جدل ناري في إسرائيل.. نجل نتنياهو يلمّح لتورط يساريين في حرائق القدس
في تصعيد جديد للخطاب السياسي داخل إسرائيل، وجّه يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اتهامات مثيرة للجدل لليسار الإسرائيلي، زاعمًا وقوفه وراء سلسلة الحرائق التي اجتاحت مناطق واسعة من مدينة القدس مؤخرًا، في خطوة اعتبرها محاولة متعمدة لإلغاء احتفالات ما يسمى بذكرى «الاستقلال» الإسرائيلي، التي تتزامن مع ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني.
تغريدة مشتعلة على «إكس»
وجاءت تصريحات يائير عبر تغريدة نشرها على حسابه الرسمي بمنصة «إكس» «تويتر سابقًا»، قال فيها: «يحاول اليسار الكبلاني منذ أسابيع إلغاء احتفالات الاستقلال ومراسم المشاعل، آمل أن تكون هجمات الحرق العمد قد صدرت من العرب فقط، دون تعاون من الإسرائيليين اليهود».
هذا التصريح فتح الباب على مصراعيه أمام موجة من الانتقادات والردود الغاضبة داخل الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، وسط تساؤلات عن مسؤولية نجل رئيس الوزراء في تأجيج الانقسام الداخلي، ونشر معلومات غير مؤكدة، دون وجود أي أدلة أو تصريحات رسمية تدعم ادعاءاته.
نفي رسمي وتأكيد على سوء الأحوال الجوية
في المقابل، أصدرت جهات رسمية إسرائيلية توضيحات أكدت فيها أن قرار إلغاء مراسم إضاءة المشاعل لهذا العام جاء بناءً على تقييمات الطقس والظروف الجوية غير المستقرة، وليس بسبب سلسلة الحرائق الأخيرة.
وأشارت الجهات المختصة إلى أن سرعة الرياح ومخاطر اندلاع حرائق جديدة دفع السلطات إلى اتخاذ هذا القرار من باب الحرص على السلامة العامة، دون وجود خلفيات سياسية.
ردود فعل غاضبة
وسائل الإعلام العبرية لم تتأخر في التقاط التغريدة المثيرة ليائير نتنياهو، حيث تصدرت عناوين الصحف والمواقع الإخبارية، وسط موجة انتقادات واسعة، خاصة من أوساط اليسار ومن نشطاء حقوقيين ومعلقين سياسيين.
وفي هذا السياق، وصف الصحفي الإسرائيلي بن كسبيت تغريدة يائير بـ«التحريضية»، معتبرًا أنها تفتقر إلى المسؤولية وتعمل على تعميق الشرخ الاجتماعي بين مكونات المجتمع الإسرائيلي.
وقال في مقال نشره بصحيفة «معاريف»: «حين يلعب ابن رئيس الوزراء بالنار حرفيًا ومجازيًا، على الجميع أن يقلق. الاتهامات الخطيرة كهذه يمكن أن تُستخدم لتبرير عنف داخلي أو عمليات انتقامية».
يائير نتنياهو والسجل الطويل من الجدل
ولم تكن هذه الحادثة الأولى التي يثير فيها يائير نتنياهو الجدل بتصريحاته النارية. فقد اعتاد نجل رئيس الوزراء على الإدلاء بتصريحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تثير حالة من السجال والانقسام، سواء ضد المعارضة الإسرائيلية أو حتى مؤسسات الدولة نفسها، بما فيها القضاء والإعلام والشرطة.
ويُتهم يائير باستخدام منصته الإلكترونية كأداة لتصفية الحسابات السياسية، والترويج لنظريات مؤامرة دون سند، ما يجعله شخصية غير مرغوبة لدى قطاعات واسعة من الإسرائيليين، حتى من داخل المعسكر اليميني المعتدل.
انعكاسات سياسية محتملة
ويرى محللون أن تصريح يائير الأخير قد يؤثر بشكل غير مباشر على صورة والده، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لا سيما في وقت تعاني فيه الحكومة الإسرائيلية من ضغوط داخلية متزايدة على خلفية الأوضاع الأمنية المتدهورة في غزة، والانقسامات السياسية الحادة، والتظاهرات المتواصلة ضد خطط الحكومة لإضعاف استقلال القضاء.
وقد اعتبر بعض المراقبين أن تصريحات يائير تعكس توترًا داخل بيت نتنياهو نفسه، وربما تعبر عن محاولات لتوجيه الأنظار بعيدًا عن الإخفاقات السياسية والأمنية التي تواجهها الحكومة، وذلك بإلقاء اللوم على أطراف معارضة.
في الخلفية.. نكبة مستمرة
تأتي هذه الأحداث في وقت يُحيي فيه الفلسطينيون الذكرى الـ77 للنكبة، التي تمثل مأساة تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من أراضيهم عام 1948، بالتزامن مع احتفالات إسرائيل بما تسميه «يوم الاستقلال».
ما يزيد من حساسية التوترات في القدس والمدن المختلطة، ويجعل من أي تصريحات أو إشارات مثل تلك التي أدلى بها يائير نتنياهو، مادة خطيرة يمكن أن تؤجج الصراع الداخلي.
دعوات للمحاسبة
من جانبهم، طالب عدد من نواب الكنيست والناشطين السياسيين بمساءلة يائير نتنياهو قانونيًا، مشيرين إلى أن تصريحاته قد تُشكل تحريضًا على العنف والكراهية.
كما دعت شخصيات من داخل حزب «الليكود» إلى ضرورة ضبط تصريحات المقربين من رئيس الوزراء، حتى لا تنعكس سلبًا على صورة الحزب في الداخل والخارج.
