فضائل العشر.. الأعمال المستحبة وصيام يوم عرفة
كتبت-زينب سعيد
نشرت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم، عبر صفحتها Facebook تحت عنوان "مفهومُ العملِ الصالحِ وفضائلُ العشرِ"، وذلك مع استقبال العشر الأوائل من ذي الحجة.
وأكدت على ضرورة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة، نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة.
وتستعرض "القارئ نيوز" موضوع خطبة الجمعة، وجاء النص كالآتي:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابهِ الكريمِ: {وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُأنّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صلِّ وسلّمْ وباركْ عليهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:
"مفهومَ العملِ الصالحِ في الإسلامِ عامٌ واسعٌ، يشملُ ما فرضَهُ اللهُ تعالَى على عبادهِ مِن الطاعاتِ والعباداتِ، كمَا يشملُ طيبَ الأخلاقِ وجميلَ القيمِ التي تسهمُ في بناءِ مجتمعٍ مترابطٍ، يسودُهُ التسامحُ والتآخِي والتكافلُ والتراحمُ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
ويقولُ سبحانَهُ: { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ويقول ﷺ: ( إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ)، ويقول ﷺ: (إنَّ أبوابَ الخيرِ لكثيرةٌ: التَّسبيحُ والتَّحميدُ والتَّكبيرُ والتَّهليلُ والأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عنِالمنكَرِ وتُميطُ الأذَى عن الطَّريقِ وتُسمِعُ الأصَمَّ وتَهدي الأعمَى وتدُلُّ المستدِلَّ على حاجتِه وتسعَى بشدَّةِ ساقَيْكَ مع اللَّهفانِ المستغيثِ وتحمِلُ بشدَّةِ ذراعَيْكَ مع الضَّعيفِ فهذا كلُّه صدقةٌ منك على نفسِك).
ويعمُّ كلَّ ما يسهمُ في عمارةِ الأرضِ، وتنميةِ الأوطانِ، ونفعِ الإنسانِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: { هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}،ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (ما مِن مسلمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أو يَزْرَعُ زَرْعًا فيَأْكُلُ منهُ طيرٌ ولا إنسانٌ إلّا كان لهُ بهِ صدقةً)
وامتنَّ علينَا الله تعالي بمواسمَ للخيراتِ، يُضاعِفُ فيها ثوابَ العملِ الصالحِ، ويُجزِلُ فيها لعبادهِ العطاءَ، ومِن أعظمِ هذه المواسمِ العشرُ الأولُ مِن ذي الحجةِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ).
ويقولُ (عليهِ الصلاةُ والسلامُ): (مَا مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ مِن هذه الأيَّامِ العشرِ.
قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ ﷺ: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلم يرجِعْ مِن ذلك بشيءٍ)، ويقولُ ابنُ رجبٍ (رحمَهُ اللهُ): (لَمّاوضعَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى في نفوسِ عبادهِ المؤمنين حنينًا إلى مشاهدةِ بيتهِ الحرام، وليس كلُّ أحدٍ قادرًا على مشاهدتهِ كلّ عامٍ، فرضَ علىالمستطيعِ الحجَّ مرةً واحدةً في عمرهِ، وجعلَ موسمَ العشرِ مشتركًا بينَ السائرينَ والقاعدين).
الأعمال المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة، وجاء موضوع الخطبة أيضا على ما يلي:
والعشرُ الأولُ مِن ذي الحجةِ هي الأيامُ المعلوماتُ التي يستحبُّ فيها الإكثارُ مِن ذكرِ اللهِ تعالى، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِفِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنَ بَهِيمَةِ الأنْعامِ}، والذكرُ حياةُ القلوبِ وسكينتُهَا وطمأنينتُهَا، يقولُ سبحانَهُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
ويقولُ تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (فأكثِرُوا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ.)، لذلك كان سيدُنَا عمرُ بنُ الخطابِ (رضي اللهُ عنه) يكبّرُ في قبتهِ بمِنَى في أيامِ العشرِ، فيسمعُهُ أهلُ المسجدِ فيكبرُون، ويكبرُ أهلُالأسواقِ حتى ترتجّ مِنَى تكبيرًا، كما كان ابنُ عمرَ (رضي اللهُ عنهما) يكبرُ بمِنَي تلك الأيامَ خلفَ الصلواتِ وعلى فراشهِ، وفي مجلسهِ وممشاه.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
ومِن الأعمالِ الصالحةِ في عشرِ ذي الحجةِ الإكثارُ مِن الصيامِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عَنْ النَّارِسَبْعِينَ خَرِيفًا)، ويقولُ ﷺ: (مَن صامَ يومًا في سبيلِ اللَّهِ جعلَ اللَّهُ بينَهُ وبينَ النَّارِ خندقًا كما بينَ السَّماءِ والأرضِ.)، وكان ﷺ يصومُ تسعَ ذي الحجةِ، ويومَ عاشوراء، وثلاثةَ أيامٍ مِن كلِّ شهرٍ.
ولاشكَّ أنّ تفقدَ أحوالِ الفقراءِ والمساكين واليتامى والمحتاجين وسدَّ حاجتهِم مِن أحبِّ الأعمالِ وأفضلِهَا في هذه الأيامِ المباركةِ، لا سيَّمَا مع قربِ عيدِ الأضحَى.
وتدخلُ الصدقاتُ البشرَ والسرورَ في قلوبِ الناسِ، يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}،ويقولُ سبحانَهُ: { وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }، ويقولُ تعالَى: { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }.
ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ ، تَكشِفُ عنه كُربةً ، أو تقضِي عنه دَيْنًا ، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا)