فرنسا تسلط الضوء على الشراكة الاستراتيجية في صدارة أجندة ماكرون بمصر

بالتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر التي بدأت أمس الأحد (6 أبريل الجاري) وتستمر لمدة 48 ساعة، سلطت الصحف ووسائل الإعلام الفرنسية مساحات واسعة للحديث عن أهداف وتفاصيل هذه الزيارة، التي تعد الرابعة للرئيس الفرنسي إلى القاهرة منذ توليه منصبه.

وقد ركّزت التغطيات الإعلامية الفرنسية بشكل أساسي على محورين رئيسيين، وهما الملف الإنساني في غزة ودعم خطة إعادة الإعمار العربية للقطاع، إضافة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية بين البلدين.

الهدف الأول لزيارة ماكرون 

أبرزت صحيفة "ويست فرانس" أن ماكرون يرغب في "إظهار دعم" من أجل "وقف إطلاق النار في غزة" والاستجابة "للحالة الطارئة"، كما أوضح قصر الإليزيه في بيان رسمي، مشيرة إلى وصف ماكرون لاستئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية في 18 مارس الماضي بعد شهرين من الهدنة بأنه "تراجع مأساوي".

من جهته، ذكر موقع "أكتو" الإخباري الفرنسي، أن زيارة ماكرون لمصر تتضمن جانبًا سياسيًا لدعم الخطة العربية للقطاع الفلسطيني في مواجهة طموحات دونالد ترامب المثيرة للجدل، وجانبًا إنسانيًا للمطالبة برفع الحصار عن المساعدات.

وتابع الموقع أن الباحث محمد مرعي، مدير المرصد المصري التابع للمركز المصري للتفكير والدراسات الاستراتيجية، يؤكد أن "مصر في قلب كل الجهود الرامية أساسًا إلى تحقيق خفض التصعيد أو وقف إطلاق النار أو الوقف الكامل لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس".

تأكيد على الخطة العربية

وفقاً لشبكة "فرانس إنفو" الفرنسية، يُتوقع أن يشارك ماكرون والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قمة ثلاثية "استجابة للوضع الطارئ في غزة" مع ملك الأردن عبد الله الثاني، الذي يعتبر "شريكًا لا غنى عنه لحل النزاع".

وذكرت الشبكة أن القمة ستناقش الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، التي تم تبنيها في أوائل مارس المنقضي وتُقدم كبديل لمشروع دونالد ترامب الذي يقترح وضع القطاع تحت السيطرة الأمريكية و"تنظيفه".

وأكد الرئيس الفرنسي في 20 مارس أن "الخطة الخاصة بغزة التي وضعتها الدول العربية هي عنصر ندعمه"، غير أن باريس تدعو إلى "تعزيزها" فيما يتعلق بـ"الأمن" و"الحوكمة" بعد انتهاء الحرب.

زيارة رمزية وتركيز على الوضع الإنساني بالعريش

أوضحت صحيفة "لوفيجارو" أن ماكرون سيتوجه غدًا الثلاثاء إلى مدينة العريش المصرية، شمال شبه جزيرة سيناء، على بُعد 50 كيلومترًا من معبر رفح الذي من المفترض أن تمر منه المساعدات الإنسانية إلى غزة، التي توقفت مرة أخرى.

كما أشارت الصحيفة إلى أن هذه الزيارة ذات رمزية عالية، إذ تقع على بُعد 50 كيلومترًا من قطاع غزة الذي دُمر ثلاثة أرباعه بفعل 18 شهرًا من القصف الإسرائيلي، وستكون فرصة للتأكيد على تعبئة إيمانويل ماكرون "من أجل وقف إطلاق النار" بين الدولة العبرية وحماس.

ووفقاً لـ"فرانس إنفو"، سيلتقي الرئيس الفرنسي في العريش، الميناء الذي يعمل كقاعدة خلفية للمساعدات المتجهة عبر نقطة رفح بين مصر وغزة، بأعضاء من المنظمات غير الحكومية الفرنسية، والأمم المتحدة، والهلال الأحمر المصري، وربما أيضًا "المستفيدين" الفلسطينيين من العمل الإنساني، بحسب الإليزيه.

وسيؤكد ماكرون "التزام فرنسا بمواصلة دعمها الإنساني للسكان الغزاويين" ويدعو "إلى إعادة فتح نقاط العبور لتوصيل الشحنات الإنسانية إلى غزة".

تعزيز العلاقات بالشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا

لم تقتصر تغطية الصحافة الفرنسية على الجانب السياسي والإنساني للزيارة، بل تطرقت أيضًا إلى الجانب الاقتصادي، إذ ذكرت صحيفة "ليزيكو" الفرنسية أن الرئيس الفرنسي يأمل في الاستفادة من إقامته لتسهيل أعمال عدد من المجموعات الفرنسية.

وأشارت إلى أن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي ووزير النقل والصناعة كامل الوزير التقيا أمس الأحد هنري بوبار-لافارج، الرئيس التنفيذي لشركة "ألستوم"، الذي سيرافق الوفد الرئاسي.

وأضافت صحيفة "لوفيجارو" أن للزيارة جانبًا اقتصاديًا مهمًا، كما يتضح من حضور وزراء الصحة كاترين فوتران، والنقل فيليب تابارو، والبحث فيليب بابتيست.

ومن المقرر توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية في مجالات النقل والصحة أو الطاقات المتجددة، إضافة إلى اتفاقيات بين جامعات البلدين.

وأوضحت "فرانس إنفو" أن وفدًا من منظمة أرباب العمل الفرنسية (ميديف) سيشارك في الرحلة، في هذا البلد الذي تعمل فيه نحو 180 فرعًا لشركات فرنسية توظف أكثر من 50 ألف شخص، وفقًا لوزارة الاقتصاد الفرنسية، ويُتوقع توقيع اتفاقيات اليوم في عدة قطاعات، من بينها النقل.

ماكرون في سوق القاهرة مصرية عريقة 

نشر موقع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية مقطع فيديو مميزًا بعنوان "صور إيمانويل ماكرون في سوق القاهرة مع الرئيس المصري"، وثّق من خلاله جولة الرئيس الفرنسي في سوق خان الخليلي التاريخية بمصاحبة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وأظهرت اللقطات الزعيمين وهما يتجولان في أرجاء السوق العريقة وسط استقبال حافل من المواطنين المصريين وتصفيق حار، ولفتت الصحيفة إلى أن هذا اللقاء، الذي جاء على شكل عشاء لم يكن معلنًا عنه مسبقًا، يعكس عمق العلاقات بين البلدين ورغبة الرئيس الفرنسي في التواصل بشكل مباشر مع الثقافة المصرية الشعبية.

وتوضح الصحيفة أن هذه الزيارة غير الرسمية للسوق المصرية الشهيرة تأتي لتضفي طابعًا إنسانيًا على الزيارة الرسمية التي تهيمن عليها الملفات السياسية والاقتصادية الشائكة.

تتويج بشراكة استراتيجية

وختاماً، أشارت صحيفة "سود ويست" (Sud Ouest) إلى أن هذه الزيارة ستكون أيضًا مناسبة لرفع العلاقات الفرنسية المصرية إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية"، ومن المقرر توقيع اتفاقيات اليوم الاثنين في مجالات النقل وتحول الطاقة والصحة والتعاون الجامعي.

وذكرت صحيفة "ليزيكو" أن مصر هي واحدة من الدول الإفريقية التي زارها إيمانويل ماكرون أكثر من غيرها خلال فترتي رئاسته، حيث تعد هذه زيارته الرسمية الرابعة.