الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 الموافق 23 جمادى الثانية 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

مراحل تطور استغلال الأراضي في مصر

Screenshot_20231010_025346
Screenshot_20231010_025346

الكاتب - وليد محمود

 

استنادًا إلى الشكل العام لحيازة الأراضي الزراعية في مصر القديمة والذي تعددت أنماطه،

وفقًا للظروف التاريخية التي أحاطت بكل مرحلة من مراحل تطوره تشكل هيكل استغلال تلك الأراضي. 

 

فكان الاستغلال المباشر أي ممارسة الحائز للنشاط الزراعي بنفسه أو باستخدام آخرين يتم في أراضي التاج،

حيث تمتلك الدولة حق الرقابة وحق الانتفاع ويقوم موظفي الدولة بالإشراف علي هذا الاستغلال.

 

 وفي هذا النمط تقدم الدولة البذور والتقاوى وثيران العمل، وتستخدم الفلاحين الأجراء مقابل

أجور عينية تُدفع لهم أو مقابل قطع صغيرة من الأرض يُسمح لهم باستغلالها.

 

و يظهر نمط الاستغلال المباشر أيضًا في الحيازات الصغيرة من أراضي الإقطاعيات حيث تتنازل الدولة عن حق الانتفاع لهؤلاء المقطَعين،

ويتم استغلال تلك الأراضي باستخدام قوة عمل الأسرة ويندر الاستعانة بالعمل المأجور. 

 

كما يظهر ذلك النمط في المزارع الخاصة التي تميزت أيضًا باستخدام قوة عمل الأسرة مع الاستعانة بالعمل المأجور عند الحاجة،

ونجده أيضًا في أراضى المعابد حيث يتم الاعتماد بالكامل تقريبًا على العمل المأجور ويتولى الكهنة عملية الإشراف.

وعلى ذلك يمكن القول أن الفلاحين الأجراء كانوا يمثلون قوة العمل الرئيسية

في أراضي الاستغلال المباشر لكل من حيازات التاج، وحيازات المعابد.

 بينما كان أفراد الأسرة يُمثلون قوة العمل الرئيسية في حيازات الإقطاعيات الصغيرة، وكذلك حيازات الامتلاك الخاص،

أما العبيد فيكاد يُجمِع علماء التاريخ على عدم استخدامهم في الإنتاج الزراعي الذي يحتاج مهارات فنية عالية،

في حين كان يتم استخدامهم في الأعمال الشاقة كحفر الترع وتطهير القنوات وتدعيم الجسور وغيرها. 

 

أما الاستغلال غير المباشر، أي قيام الحائز بتأجير أرض حيازته للغير مقابل الحصول علي القيمة الايجارية،

فكان يتم بشكل واسع في كل من الحيازات الكبيرة للإقطاعات وأراضي المعابد،

بالإضافة إلى أراضى التاج وذلك في مراحل ضعف السلطة المركزية وصعوبة الإشراف على الاستغلال المباشر لهذه الأراضي. 

 

وبالنسبة لأصحاب الحيازات الإقطاعية الصغيرة، وأصحاب المزارع الخاصة فنادرًا ما يقومون بتأجير أراضيهم للغير.

بجانب النمطين السابقين كان هناك نمط مختلط للاستغلال يضم النمطين السابقين معا.

عقود البيع والشراء الفرعونية

يندر وجود عقود لبيع الأراضي الزراعية في مصر الفرعونية، ولكن هناك عقد بيع، وآخر عقد هبة، وثالث عقد بيع وظيفة

ترجع جميعها إلى عهد الملك بسماتيك الأول 663-609 ق.م مؤسس الأسرة السادسة والعشرون.

 

- عقد البيع جاء فيه "…… انه في السنة الثلاثون، الخامس من شهر برمودة باع كل من اسنخبي وني منخبر رع

وهما بنت وإبن خفنخنس مساحة عشر أرورات من أرض أجدادهما في أرمنت التابعة لمعبد آمون، لشخص يُدعى حاروز

بثمن قدره ثلاثة قدات بالإضافة إلى جباية العُشر تدفع إلى كاتب حسابات المعبد ……".

- عقد الهبة جاء فيه "…… انه في السنة السابعة والأربعون في 18 من شهر أبيب قامت رر ابنة خنخنس زوج الأمير

الوراثي والكاهن بتيزي أمام أوزير خنتيامنتي إله العرابة بمنح العشر أرورات التي كان قد اشتراها نفس بتيزي من آبي

في السنة الخامسة والأربعين إلى أبناء فرد يُدعى بفهربهازي، فالرحمة لمن أقر بذلك واللعنة على من ينقض ذلك ……".

- عقد بيع ثلاث وظائف يمارسها أحد الأشخاص لشخص آخر مُقابل ثمن مدفوع من الفضة وذلك على النحو التالي

"…… في السنة الواحدة والعشرون شهر بؤونة من عهد الفرعون بسماتيك له الحياة والفلاح والصحة اعترف الكاهن والد الإله حور للكاهن

والد الإله اسمتو بأن لقد أعطيتك وظيفتي وهي كاهن حرمخيس وكذلك نصيبي بوصفي وكيلاً ونصيبي بوصفي

كاتب شونة الغلال فهي ملكك وكذلك أرزاقها وسلعها … وقلبي يوافق على ثمن الأنصبة الثلاثة أعلاه ولن يكون في قدرة أطفالي

أو اخوتي أو أي رجل في العالم أن ينازعك فيها … …" ثم تأتي قائمة الشهود في نهاية هذه العقود.

 

الأنماط الإيجارية الفرعونية

طالما وجد استغلال غير مباشر للأرض الزراعية فإن هذا يعنى قيام نوع من العلاقات بين من يقومون بتأجير هذه الأراضي

بغرض الحصول على الريع وبين من يستأجرونها بغرض زراعتها والحصول على الناتج.

 

 ومن الثابت في الوثائق الفرعونية أن المصريون كانوا يؤجرون الأرض ويستأجرونها من بعضهم البعض،

كما كانوا يقومون بعقود مشاركة على زراعتها وتربية المواشي. 

 

وكانت الدولة والقصر الملكي والمعابد تؤجر حصصًا من أراضيها للأفراد تختلف مساحاتها باختلاف طوائف المستأجرين.

أما الأنماط الايجارية الشائعة فكانت الإيجار المطلق والإيجار بالمشاركة.

يقصد بالإيجار المطلق ذلك النوع من الإيجار الذي يتم بين المؤجر والمستأجر والذي يقضى بأن يسلم المؤجر

قطعة الأرض للمستأجر مقابل أن يدفع ذلك الأخير إيجارا محددا للمؤجر.

 

وعادة ما كانت قيمة الإيجار تُدفع عينا من المحصول الناتج نظرا لضعف حجم التداول النقدي،

ويمكن للطرفين في هذه الحالة وضع مجموعة من الضمانات في عقد الإيجار تختلف من إيجاره لأخرى.

أما الإيجار بالمشاركة فيختلف عن النمط السابق في أن المؤجر يشارك المستأجر في تحمل تكاليف الزراعة مقابل المشاركة في المحصول النهائي.

 

أما أشكال تلك المشاركة فقد تنوعت من إيجاره لأخرى، فإذا أقرض المؤجر المستأجر البذور ثم حدث لأمر ما أن استرد المؤجر الأرض

بعد زراعتها وجب عليه أن يعوض المستأجر بربع المحصول بعد حصاده. 

 

وفى المقابل إذا تسلم المستأجر البذور من المؤجر ولم يبذر البذور وجب عليه في هذه الحالة أن يلتزم بدفع الإيجار مع إعادة البذور لصاحبها، 

ولكن إذا حدث أن أتي الفيضان منخفضا ولم تنتفع الأرض بالمياه حق إعفاء المستأجر من سداد الإيجار بشرط إعادة البذور إلى صاحبها،

ويجوز للمستأجر في هذه الحالة أن يمد عقد الإيجار عاما آخر عوضا عن العام الذي لم يستغله.

ولا نزاع في أن معلوماتنا عن الحالة القضائية والاقتصادية للمزارع المصري القديم

ضئيلة إلى حد بعيد بطبيعة الحال، وذلك لعدم وجود براهين مباشرة في هذا الصدد. 

 

فمثلاً ليس لدينا اتفاقات زراعية أو عقود إيجار أرض من العهد الفرعوني قبل الوثائق التي وصلت إلينا من القرن السادس قبل الميلاد،

يضاف إلى ذلك أنه لم يصل إلينا وصف ملكية زراعية أو عقد إيجار أرض من العصور المصرية القديمة

كالتي نجدها في بابل من مجموعة عقود إيجارات هذه البلاد التي كُشف عنها. 

 

على أن عدم وجود هذه العقود والاتفاقات لا يعني أنها كانت لم تحدث فعلاً، أو لم تكن موجودة في هذه العهود.

ومن المحتمل أنها كانت موجودة غير أنها لم تكن سائدة بوجه عام أو قد حدثت بصورة محسة. 

 

والواقع مع كل ذلك أن الغالبية العظمى بين المزارعين المصريين كانت علاقتهم بأسيادهم أصحاب الضياع لا تحتاج إلى إبرام عقد اتفاق. 

 

بين الطرفين ولا غرابة في ذلك فإنه حسب ما وصل إلينا من معلومات مدونة لا توجد إلا وثيقة واحدة يُشتم منها رائحة أنها كانت بمثابة عقد إيجار.

هذه الوثيقة عبارة عن خطاب يرجع تاريخه للأسرة الواحد والعشرين (1085-950 ق.م)،

ويفهم من مغزاه أن كاتبه قد أخبِر من قبل مؤاجر أرض من مؤاجريه أنه لا يمكنه زراعة بعض أطيانه.

 

وعندما عاد كاتب الرسالة إلى بيته قالت له زوجته بأن لا يأخذ الأرض من المستأجر بل يجب عليه أن يتركه يستمر في زراعتها.

ولا نعلم السبب في ذلك، غير أنه من المعلوم أن المستأجر عاد إلى الأرض وأزال ما فيها من أعشاب ضارة وقام بزراعتها. 

 

ولن نكون بعيدين عن الصواب إذا اعتبرنا عقود الإيجارات التي أبرمت في العهد الصاوي وما بعده حتى العهد البطلمي

بمثابة إيجارات بالمعنى الحقيقي المعترف به قانوناً، وذلك لأن هذه الإيجارات كانت تعد توكيلات؛ 

لأن صاحب الأرض كان لا يزال هو القابض عليها وهو الذي يمنح حق استثمارها لمدة معينة مقابل مبلغ من المال

أو المحصول أقل من قيمة الأرض. وهذه الإيجارات لم تكن إلا مجرد أنظمة يكون فيها المؤاجر في الواقع مؤاجراً لزرع العين مقابل نصيب من المحصول.

 

ومجموع العقود التي عثر عليها من العهد الصاوي تبلغ سبعة عقود فقط وكلها ضمن وقف ضياع الإله آمون،

ويلاحظ في هذه العقود الاختصار وعدم الاهتمام بالتحديد الدقيق للمساحة؛

نظراً لأن الإيجار كان نسبة من المحصول ولا يوجد عقد نقدي واحد من بين هذه العقود. 

 

وكان أحيانًا يتم تحديد نوع الزرع قمح أو شعير أو كتان، وفترة الإيجار كانت كلها لمدة سنة.

 

 أما قيمة الإيجار فكانت متباينة فهناك ثلاث عقود يبلغ الإيجار فيها ثلث المحصول،

وعقدين كان المحصول المزروع فيها كتاناً مقابل ربع المحصول وحالتان كان الإيجار فيها يعادل نصف المحصول. 

 

وتدل شواهد الأحداث أن الطبقات الدنيا كان معظمها مأجورين يعملون بصفة دائمة في ضياع الفرعون والأغنياء والمعابد "تملية".

 

عقود الإيجار الفرعونية

يمكن من دراسة بعض عقود الإيجار التوصل لبعض الملامح الشائعة لتلك العلاقة فنجد أن المستأجر يستأجر العين

لمدة محددة تنتهي بعدها الإجارة، ولكن إذا طال أمد الإجارة طوال حياة المستأجر فغالبا ما يرث ولده الإجارة من بعده. 

 

كما كان السند المُثبِت لعقد الإجارة يخضع لإجراءات التسجيل، وإذا كان موقوتا

بأجل جاز لأي من المتعاقدين إلغاؤه، ويقتضي التنازل عن الإجارة إبلاغ مكتب التسجيل الحكومي.

 

أما الإيجار فكان غالبا ما يتم دفعه بالتقسيط. كما ورد في بعض العقود أسماء المحاصيل التي سيتم زراعتها من قمح وشعير أو كتان وفول. 

 

و قد يقوم التعاقد على أساس المشاركة، ويعين الطرفان أيهما المسئول عن دفع ضريبة الأرض،

وإذا أخل المستأجر بشروط الإيجار كان للمؤجر أن يقاضيه ويطالبه بالوفاء بالشرط الجزائي الذي كان قاسيا في العادة.

 

 أما عن القيمة الايجارية فلا توجد حتى الآن وثائق دالة علي قيمة إيجار الأرض والتي يرجح أنها كانت تتباين

وفقا لخصوبتها خاصة كما كانت ضريبة الإنتاج تتباين تبعاً لتباين خصوبة الأرض الزراعية.

 

 كما أنه يصعب الاستدلال على تكاليف الزراعة في ظل عدم توفر البيانات الكافية،

إلا أنه من الثابت شيوع نظام تأجير ثيران العمل وأدوات الزراعة والحصاد.

 

 وفي حالة الاستعانة بالعمالة من خارج الأسرة وجب دفع الأجرة التي غالبا ما تكون عينية.

أما بالنسبة للقروض فلم تظهر سوى في وثيقة واحدة ترجع لعهد الأسرة العشرين وتشير إلى نسبة فائدة قدرها 10%.

 

 وعلى ذلك يمكن التأكيد على عدد من الظواهر خلال تلك الفترة وهى:

- شيوع نظام تأجير الأراضي.

- وجوب تسجيل عقود الإيجار.

- دفع الإيجار في الغالب الأعم عينا.

- وجود شكل من أشكال الإيجار بالمشاركة.

- شيوع نظام تأجير ثيران العمل وأدوات الزراعة والحصاد.

تم نسخ الرابط