نبيل أبوالياسين: شاهد بالتفاصيل فرنسا تثير الجدل مجددا بإنشغالها بملابس الفتيات المسلمات
كتب: محمد جوده
قال"نبيل أبوالياسين" الكاتب الحقوقي والباحث في الشأني العربي والدولي، في بيان صحفي صادر عنه اليوم «السبت» للصحف والمواقع الإخبارية، إننا نتساءل هل فرنسا حقاً تعاني من مشاكل إلى هذا الحد الذي يجعل حكومتها ُتضيع وقتها، وتتطفل على خصوصية الناس، وإخبار الفتيات المسلمات بما يمكن أن يرتدينه ولا ترتدينه إلى المدرسة؟.
وهل هذا يعُد فراغ سياسي؟ أم أصبحت ملابس المسلمات المشكله الوحيدة التي تعاني منها السلطات الفرنسية، ولماذا أصبحت جرائم الكراهية ضد الأقليات من المسلمين شائعة بشكل متزايد؟، وفضلاً عن: خطاب الكراهية ضدهم الذي أصبح أكثر إنتشاراً رغم أن المسلمين كانوا السبب الرئيسي في نجاح" إيمانويل ماكرون" في الإنتخابات الرئاسية الآخيرة.
وأضاف"أبوالياسين" أن أعلان الحكومة الفرنسية بأنها ستحظر ملابس الفتيات المسلمات "العباءات، الفساتين" الطويلة المتدلية التي ترتديها بعض النساء المسلمات في المدارس العامة، كان لابد من أنه يؤدي إلى إطلاق نقاش وطني حاد حول العلمانية، والحريات الفردية وما يمكن إعتباره رمزاً دينياً.
ولقد كانت فرنسا منشغلة منذ فترة طويلة بإيجاد مكانة مناسبة للدين في الحياة العامة، وتعتبر العلمانية مفهوماً رئيسياً في دستورها، وقد تم حظر العلامات الدينية التي تعتبر واضحة أو "بارزة"، "كـ" الحجاب الإسلامي، من المدارس العامة.
مضيفاً؛ وأنه قد أعلن وزير التعليم "غابرييل أتال" منذ عدة أيام قليلة، وقبل أيام فقط من بداية العام الدراسي الجديد 2023، قائلاً: إن المدارس العامة عليها واجب الحفاظ على المبادئ الأساسية لجمهوريتنا، وملابس المسلمات الطويلة والمرتدية، هي أثواب يرتديها بعض الفتيات من المسلمين.
بالعلامات المحظورة الأخرىّ التي تشير إلى دين الفرد، وأنه ليس للعباية مكان في مدارسنا، وليست أكثر من رمز ديني، ويجب حماية المدارس، بأي ثمن وربما أكثر من أي مؤسسة أخرى، من التبشير الديني، ومن أي جنين للطائفية، أو من رفض أهم قواعدنا.
كما أضاف"أبوالياسين" أن بعض السياسيون المحافظون في فرنسا رحبوا بهذه الخطوة، لكن نحن ومن موقعنا هذا ننتقد هذه الخطوة، ونوجه إتهام مباشر للحكومة الفرنسية بمراقبة ما يمكن أن ترتديه النساء المسلمات، أو محاولة جذب الناخبين اليمينيين، ونرىّ أن هذا سيكون من غير العملي.
أن يطلب من المدارس أن تقرر ما هي العباءة، وما هو مجرد فستان طويل، وما الذي يتوجب عليهن إرتداءة، كما نرىّ أن مثل هذه القرارات تعُد فراغ وعدم رشد سياسي حقيقي، وإنتهاك صارخ لحقوق الإنسان وحرية الأديان ويتخطىّ كافة الأعراف الدولية، لانه دفع بعض الفتيات المسلمات الفرنسيات يتراجعن عن سياسة الحجاب.
ولفت"أبوالياسين" إلى أنه ومن خلال متابعتنا عن كثب لهذا الشأن، نلاحظ أنه لا ترتدي جميع النساء المسلمات العباءات التي أصبحت مشكلة الحكومة الفرنسية التي تعاني منها، ولكن البعض خاصةً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يرتدينها بدافع الإحتشام، وعادة ما تكون الجلباب داكنة اللون وفضفاضة، وتغطي معظم جسد المرأة.
وأن العباءات التي نشاهدها في فرنسا تأتي في أشكال مختلفة، وترتبط بالثقافة العربية ولكن للأسف يتم تشويهها من قبل البعض من اليمين المتطرف على أنها دين إسلامي ملفت، وفق تعبريهم المزعوم، والغريب أن السلطة العلمانية نصبت نفسها بأنها مخولة بتحديد ما هو ديني؟، وما هو غير ديني؟ بدلاً من السلطات الدينية للعقيدة في فرنسا.
لافتا؛ إلى السخرية العارمة التي لحقت بالحكومة الفرنسية من داخل فرنسا وخارجها حيثُ قال: البعض إنه من أجل فرض الحظر الجديد، سيتم تكليف مديري المدارس والمدرسين والمعنيين بهذا الشأن بمهمة شاقة لا يحسدون عليها وهي التمييز بين العباءات والفساتين الطويلة العادية، وكان أبرز من سخروا من هذه القرارات الغير مقبولة هو ما نشرتةُ"سيسيل دوفلو".
وهي ناشطة البيئة والوزيرة الفرنسية السابقة للتنمية الإقليمية، صورة لفستان طويل باللونين الأسود والأخضر، متسائلة عن سبب اعتبار ذلك؛ هجوما على العلمانية، ورد أحد المعلقين قائلاً؛ إن الفتاة لن ترتدي مثل هذا الفستان "القبيح" إلا لأسباب دينية، وعند هذه النقطة كشفت"دوفلوت" أن الفستان لم يكن عباءة، بل كان فستاناً حريرياً بقيمة" 2980" يورو أي"3220"دولاراً.
كما لفت"أبوالياسين" إلى أنه أدىّ هذا الحظر إلى إنقسام السياسيين، وخاصةً أولئك الذين ينتمون إلى اليسار، مما يسلط الضوء على كيفية نضال المشرعين لتحقيق التوازن بين قيم الحرية والعلمانية في فرنسا، حيثُ قال: المشرع اليساري المتطرف"جان لوك ميلينشون" إنه يشعر بالحزن لرؤية موسم العودة إلى المدرسة مستقطباً سياسياً.
بسبب حرب دينية سخيفة جديدة ومصطنعة تماماً على ملابس النساء، وفي حين قالت"ساندرين روسو"، النائبة عن حزب الخضر الفرنسي، إن الحظر كان شكلاً من أشكال الرقابة الإجتماعية على أجساد النساء والفتيات الصغيرات!.
وفي نفس السياق: إستغرب "أبوالياسين" من وصف "إريك سيوتي" رئيس حزب الجمهوريين من يمين الوسط، القرار بأنه قرار جاء في الوقت المناسب، والذي طال إنتظاره، كما إستغرب من بعض نقابات المدارس الذين رحبوا بهذا الإعلان المزعوم، وطالبوا نقابة تمثل مديري المدارس أن تطلب من الحكومة توضيح ما يجب عليهم فعله بشأن العباءات في المدارس.
معلنة أنها غير مستعدة للتعامل مع الإنتشار المتزايد للعباءات الفضفاضة التي تغطي كامل الجسم بين الهيئات الطلابية، وغير مستعدة لأن تقرر بنفسها ما إذا كانت العباءات تشكل أم لا رمز ديني "بارزه".
متواصلاً: لقد برزت الخلافات حول ما ينبغي، أو لا ينبغي حظره في فرنسا تحت أسم العلمانية بشكل متكرر في السنوات الأخيرة، على خلفية تدهور العلاقات بين السلطات الفرنسية والجالية المسلمة الفرنسية، وقد شاهدنا بعض القرارات الأكثر شهرة التي وقعت في عام 2016، عندما قام رؤساء بلديات العديد من المدن والبلدات الفرنسية بتنفيذ حظر على الشاطئ على "البوركيني".
وهي ملابس السباحة التي تغطي الجسم بالكامل، والتي ترتديها بعض النساء المسلمات اللاتي يفضلن البقاء مغطيات أثناء السباحة، وأثارت هذه الخطوة الغضب بين المسلمين في الداخل الفرنسي وجميع دول العالم، وخاصةً لأنها سعت إلى السيطرة على ما يمكن أن ترتديه النساء المسلمات حتى خارج الأماكن الرسمية في الدولة.
وألغي مجلس الدولة الفرنسي، أعلى محكمة إدارية في البلاد، هذا الحظر بعد جدل واسع النطاق آنذاك، وعندما طُلب من المجلس مرة أخرىّ إصدار قرار بشأن حظر مماثل فرضتهُ بلدة في جنوب شرق فرنسا في أغسطس من نفس العام ألغى الحظر مرة أخرىّ.
بحجة أنه يقوض بشكل خطير، وغير قانوني حرية القدوم والذهاب، وحرية الضمير وحرية التعبير، وعنونة الصحف الغربية والعربية حينها على صفحاتها الرسمية وتحديداً في 26 أغسطس من عام 2016، «جدل البوركيني في فرنسا: حول ملابس السباحة والعلمانية الغريبة في البلاد».
وألغته أعلى محكمة إدارية في فرنسا حينها الحظر المزعوم على إرتداء "البوركيني" في منطقة ساحلية بجنوب فرنسا، في ختام شهر من الفضيحة الوطنية الشديدة، والغضب الدولي، وحظرت أكثر من عشرين مدينة وبلدة فرنسية إرتداء ملابس السباحة التي تغطي كامل الجسم، وهي مصممة للنساء المسلمات للإستمتاع بالشاطئ.
مع الإلتزام بقواعد الإحتشام التقليدية، وفرضت الحكومات المحلية الحظر بأسم العلمانية لأن البوركيني، بالنسبة للبعض، وبدا عرضاً غير مرحب به للدين ويهدد المثل الفرنسية الأساسية للحرية والمساواة والأخوة.
وأثار الحظر آنذاك؛ غضباً شديداً بالنسبة للمسلمين والمثقفين الفرنسيين، والملايين من المراقبين الدوليين بسبب حملة القمع الغير ضرورية والغير مسبوقة على مشكلة غير موجودة في الأصل، ومصتنعه، وخاصةً بعد ظهور صور حينها لسرب من الشرطة الفرنسية يحيط بإمرأة مسلمة تتشمس.
على شاطئ في "نيس"، ويطالبها بخلع أجزاء من ملابسها في وضح النهار، ووافقت المحكمة الفرنسية في نهاية المطاف، ووصفت حظر"البوركيني" بأنه إهانة للحريات الأساسية مثل حرية الضمير والحرية الشخصية.
وإستغرب "أبوالياسين” من حكومة فرنسا الذي يفتخر شعبها بكونه مركزاً للموضة العالمية، أن تنشغل بملابس الفتيات المسلمات، فإن ما ترتديه النساء لم يكن أبداً بدون أهمية ثقافية وسياسية، لكن في العقود الأخيرة، كانت النساء المسلمات في فرنسا هن من حظين بأكبر قدر من التدقيق فيما يتعلق بملابسهن !!، متساءلاً: لماذا كل هذا الأهتمام؟، وهل أصبح ملابس المسلمات تستدعي بأن تنشغل بها الحكومة الفرنسية لهذا الحد؟.
وأكد"أبوالياسين" على أن المشكلة التي تعاني منها الحكومة الفرنسية ليست ملابس الفتيات المسلمات، ولا البروركيني وإنما المشكلة تكمن في كره دفين للإسلام والمسلمين، لهذا لم تستسلم المحاكم الفرنسية "لـ" الإسلاموفوبيا السياسية.
وأن هناك عدد من القضاة الذين سيؤكدون سيادة القانون، والمسلمين في فرنسا قادرون على حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها، ونحن داعمون ومتضامنون معهم دائماً وأبداً،
ومع كل هذا فإن البوركيني ليس مثل البرقع أو الحجاب، فالإعتراضات على ثوب السباحة هذا لا يمكن تفسيرها كلها بتفسير معين للقيم المحافظة، إنما هي مشكلة مصتنعة من قبل الإسلاموفوبيا،
فإن البوركيني وملابس الفتيات المسلمات في المدارس لا يمثل خطراً على فرنسا، الذي يجعل الحكومة تنشغل بها بهذا الشكل إنما الذي يمثل خطراً حقيقياً ليس على فرنسا فقط بل على العالم بأسره هو سياسة الإسلاموفوبيا، وقد صنّفها "أبوالياسين" في وقت سابق بالتهديدا لأول للنظام العام العالمي.
مؤكداً؛ أن هذا الكره الدفين للمسلمين، ولاسيما دول إفريقيا أكده؛ رئيس فرنسا السابق "جاك شيراك" بتصريح صحفي منسوب إلية في عام 2007، والذي قال فيه إننا قمنا بإستنزاف دول المسلمين، وإفريقيا ونهب مواردهما لأكثر من أربعة قرون ونصف "450 سنة" ثم قلنا أن الأفارقة والمسلمين لايصلحون لشيئ!، وبإسم الدين دمرنا ثقافتهم وعوضاً عن مساعدتهم قمنا بسرقه عقولهم عن طريق المنح الدراسية حتى أصبحت خالية من النخب تماماً.