نبيل أبوالياسين: يحذر من سيناريو خطير ويصف مزاعم الوطنية لـ «البرهان وحميدتي» بالزائفة
كتب - محمد جوده
إن الرجلان اللذان يتهم كل منهما الآخر بإطلاق الطلقة الأولىّ في الإشتباكات المزعومة، يحملان مصير "السودان" بأيديهما، وقد ينتهي هذا الصراع الدموي فقط عندما يفوز أحدهم في هذه المعركة.
وأتساءل لماذا إندلع القتال في هذا التوقيت ومن أجج الخلاف بين الجنرالين؟، فقد جاءت أعمال العنف بعد أيام من التوتر مع إعادة إنتشار قوات الدعم السريع في أنحاء البلاد الأسبوع الماضي في خطوة إعتبرها الجيش النظامي تهديداً.
وكان هناك بعض الأمل في أن المحادثات يمكن أن تحل الوضع ولكن هذه لم تحدث أبداً، وتساءلات حول المتنازع عليه ومن أطلق الطلقة الأولىّ صباح "السبت"؟، ومن وراء تصاعد القتال منذ ذلك الحين في أجزاء مختلفة من البلاد؟.
فإن القتال الذي إندلع في العاصمة الخرطوم، وأماكن أخرىّ في البلاد هو نتيجة مباشرة لصراع شرس على السلطة داخل القيادة العسكرية للبلاد.
وبدل ما يقوموا بحماية الوطن يطفئون نور الفرحة على شعوبهم «البرهان وحميدتي»، ووقعت الإشتباكات بين الجيش النظامي، وقوات شبه عسكرية تسمىّ قوات الدعم السريع،
وأودىّ الصراع هذا بحياة أكثر من "400" شخص بينهم أمريكي قبل إعلان الهدنة المزعومة ووقف إطلاق النار، و"3500" على الأقل أصيبوا في الأيام الستة الماضية وحدها.
وفق منظمة الصحة العالمية، ومن المتوقع أن تكون أعداد الضحايا والمصابين الحقيقية أعلىّ من ذلك بكثير.
ومخاوف من صراع أوسع قد يزعزع إستقرار المنطقة بأكملها، فإن قتال الجنرالين تحت مزاعم كلاهُما بالوطنية "الزائفة" كان شبه متواصل.
وهزت الضربات الجوية وإطلاق النار والمدفعية العاصمة الخرطوم، ولكن العنف إمتد إلى مناطق أخرىّ أيضاً.
فإن دولة السودان الشقيقة التي تقع في شمال شرق إفريقيا وهي أحد أكبر الدول في القارة، حيث تغطي مساحة 1.9 مليون كيلومتر مربع، وهي أيضاً واحدة من أفقر دول العال.
حيث يعيش سكانها البالغ عددهم 46 مليون نسمة بمتوسط دخل سنوي يبلغ "750 "دولاراً للفرد، وغالبية سكان السودان من المسلمين وتعُد اللغات الرسمية للبلاد هي العربية والإنجليزية.
ومنذ ما تم وصفة من السودانيين بإنقلاب 2021، يدير السودان مجلس جنرالات بقيادة الجنرالات الذين هم في قلب هذا الخلاف، الفريق أول "عبد الفتاح البرهان"قائد القوات المسلحة والواقع رئيس البلاد.
ونائبه قائد قوات الدعم السريع الفريق "محمد حمدان دقلو" المعروف بأسم "حميدتي"، وكلاهما يدعون الوطنية وشهوة السلطة أهدافهم، ويتمتع الثنائي المتناحران على السلطة
بتاريخ طويل من إرتكاب الفظائع في المناطق الخارجية من البلاد، ونأمل ألا تتكرر هذا الفظائع في العاصمة الخرطوم، حيث يقاتلون الآن على السلطة بدلاً من التخلي عنها للمدنيين.
وهناك قاسم مشترك بين الجنرالات المتقاتلين على السلطة الآن في السودان دور قيادي في"دارفور" حيث إنتشرت الفظائع، من قتل وأمور أخرى شديدة الشناعة، وإنقلاب"2021 " الذي أوقف أوعرقل الإنتقال الموعود إلى الحكم المدني.
ونراهم الآن يتشاركون في اللامبالاة الواضحة تجاه الحياة المدنية، والبلاد التي أوشكت على الإنهار، في المرة الأخيرة التي يُقاتل فيها رئيس عسكري ونائبه في السودان، قُتل حوالي 400 ألف شخص.
وكان ذلك في جنوب السودان، والآن نشاهدهم في صراع دموي على السلطة قد يزعزع إستقرار المنطقة، ويخوضان المنافسان العسكريان، اللذان تدرس في ميادين القتل في دارفور ، صراعاً نحذر من أنه يمكن أن يتصاعد إلى صراع شامل، يهدد الأمن في جميع أنحاء المنطقة.
ولقد وحدوا"البرهان، وحميدتي" قواهم في إنقلابين الأول ضد الرئيس السابق "عمرالبشير" في عام 2019، بعد شهور من الإحتجاجات التي إندلعت في الشوارع السودانية آنذاك.
والثاني ضد رئيس الوزراء المدني السابق "عبد الله حمدوك" في عام 2021، وبعد ذلك أصبحا الحاكمين الفعليين للسودان، ولكن التحالف بين "البرهان وحميدتي" كان دائماً هشاً.
لأنة عندما تقاسم السلطة في الحكومة بوجود قوتين مسلحتين داخل دولة واحدة فكان ولابد من هذا صراع الدموي، وبعد ما أدت العملية السياسية التي بدأت بعد أشهر من الإحتجاجات بعد الإنقلاب الثاني في أكتوبر 2021 إلى إتفاق مبدئي في أواخر العام الماضي 2022.
وكان من المفترض أن ينتهي بصفقة لإجراء إنتخابات ديمقراطية، ولكن الإتفاق أدىّ فقط إلى تأجيج التوترات بين الزعيمين العسكريين.
فقد تشكلت قوات الدعم السريع في عام 2013، وترجع أصولها إلى ميليشيا "الجنجويد" سيئة السمعة التي قاتلت بوحشية المتمردين في دارفور ، حيث إتهموا بالتطهير العرقي حينها.
ومنذ ذلك الحين، بنىّ الجنرال"حميدتي" قوة جبارة قيل إنها تدخلت في الصراعات في اليمن وليبيا، كما طور مصالح إقتصادية بما في ذلك السيطرة على بعض مناجم الذهب في السودان.
وتم إتهام قوات الدعم السريع بإرتكاب إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بما في ذلك مذبحة أكثر من 120 متظاهراً في يونيو من عام 2019، ويُنظر إلى مثل هذه القوة القوية خارج الجيش على أنها مصدر عدم إستقرار في البلاد.
وقد أحدث هذا القتال حلقة في نوبات التوتر التي أعقبت الإطاحة بالرئيس “عمر البشير” في عام 2019، وكانت هناك إحتجاجات ضخمة في الشوارع دعت إلى إنهاء حكمه الذي دام قرابة الثلاثين عاماً.
وقام الجيش بإنقلاب بمشاركة قوات الدعم السريع للتخلص منه، ولكن المدنيين واصلوا حملتهم من أجل العودة إلى الحكم الديمقراطي، وبعد ذلك تم تشكيل حكومة عسكرية مدنية مشتركة.
ولكن تم الإطاحة بذلك في إنقلاب آخر في أكتوبر 2021 ، عندما تولى "البرهان" السلطة، ومنذ ذلك الحين، إشتد التنافس بينه وبين نائبة "حميدتي".
وألفت: في مقالي إلى بداية الصراع وتصريح "حميدتي" الذي حذر من أن هناك حملة ضد قوات الدعم السريع من مجموعات داخل السودان، وقد تكون هناك دول تقف وراءها، وهؤلاء هم أعداء النجاح وأعداء الديمقراطية.
وإنهم يعملون ضد السودان، وجاء هذا بعد ما زعمت قوات الدعم السريع أن عشرات الجنود المصريين إستسلموا لهم، وإستغلت هذه التصريحات إستخبارات بعض الدول الخارجية، وحاولت أن تصنع خلافات بين "السودان"
وشقيقتها "مصر"، والعمل على تأجيجها، وعنونة بعض الصحف على صفحاتها الرئيسية «ما هي مهمة الجنود المصريين في السودان ولماذا تأخر تسليمهم للقاهرة ؟».
ولكن سارعان ما خرج بيان من القيادة المصرية بكل رشد وحنكة سياسية لكبح جماح المزاعم الخبيثة، ووضحت السبب الحقيقي لوجود جنودها هناك، فضلاًعن؛ بيان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية.
حيثُ قال: إننا نتابع عن كثب الأحداث في السودان في سياق وجود القوات المصرية التي تجري مناورات مع نظرائها السودانيين، مادفع الجانب الآخر"حميدتي".
وأكد: في تصريح له تناولتة الصحف العربية والغربية، أن "واجب قوات الدعم السريع كان الحفاظ على أمنهم لحين وقت تسليمهم للقاهرة وأهاليهم عبر الصليب الأحمر، والأمور تمت بسلام وسلاسة.
أما عملية التأخير، فسببها أن الجنود والضباط المصريين كانوا موجودين في "مروي"، وهي منطقة بعيدة، وكانت قواتنا كلها في حالة إشتباك، وبالتالي هذا هو سبب التأخير فقط.
وأحذر: في مقالي من أنه لا يمكن إستبعاد حرب أهلية طويلة الأمد تجرّ الجيران إليها، وأن إنعدام الثقة المتبادل بين "حميدتي" وقوات الدعم السريع مؤخراً كمجموعة عسكرية غير مندمجة يمكن أن تسبب مشاكل للدول المجاورة.
ومزاعم الديمقراطية المزيفة، ومحاولة كلا الزعيمين إعلان مؤهلاتهما الديمقراطية، وأستعرض لكم ما قالة"البرهان" بعد الإنقلاب الأخير في أكتوبر 2021 أنه بمجرد إكتمال الإنتقال إلى الديمقراطية، سيعود الجنرالات إلى الثكنات، وسيتم إجراء تصويت في عام 2023.
وبعد ذلك سأغادر وأهتم بعملي الخاص، وسأترك القوات المسلحة أيضاً، وفق صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، إلا أن تراجع "البرهان" في حديثة.
وقال: إن الجيش لن يسلم السلطة بالكامل إلا إلى حكومة منتخبة، مما يزيد من تهميش الممثلين المدنيين المتوقع أن يكونوا جزءاً من إتفاق لتقاسم السلطة، وأتهم قائد قوات الدعم السريع مؤخراً بتنفيذ محاولة إنقلاب والتخطيط لقتلة.
وما قالة"حميدتي" قائد قوات الدعم السريع في تصريح له تناولتة بعض الصحف يوم "الأثنين" الماضي إن المعركة التي نخوضها الآن هي ثمن الديمقراطية، ونحن نناضل من أجل شعب السودان لضمان التقدم الديمقراطي الذي طالما تاقوا إليه.
وأنه لا يبحث عن السلطة، وإتهم "البرهان" ومن معه بأنهم خربوا الجيش السوداني، وأن إنقلاب 2021 كان خطأ وحاول حميدتي" تقديم نفسه وقوات الدعم السريع على أنهما يقفان إلى جانب الشعب ضد نخب الخرطوم.
وكلاهما يترنحون بالكذب، فالحرب الشاملة التي تُجرىّ الأن على أرض الواقع بين الزعيمين هي أكبر دليل على أن "البرهان، وحميدتي" لا يهتموا بأمن البلاد أو بأمن مواطنيها.
كما أُحذر: من أن الوضع في السودان يتدهور بشكل مستمر ولا يوجد وقت أمام حكماء قادة الدول العربية واَسعِ العلم والإطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها لتضيعه.
لأن الحالة الوحيدة التي ستدفع أمريكا والدول الغربية للتدخل بقوة في السودان لوقف الحرب هو عجز الدول العربية المتمثلة في المنظمة الإقليمية"جامعة الدول العربية" في وقف القتال الدائر في السودان بأسرع وقت ممكن.
وإذا فشلت الدول العربية في هذا، وطالت الحرب بين الطرفين المتنازعين على السلطة، فهذا سوف يحقق أهداف الغرب الإستراتيجية بتدمير وتفتيت السودان، كسابقيها لتُلحق بـ "اليمن، وسوريا".
وختماً: فقد بدأت خطط الغرب الخبيثة بالتأهب للدخول في السودان حيثُ؛ نشرت شبكة CNN الأميركية مشاهد بالأقمار الصناعية، وحركة الطيران ترصد طائرات.
قالت؛ إنها روسية تحمل شحنات أسلحة بالدول المحيطة بالسودان لدعم قوات الدعم السريع، وأن المصادر رصدت تزايداً في حركة الطيران التابعة لقوات فاغنر الروسية قبل يومين من إندلاع الصراع في السودان.
فضلاًعن؛ أن وزير الدفاع الأميركي "لويد أوستن" يُعلن نشر قوات أميركية في قواعد عسكرية قريبة من السودان تحسباً لأي طوارئ!!.
وفق ما جاء عنه في مؤتمر صحفي في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا ونُشر على الصحف مساء الجمعة، وهذا يعُد تطور خطير في المنطقة.