الخميس 16 يناير 2025 الموافق 16 رجب 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

العبادة الحيوانية بين الدفن والرمزية تكشف معنى دفن الحيوانات ما قبل التاريخ

دفن الحيوانات
دفن الحيوانات

يبحث العديد من المواطنين في حضارة بلاد الرافدين واحدة من أقدم الحضارات، وكان لها اهتمام كبير بالحيوانات لأنها حضارة معتمدة على الزراعة، وتم العثور على دفنات لحيوانات فما معنى ذلك؟

كتاب "العبادة الحيوانية بين الدفن والرمزية فى مصر وبلاد الشام والعراق.. فى عصور ما قبل التاريخ" لـ زينب عبد التواب رياض: 

لماذا يدفن الثيران والأبقار؟

كانت دفنات الثيران والأبقار قد عُثر عليها في مصر بدءًا من العصر الحجري القديم، وفي بلاد الشام بدءًا من المرحلة النطوفية، فإنها في بلاد الرافدين لم تكن على غِرار ما كان عليه الوضع في مصر وبلاد الشام؛ فمنذ العصرِ الحجريِّ النحاسيِّ بدأ ظهور العديد من الحضارات التي كان منها حلف والعبيد والوركاء.

وفي هذا العصر احتلَّت الحيوانات مكانةً هامةً، ونشأت في تلك الفترة عبادة الخصب المميزة للمزارعين، المتصلة بعبادة الثور والمرتبطة بتقديس الأمومة، وهي من البوادر الفكرية الهامة للمجتمعات الزراعية، التي بقيت ملازمةً لمواقع هذا العصر.

جماجم الثيران

ففي العرباجية اعتُبرت جماجم الثيران من الرموز الدينية الهامة التي كانت شائعة، والتي كانت لها قدسيتها آنذاك،  فقد عُثر على جمجمةٍ حيوانيةٍ وأجزاءٍ من عظام فقرات الظهر في واحدةٍ من الدفنات الآدمية التي تُؤرَّخ بعصرِ حضارةِ العبيد، كانت الجمجمة الحيوانية قد وُضِعت أسفل رأس المتوفَّى.

وفي المقبرة رقم G.47 وجبَّانة الأرباخية أيضًا، عُثر على فكٍّ لحيوانٍ من فصيلة الماشية، كان قد وُضِع أعلى عظامِ فكِّ دفنةٍ آدميةٍ كان قد عُثر عليها بالمقبرة، ويُحتمل أن يكون هذا الفك نوعًا من القربان الحيواني، هذا، ولقد كانت أغلب الدفنات الآدمية التي عُثر عليها بالجبَّانة مزودةً بأجزاءٍ حيوانيةٍ.

البقايا العظمية للحيوانات

وعُثر على الكثير من البقايا العظمية لحيوانات من فصيلة الماشية، كانت قد أُلحِقت بالعديد من الدفنات الآدمية التي عُثر عليها أسفل أرضيات منازل هذا الموقع، ومن دراستها تبيَّن أنها كانت بمثابةِ نوعٍ من القربانِ الحيوانيِّ كطعامٍ للمتوفَّى.

ولقد كان للثور لا سيما في حضارة حلف دورٌ هامٌّ في معتقدات أهل هذا العصر؛ إذ كثيرًا ما عُثر على جماجمِ ثيرانٍ كانت قد دُفنت في بعض المناطق، ليس فقط في المقاﺑر، بل وبالمعابد أيضًا، هذا بخلاف كثرةِ ما عُثر عليه من بقايا عظميةٍ للثيران في مواقعَ عدةٍ عكست قيمته الاقتصادية.

ففي الوركاء، عُثر على الكثير من بقاياه العظمية التي جاءت مختلطةً ببقايا عظميةٍ لحيوانات أخرى.

وظهر ما يُعرف بالقربان النذري في العديد من المقابر التي تُؤرَّخ بعصر حضارة العبيد بجبَّانة أريدو؛ إذ عُثر على هيئاتٍ حيوانيةٍ من الفخار، لا سيما لأبقارٍ، وذلك في دفنات عدة وكان في وجودها دليلٌ على ثراء تلك المقابر؛ ففي تبَّة ياريم عُثر على الكثير من البقايا العظمية الحيوانية، لماشيةٍ ومَعْزٍ وقرونِ ثيرانٍ.

وكانت قد أُلحِقت بالعديد من الدفنات الآدمية التي عُثر عليها بالموقع، هذا بخلافِ ما عُثر عليه بين تلك الدفنات الآدمية، من حُفرٍ صغيرةٍ بها عظامٌ حيوانيةٌ وآثارُ احتراقٍ، وبعض الكِسَر الفخارية، ولم يُستطع بعدُ تفسيرُ الغرضِ منها.

القرون الحيوانية

وكان للقرون الحيوانية مغزاها الطقسيُّ؛ إذ إنه كما عُثر على قرونٍ حيوانيةٍ في بعض دفنات تبَّة ياريم، فقد عُثر في أساس المعبد الأبيض على قرنِ حيوانٍ يحمل آثارًا لبعض الألوان، وكأنه عملٌ فنيٌّ نُفِّذ من هذا القرن الحيواني.

عصرِ ما قبل وبدايةِ الأسرات

كانت الحيوانات قد اتَّخذت مكانةً وأهميةً كبرى؛ إذ زادت الرمزية واتسعت التخيُّلات والأساطير المرتبطة بالحيوانات، فأصبح للحيوان دوره الدينيُّ الذي انقسم إلى دورٍ سلبيٍّ وآخرَ إيجابيٍّ؛ ففيه الشرُّ وفيه الخير، وأصبح الحيوان في ذلك العصر بمثابة حلقة الوصل التي ربطت ما بين عالم الإنسان وعالم الآلهة.

وتوقَّفت صلةُ الإنسان بالحيوان وبعالم الآلهة من خلالِ ما كان يقدَّم من أضاحٍ حيوانيةٍ، قصدوا بها أحيانًا القضاءَ على الشر، وأحيانًا أخرى إرضاءَ أرواح الموتى وأرواح الآلهة. 

وقد ظهرت في المقابر الملكية إحدى عادات الدفن الغريبة، التي تمثَّلت في دفن الخَدَم والأتباع، بل والحيوانات، مع الملوك، باعتبارهم متاعًا جنائزيًّا.

ففي أور عُثر على العديد من المقابر الملكية التي دُفن فيها الخَدَم، والعربات الحربية التي تجرُّها الثيران، مع الملوك؛  ففي المقبرة الملكية رقم PG/580 بأور، عُثر على هيكلٍ عظميٍّ لثورٍ، كان في حالةٍ سيئةٍ من الحفظ، وعُثر إلى جواره على بقايا خشبيةٍ لعربةٍ، وبالقرب من هذه المقبرة، عُثر على ما يُعرف بحُفَر الموت.

وفي واحدةٍ من تلك الحُفَر عُثر على ثلاثٍ من جماجم الثيران. ويرى Woolley أنَّ هذه الحفرة بجماجم، إنما هي حفرةٌ خاصةٌ بتقديم الأضاحي الحيوانية.

تم نسخ الرابط