويفرض عليه التبعية للهاتف، وكذلك وجوب الرد أو معاودة الاتصال.
سلبيات الهواتف الذكية
تعتبر هذه الوسائل، فهي مخاطر الاحتيال وسرقة الهوية، واضاعة وهدر كبير للوقت، اختراق واضح للخصوصية، بالإضافة إلى، التأثير الواضح في العلاقات الأسرية والزوجية، وكذلك العزلة الواضحة والاكتفاء بجهاز الموبايل، وعليه يبقى الفرد هو من يحدد مدى الاستفادة من هذه التقنية الجديدة، واستخدامها في وجهتها الصحيحة، عن طريق تحقيق الاستفادة الكاملة من هذا التقدم التقني، الذي حقق مكانة تحسب لهُ في معظم الدول، والابتعاد عن ما هو سلبي قدر الامكان.
تأثيرها السلبي على الدراسة
وتجدر الاشارة إلى، إنّ الأسرة والمدرسة تقومان بدور أساسي في تكوين مدارك الإنسان وثقافته، وتسهمان في تشكيل القيم والأخلاق التي يتمسك بها ويتخذها كمقومات للسلوك الاجتماعي بما فيها علاقات الآباء بالأبناء؛ لكن اليوم انتقل جزء كبير من هذا الدور إلى شبكات الإنترنت والهواتف الذكية، الأمر الذى حلَّ محل الحوار والمحادثة بين أفراد الأسرة الواحدة.
وأدى ذلك إلى، توسيع الفجوة والصراع بين الآباء والأبناء، وتقصيرهم في واجبهم تجاه أبنائهم وبناتهم في التربية والتوجيه؛ في المقابل فإنَّ انشغال أفراد الأسرة بوسائل التواصل، أدى إلى تقصيرهم مع والديهم في البر والطاعة ،ومن مظاهر تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأسرة ظاهرة التباعد الأسري، إذ أصبح الحديث بين أفرادها مقتصراً على الأحاديث الضرورية والمختصرة، وغابت الجلسات العائلية الحميمة بين أفراد الأسرة الواحدة.
كما أصبح لكل فرد فيها تفضيلاته الخاصة، وقامت وسائل التواصل الاجتماعي بتعزيز العزلة والتنافر بين أفرادها،وتلاشي قيم التواصل الأسري، واستبدل الأبناء الانترنت بآبائهم كمصدر للمعلومات، وفقدوا الترابط الأسري وقاموا بتفضيل الحوار مع الغرباء، واستخدام بعض التطبيقات التي تتيح للشخص تقمص شخصية وهمية، تتيح له التفاعل مع مجتمع وهمي وأصدقاء وهميين.
تأثيره على الأطفال
إنَّ قضاء الأطفال والمراهقين، أوقاتاً طويلة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يؤثر في دور الأسرة في نقل ثقافة المجتمع إليهم، وإكسابهم المهارات المختلفة، وتنمية سلوك الأبناء وغرس القيم والأخلاق لديهم، كما يؤثر في دور الأسرة في مراقبة الأبناء ومتابعتهم، نضيف لذلك أيضاً إنَّ متابعة الأطفال للمشاهد العنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي تزرع الخوف في نفوسهم، فهي تزيد منالمشكلات السلوكية.
وأظهرت النتائج أن، من تأثيراتها السلبية تقليل الحوار البيني التفاعلي بين أفراد الأسرة بنسبة (65.5%)،وأن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الأبناء يؤدي إلى تغيير سلبي في سلوكهم بسبب عزلتهم بنسبة (60%)
وتجدر الإشارة إلي، إنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تمتلك من الايجابيات مثل امتلاكها للسلبيات وتتمثل في توسيع قاعدة العلاقات الاجتماعية، تقليل الحواجز التي تعيق الاتصال وسيلة لتشكيل رأي عام فعّال، ووسيلة فعالة للترويج، متابعة أخبار العالم وتطوراتها، ولوصول للمعلومات في أي وقت وأي مكان سهولة التواصل بين جميع الافراد على اختلاف طبقاتهم واعراقهم ودياناتهم.