مصر للطيران .. من تاريخ عريق إلى خسائر فادحة بالمليارات

كتبت-رفيده وفيق

خرجت شركة مصر للطيران من قائمة أفضل 100 شركة طيران عالميًا لأول مرة في تاريخها ، وكذلك من قائمة أفضل 10 شركات طيران عربيًا، في آخر استطلاع لشركة "سكاي تراكس" Skytrax العالمي، وتسبب الإعلان في غضب العديد من المواطنين وأعضاء البرلمان، وبروز تساؤلات حول سبب تراجع تصنيفها .

"التاريخ العريق لشركة مصر للطيران"

تعتبر "مصر للطيران" من الشركات الرائدة فى العالم، وقد أصبحت عند تأسيسها فى شهر مايو 1932، سابع شركة طيران ناقلة على مستوى العالم، وثاني أقدم شركة طيران في أفريقيا، وتمتد خطوطها إلى 52 دولة عبر 72 وجهة، إضافة إلى 13 خطًا داخليًا.

" ماذا حدث لشركة مصر للطيران؟ "

- في 20 يونيو لعام 2023، أعلنت شركة "Skytrax"، قائمتها السنوية لعام 2023 لأفضل 100 شركة طيران حول العالم، والتي خرجت مصر للطيران منها ، ولكن لم تحدد الشركة ترتيب الشركة المصرية، في حين كانت تحتل المرتبة 95 عام 2022.

- ويذكر أن شركة "Skytrax" هي شركة بريطانية عالمية، تُجري أبحاثًا تتعلق بشركات الطيران التجارية، وتجمع استبيانات من المسافرين الدوليين حول العالم، ليتم تقييم الشركات على أساس عناصر مختلفة، تتضمن : طاقم المضيفين، وسائل الترفيه على الطائرة، جودة المقاعد، والطعام المُقدم وغيره.

- وتقدم الشركة سنويًا جوائز لأفضل خطوط طيران، ومطارات، وتعلن تصنيفها السنوي لأفضل 100 خطوط طيران عالميًا، وذلك منذ عام 1999.

- وتفوقت الشركات المنافسة لمصر للطيران في أفريقيا والشرق الأوسط عليها، مثل: الخطوط الجوية الإثيوبية في المرتبة 35، والخطوط الجوية الجنوب أفريقية في المرتبة 72، والكينية في المرتبة 73، والخطوط الجوية لدولة موريشيوس في المرتبة 78، والرواندية في المرتبة 90.

- وحتى إذا استبعدنا الخطوط الجوية البارزة في الشرق الأوسط، مثل القطرية، والإماراتية، التي تنافس على المراتب الأولى عالميًا، سنجد خطوط أخرى في الشرق الأوسط تفوقت على مصر للطيران مثل طيران الخليج، "خطوط البحرين الوطنية" والتي جاءت في المرتبة 32، والكويتية في المرتبة 42.

- والمُلفت في ترتيب الشركات في أفريقيا والشرق الأوسط، هو أن معظم الشركات حققت تفوق عن ترتيبها في العام الماضي 2022 ، مثل: الخطوط الجنوب الأفريقية تقدمت 7 مراكز عن عام 2022، والكينية 8 مراكز، وموريشيوس 10 مراكز، والرواندية 15 مركز، والكويتية 34 مركز، بينما تراجعت الخليجية 10 مراكز، والإثيوبية 9 مراكز، في حين خرجت مصر للطيران من التصنيف تمامًا.

"لماذا خرجت شركة مصر للطيران من التصنيف؟"

- بعد إعلان التصنيف، تم فتح ملف خسائر شركة مصر للطيران من جديد، ومدى علاقته بتدهور نتائجها، وتقدمت النائبة هناء أنيس بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب، بشأن خروج الشركة من التصنيف، وأشارت إلى تحقيق خسائر بـ "30 مليار جنيه" منذ أزمة فيروس كورونا 2020، وحتى نهاية 2022.

- ومن جانبه ، أوضح رئيس شركة مصر للطيران محمد موسى، مؤخرًا في تصريح إعلامي له ، أن الـ 30 مليار جنيه خسائر هناك جزء منها، مُرحل من فترات طويلة، وجزء منها يتعلق بسبب أزمة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وتحريك سعر الصرف، إذ أن مصروفات الشركة بالدولار 90%، وإيراداتها منه 70%.

- وقد سبق وصرح وزير الطيران محمد عباس حلمي، في فبراير 2023، أن مصر للطيران حققت مكاسب خلال الـ 6 أشهر السابقين على فبراير الماضي، في حين لم تظهر نتائج أعمال الشركة عن العام الجاري حتى يتم التأكد من مدى دقة التصريحات.

- وهناك مسؤولين وخبراء يرجحون أسباب الخسائر الكبيرة لمصر للطيران إلى:

1-أزمة الموظفين

تعاني مصر للطيران من زيادة في العمالة، وفشل في الاستفادة منها، وفي حين لا يوجد إحصاء دقيق حول عدد الموظفين بالشركة، تُشير التقديرات إلى أن متوسط العدد أكثر من 35 ألف موظف.

- مشكلة تلك العمالة قديمة، وباعتراف الشركة نفسها لكنها لم تحقق أي تقدم في حل المشكلة ، وفي حوار صحفي في مايو 2013 مع "الأهرام"، قال رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران الأسبق، توفيق عاصي، إن "هناك خطة للاستفادة القصوى من العمالة الموجودة في مصر للطيران، إذ أن بها أكثر من 35 ألف موظف، وهو رقم كبير لأي شركة طيران، وكان هناك تقصير في تسكين العاملين بوظائفهم التي تم تعيينهم عليها".

- وفي السياق ذاته، يؤكد نواب برلمانيون على أن كثير من هؤلاء الموظفين، تم تعيينهم عبر الواسطة والمحسوبية، ودون وجود حاجة حقيقية إليهم.

2-المكاتب الخارجية

-تضم مصر للطيران 73 مكتبًا حول العالم، وهو ما تسبب في انتقادات حادة لها بسبب تكلفة تأجير تلك المكاتب بالعملة الأجنبية، وأجور الموظفين العاملين بها، في حين يمكن تقليص عددها خاصةً مع سهولة الحجز الإلكتروني للتذاكر.

3-الديون

- يعتبر قيادات مصر للطيران أن ثورة يناير 2011، وبعض الحوادث التي حدثت في المطارات المصرية، مثل حادثة الطائرة الروسية في أكتوبر عام 2015، وفيروس كورونا عام 2020، والحرب الروسية الأوكرانية، أسباب رئيسية في زيادة خسائر الشركة، والتي دفعتها للجوء للاقتراض.

- ولا توجد بيانات متاحة حول إجمالي التزامات الشركة من القروض، لكنها حصلت في عام 2020 و2021 على قروض بلغت 8 مليار جنيه، من البنك الأهلي وبنك مصر، بضمان من وزارة المالية، حتى تستطيع التغلب على خسائر كورونا، والوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية.

4-تفاقم الخسائر وقت الأزمات

-وفقًا لتقارير مصر للطيران، فإن خسائر شركة الخطوط الجوية وحدها، بدون حساب باقي خسائر الشركة القابضة، 6.7 مليار جنيه لعام 2021/2020 ، وهو عام كورونا، مقابل 2.4 مليار جنيه في عام 2020/2019.

-وفي عام 2017/2016 ، أي العام التالي على انفجار طائرة مصر للطيران القادمة من باريس، وصلت خسائر الشركة إلى 5.55 مليار جنيه، مقابل 1.28 مليار جنيه في 2016/2015.

5-عدم التخطيط الجيد للخطوط الجديدة

- أعلنت مصر للطيران مؤخرًا عن فتح خطوط طيران جديدة، منها إلى ولاية نيو جيرسي بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما أثار انتقادات الكثير من مستخدمي الشركة، وذلك لأنها تُسير رحلات بالفعل إلى ولاية نيويورك التي تبعد نحو 100 كيلو عن نيو جيرسي، فيما تركت مدن أخرى أبعد ، مثل لوس أنجلوس، بولاية كاليفورنيا.

-كما شغلت الشركة خطوطًا أخرى لها بمدينة مانشستر الإنجليزية، وهي لديها خط آخر بالفعل مع العاصمة لندن، فيما تتجاهل وجود خطوط مباشرة مع بعض الدول مثل أستراليا، والتي يقطنها عشرات آلاف المصريين.

6-ارتفاع أسعار التذاكر الدولية

- تعتبر أسعار تذاكر مصر للطيران الدولية دائمًا مرتفعة، مقارنة بمثيلاتها من أفضل شركات العالم، وذلك يُضعف من فرص المنافسة لديها ، وعلى سبيل المثال لذلك، إذا كنت مواطن مصري تعمل في دبي، ولديك إجازة بمصر، وأمامك خياران من شركات الطيران لحجزهما عند العودة، الخيار الأول: شركة "Emirates" التي حصلت على المركز الرابع في الترتيب العالمي لعام 2022، والخيار الثاني "مصر للطيران" التي خرجت خارج القائمة أساسًا.

الخيار الأول شركة "Emirates" توفر لك تذكرة بمقابل 5800 جنيه، في تاريخ 26 يوليو 2023، مع إمكانية السماح بـ 3 حقائب بوزن 23 كيلو، فضلًا عن حقيبة على الطائرة، ومنحك نقاط مكافآت مجانية، والخيار الثاني مع "مصر للطيران"، التي تبلغ تذكرتها في نفس الموعد 5760 جنيه، أي أقل 40 جنيه فقط وتتيح حقيبتين ، فيما لا تتيح التذكرة الأرخص سوى حقيبة فقط، فضلًا عن اختلاف تصنيف الخدمة.

7-تعاقب وزراء الطيران على الشركة

- حيث أنه في تصريح سابق لأحد كبار المسئوولين، بالشركة للنسخة الإنجليزية من "الأهرام" في أكتوبر 2021، بمناسبة سعي الشركة للحصول على قرض بـ 5 مليار جنيه، قال المسؤول إن تعاقب 9 وزراء للطيران منذ ثورة يناير 2011 على الوزارة، أدى إلى أن يغير كلًا منهم سياسة وإدارة مصر للطيران، والذي أثر عليها بالسلب.

"من المستفيد من تدهور أوضاع مصر للطيران ؟"

- يستفيد من تدهور أوضاع مصر للطيران شركات الطيران المنافسة في دول الشرق الأوسط، خاصةً الشركات الكبرى.

- يصب كذلك تراجع مصر للطيران في مصلحة المنافسين في إفريقيا، مثل الخطوط الإثيوبية، صاحبة الترتيب الأبرز عالميًا وسط الشركات الأفريقية (35) ، والتي حققت أرباحًا قدرها 937 مليون دولار في عام 2022/2021 ، وتُسير الخطوط الإثيوبية حاليًا رحلات لـ 114 وجهة دولية ، لـ 77 دولة حول العالم، فيما يبلغ عدد وجهات مصر للطيران الدولية 72 وجهة لـ 52 دولة مختلفة.