ست بـ 100 راجل الحاجة شهديّة بنت المنوفية.. مدرسة في الرضا والصبر
كتبت: إسراء عادل
في جلسة ما خلت الابتسامة منها ولا ترديد "الحمد لله"، على حصير أخضر فيه من روح دأب سعيهم، بالت خصيلات ضفائره، لكن بسمتهم ما زالت نضرة رغم الضيق حال، إلا أن صبرهم يسع وتحملهم لا تخور عزيمته، وها هو صوت الشيخ الحصري يبارك البيت وأهله يردد في مذياع أصيل آياتٍ عطرة تطيب بها القلوب، وترتاح لمسمعها العقول من سورة لقمان الحكيم.
روت الحاجة شهدية، والتي تسكن قرية منشأة السادات التابعة لمركز الشهداء محافظة المنوفية، وتبلغ من العمر 39 سنة قصة رعايتها لأربعة أبناء من ذوي الإعاقة العقلية، أسماء 19 سنة، وعلواني 18 سنة، بالإضافة إلى أحمد 15 سنة ومصطفى 9 سنوات.
ولم يكن لها معين ولا جابِر حتى أهلها قاطعوها؛ بحجة أنها حسب ما قالت "بتمد إيدها للناس وبتشحت على عيالها" إلا أنها لم تفعل يومًا، وعاشت حياتها تكد عملًا، وتعففا "باليومية" مع زوجها.
وأوضحت شهدية كم أرهقتها الأيام والسنون في تحمل أعباء أبنائها وحاجتهم الخاصة وسط حاجتها الماسة لأساسيات منزل أسرة، ونزول المطر من تشققات سقف الدار، ناهيك عن قوت يومهم، ووصفت ذلك قائلة:
"أكلنا من الزبالة وفي أيام كنا بنعمل رقاقتين بالميا عشان مفيش".
كما أجرت شهدية عمليات جراحية عدة لابنها الأصغر "مصطفى" وما زالت تتابع مع أطباء للمخ والأعصاب، وكذلك أسماء التي تعاني من كهرباء زائدة على المخ منذ ولادتها.
ووسط كل هذه الحاجة وشكوى مرض الأبناء، وسوء الحال الذي عانت منه أسرة الحاجة شهدية غير أن عينيها لمعا في سياق حديثها عند ذكر مؤسسة حياة كريمة، المبادرة الرئاسية لضمان حياة كريمة لكافة المواطنين، وقالت "أستاذ محمد ربيع.. الله يبارك له ويراضيه ويوسع رزقه ويكفيه شر الطريق".
وأضافت أن بشمهندس محمد ربيع، منسق حياة كريمة بمحافظة المنوفية اشترى لها في يونيو من العام الماضي (جاموسة) تنتفع بلبنها، وبعث لها برسالة أمل في الغد اتسع بصيصها، وكانت جماعة خير قد أرسلوا لها قبل هذه المساعدة من حياة كريمة بـ (جاموسة) أخرى كمساعدة لها لكنها غير امتلاك، دفعت أموالها حياة كريمة أيضًا وأهدتها لها،
ووعدها منسق حياة كريمة بالمنوفية بمعاينة دارها ومحاولة إدراجها ضمن خطة حياة كريمة، وإعادة بنائها كي تصبح مؤهلة لعيشةٍ راضية كريمة، ومضت في ثنائها في المؤسسة قائلة: "بشمهندس محمد ربيع قال لي آخد لك شقة في مكان تاني وآجي أنقلك عزالك بنفسي هناك".
وحين حكت له عن خصام إخوتها، قال لها: "إحنا كلنا إخواتك، وحقك أنتِ ما بتشحتيش من حد. حق عيالك. وكلميني في أي وقت"، وترك لها مظروف فيه مبلغ من المال، ومساعدات غذائية من كراتين "حياة كريمة".
وحين بلغ محافظ المنوفية، اللواء إبراهيم أبو ليمون حالتها، على الفور جاءت سيارة نقلتها إلى مكتب سيادته، حيث أحسن استقبالها واستمع إلى شكواها.
وأعربت جارتها (ر.ع.م) عن كم المسئولية والمشقة التي تتحملها الحاجة شهدية من أجل رعاية أولادها، وقالت إنها على الرغم من همومها،
فوجئوا بها في الصباح الباكر من كل جمعة تنظف الجامع المجاور لهم، وتمسح أرضية حماماته للمصلين وتكنس داخله وخارجه غير ناظرة جزاءًا ولا شكورًا.
واختتمت الحاجة شهدية حديثها وهي مبتسمة الثغر تقول: "حياة كريمة حاولت تضمن لي ولعيالي حياة كريمة.. بعد العسر يسر.. وبعد الكرب فرج، ويوضع سره في أضعف خلقه."
في أبهى وأعظم صورة للرضا بل والثناء لله على فضله ونعمته، وكانت قد ذكرت أن المؤسسة قد وفرت عملًا مؤقتا لزوجها مع عمال الصرف الصحي داخل قريتهم.