السبت 05 أكتوبر 2024 الموافق 02 ربيع الثاني 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
جريدة القارئ نيوز جريدة القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

محمد إبراهيم طعيمة يكتب: مصر والسودان.. بص العصفورة

IMG-20230424-WA0026||IMG-20230424-WA0019
IMG-20230424-WA0026||IMG-20230424-WA0019

فجأة ودون سابق، اندلعت حربًا ضروسًا عبر بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ضد مصر وأهلها يتهمونها فيها بأنها السبب وراء ما يحدث في السودان من اقتتال بين قوات الجيش الوطني النظامي بقيادة البرهان وبين قوات التدخل السريع بقيادة حميدتي.

والحقيقة الواضحة لأي مشاهد للصورة من بعيد أن الشعب المصري لا يختلف في الكثير من عاداته وتقاليده بل وطموحاته عن الشعب السوداني، وبات هذا واضحًا لي وبشدة من خلال تجربتي في رسالة الماجستير والتي طبقتها على الشعب السوداني، والتقيت في شقها الميداني بعدد كبير من السودانيين، سواء المقيمين هنا في القاهرة أو من حضروا للعلاج أو زيارة أهلهم وذويهم الذين يعيشون هنا أو من يحضرون للمشاركة في فعاليات ثقافية وفنية من تلك التي تنظمها وزارة الثقافة المصرية، والعينة كانت متنوعة وتضم معظم فئات الشعب السوداني رجالًا ونساءً، كبارًا وصغاراً، فنانين وصحفيين وأساتذة جامعات وطلبة وبائعين وعمال.

والواقع أن السودانيين شعب كبير متعدد الثقافات والآراء والتوجهات، وتلك هي المكونات التي لعب عليها نظام الرئيس الإخواني عمر البشير، كنوع من إلهاء شعبه وإبعاده عن بعض القضايا الأساسية في مستقبل البلد وتوجيهه نحو قضايا مفتعلة، واللعب على نظرية فرق تسد.

ما حدث في السودان لم يكن بعيدًا عنا في مصر، فقد كان يحدث في مصر أيضًا بنظرية "بص العصفورة"، حيث كان النظام يعمد إلى إلهاء الشعب المصري وإشغاله بتصريحات وشتائم مرتضى منصور مثلًا، أو طلاق حسام وشيرين لكي يمرر قانون مشبوه أو صفقة مثيرة أو يبعد الشعب عن الحديث عن موضوع معين.

ربما سيقول البعض أن المقارنة هنا غير دقيقة لأنها ليست بنفس القوة ولا التأثير، ولكن هي نفس العقلية، وبالتالي ستجد بعض السودانيين تأثروا بما قيل لهم وما تم توجيههم إليه من أن مصر تتكبر عليهم وأن المصريين يكرهونهم، وهو ما ظهر على السطح حاليًا في منشورات غريبة وعجيبة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي الوقت الذي انتشر فيه كلام المغرضين ومحاولي إشعال الفتنة والوقيعة بين الشعبين الشقيقين، ستجد آخرين وهم كثر، يشكرون مصر على استضافة ملايين السودانيين منذ سنوات طويلة ومعاملتهم كالمصريين أصحاب الأرض يأكلون مما يأكل منه المصريين ويركبون مواصلاتهم العامة وبنفس الأسعار، ويعالجون في مستشفياتهم العامة كأنهم أبناء البلد.

ما أقوله وأذكره ليس منة نمن بها على السودانيين، فهم أهلنا وجيراننا وبيننا وبينهم صلات قرابة ونسب ودم وثقافة وتاريخ بل ومستقبل، وهم معترفون بذلك ومقرين به، وكان أحد أسباب حبهم لمصر والمصريين.

ما أقوله لمسته أيضًا بنفسي وعشته في تجربة اللقاءات التي أجريتها مع السودانيين، صحيح أن لديهم بعض التحفظات على تصرفات وتصريحات بعض المسئولين، وعلى بعض المواقف مثل طريقة ظهورهم في السينما المصرية، ولكن في نفس الوقت هم يحبون مصر بفنانيها، ومثقفيها، وأزهرها، وال البيت الموجودين فيها، وأطبائها، والناس الطيبين الذين يتعاملون معهم في الشوارع والقهاوي والمحلات والمصالح الحكومية، وآخرها ما يحدث الآن في معبر أرقين من فتحه لعبور السودانيين بدون تأشيرة مسبقة.

مصر والسودان كانت ومازالت وستظل بلد واحد، وحدة واحدة، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. 

ونهاية تعالوا جميعًا نرفع أكفنا وندع الله أن يحفظ السودان وأهله من كل مكروه وسوء، وأن يرحم من قتل غدرًا وظلمًا في الأحداث الجارية هناك، وأن يحفظ مصر بلدنا من كل كائد وحاقد وظالم وأن يجعل كيدهم في نحورهم.

تم نسخ الرابط