تجمع الأحزاب الليبية يتهم بعثة الأمم المتحدة بـ«التحول إلى طرف سياسي»

في تصعيد جديد للمواقف السياسية تجاه الدور الأممي في ليبيا، اتهم تجمع الأحزاب الليبية، بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بالخروج عن دورها المفترض كوسيط نزيه بين الأطراف الليبية، وتحولها إلى طرف سياسي منحاز يعمّق الانقسام ويدفع نحو إعادة إنتاج الأزمة بما يتوافق مع مصالح دولية متضاربة.
جاء ذلك في بيان شديد اللهجة أصدره التجمع، مساء السبت، ردًا على ما اعتبره «مواقف منحازة» وردت في بيان البعثة الأخير بشأن قرارات المجلس الرئاسي الليبي، حيث وصفت البعثة تلك القرارات بأنها «إجراءات أحادية الجانب» تثير القلق حول الالتزام بالمسار السياسي القائم.
«الذهنية الوصائية» والعبث بالسيادة
ووصف التجمع في بيانه أداء البعثة بأنه لم يعد يخفي ما أسماه «الذهنية الوصائية»، قائلا إن البعثة أصبحت تتعامل مع ليبيا «كغنيمة يتقاسمها السماسرة الدوليون»، في إشارة إلى تدخلات خارجية قال إنها تُمارس تحت غطاء أممي لإطالة أمد الأزمة السياسية.
وأضاف التجمع: "في كل مرة يقترب فيها الليبيون من إعادة ترتيب بيتهم الداخلي بأيديهم، تتدخل البعثة لإجهاض هذه المحاولات، في تكرار واضح لنمط من التدخلات يُراد له أن يُصبح أمرا واقعًا".
ازدواجية في المعايير
واستعرض البيان ما وصفه بـ«الازدواجية» في مواقف البعثة الأممية، حيث قال إن البعثة لا تهاجم سوى المبادرات السياسية الليبية المستقلة، التي لا تمر عبر قنوات التبعية الدولية، بينما تغض الطرف عن الانتهاكات والتدخلات التي تُمارس تحت عباءة ما يسمى بـ«الدعم والتسهيل الدولي».
وتساءل التجمع: «أين كانت البعثة حين تم ابتزاز القرار الوطني الليبي بمواقف خارجية؟ ولماذا لم نسمع صوتها حين جرى التلاعب بخارطة الانتخابات وتفريغ المؤسسات من دورها؟»، مؤكدًا أن «من يريد دعم الاستقرار لا يُشعل الحرائق في لحظة التوافق».
هجوم على موقف البعثة من المجلس الرئاسي
ورفض التجمع بشدة ما ورد في بيان البعثة بشأن قرارات المجلس الرئاسي، والتي وصفتها بأنها «غير متوافقة مع التوافق الوطني»، معتبرًا أن هذا الموقف الأممي «ينطوي على تناقض صارخ»، إذ كيف يمكن اتهام المجلس بتجاوز صلاحياته مع الاعتراف في الوقت ذاته بانتهاء صلاحية هذه المؤسسات، وفق تعبير البيان.
واعتبر التجمع أن هذا الاتهام هو انعكاس لما وصفه بـ"عقلية استعمارية حديثة"، ترى في أي قرار ليبي حرّ تهديدًا مزعومًا للوحدة، بينما تصمت إزاء مشاريع التقسيم التي تُدار خلف الستار، على حد قوله.
دعوة إلى مراجعة دور البعثة
وختم تجمع الأحزاب الليبية بيانه، بالدعوة إلى تحرك سياسي وشعبي واسع في ليبيا، لمراجعة دور بعثة الأمم المتحدة وإعادة تقييم مهامها على الأرض، بما يضمن احترام السيادة الوطنية والكف عن ما وصفه بـ"العبث بمصير الوطن".
وقال البيان الختامي: "كفى صمتًا، كفى وصاية، كفى عبثًا بمصير الوطن. آن الأوان لأن تستعيد ليبيا قرارها وتكتب مستقبلها بأيدي أبنائها بعيدًا عن إرادات الخارج".
خلفية التوتر
يأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه المشهد السياسي الليبي حالة من الجمود والتأزم، في ظل تعثر المسار الدستوري، واستمرار الخلافات حول شرعية المؤسسات، وغياب توافق داخلي على آليات تنظيم الانتخابات المنتظرة.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، قد أصدرت بيانًا منذ أيام، دعت فيه إلى الالتزام بالمسار التوافقي، وعبّرت عن «قلقها» إزاء قرارات المجلس الرئاسي الأخيرة، ما أثار ردود فعل غاضبة من عدة أطراف ليبية، اعتبرت أن البيان الأممي انحياز غير مبرر وتدخّل في شؤون داخلية.
ويرى مراقبون أن هذا الموقف العلني من التجمع قد يفتح الباب أمام مزيد من الضغوط الداخلية لإعادة النظر في دور البعثة الأممية، خاصة إذا تفاعلت قوى أخرى معه، في وقت بات فيه الاستياء من المجتمع الدولي متصاعدًا داخل الأوساط السياسية والشعبية الليبية.