عقود تسوية المنازعات الأسرية...هكذا يفعل المحترمون اذا ما قرروا الطلاق
بقلم _ المستشار بلال نصر الدين
كثيراً ما يقع الازواج والزوجات الذين يقدمون على الطلاق في فخ الخصومة القضائية , والتعنت الشديد واحتداد المنازعات فيما بينهم ... متناسين ما كان بينهم من مودة ورحمة , وساهين عن مصلحة صغارهم , وجاهلين بتعاليم دينهم ... ولو انهم علموا ان الله تعالى لم يكن ليخلق خلقاً ويتركه بدون هدى .. ولم يكن ليخلف خليفة في الارض ولا يلهمه الصراط المستقيم .. لتمسكوا بكتابه الكريم وسنة رسوله العظيم ولعملوا بما جائت به . فقد جاءت تلك النصوص الكريمة بما ينظم كافة العلاقات الإنسانية ومنها تنظيم العلاقة بين المطلقين والمطلقات فيما بينهم , فبينت حقوق المرأة والرجل وكذلك حقوق الصغار ... تلك الآيات الكريمة التي اذا ما تمسكوا بها لحلت جميع مشكلاتهم . ولصب ذلك في مصلحتهم ومصلحة صغارهم. ولما كان التشريع الإسلامي هو أحد أهم مصادر القانون , فقد جاء قانون الأحوال الشخصية ونظم تفصيلياً تلك العلاقات مستلهماً مما جاء في الشريعة الاسلامية من احكام ومهتدياً بنصوصها في صورة مواد قانونية لا مناص من تطبيقها ... فقرر حق المطلقة في نفقة المتعة والعدة ومؤخر الصداق وكذلك قائمة المنقولات ان وجدت , وحق الصغار في النفقات والاجور ومسكن الحضانة , وحق المطلق في رؤية صغاره . وغير ذلك مما يقضي به الشرع كما نصت مواد القانون. واذا كانت الدعوى القضائية هي وسيلة للحصول على الحق بعد إصدار الحكم القضائي وتزييله بالصيغة التنفيذية , بعد مرور الوقت الطويل وبذل الجهد الشديد وانفاق الكثير من المال ... فإن العقد أيضاً وسيلة اخرى للحصول على ذات الحق , ولكنه وسيله يسيرة وموفرة للوقت والجهد والمال. ولذلك نظم القانون المصري مسألة عقود تسوية المنازعات الأسرية وجعل لها قوة السند التنفيذي اذا قدمت الى مكتب تسوية المنازعات الأسرية الكائن بدائرة اختصاص كل محكمة جزئية وتم توثيقها بعد اثباتها بمحضر . فنصت المادة ( 8/1 ) من القانون رقم ( 10 ) لسنة 2004 بإصدار قانون انشاء محاكم الاسرة على أنه : " يجب أن تنتهي التسوية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب , ولا يجوز تجاوز هذه المدة الا بإتفاق الخصوم , فإذا تم الصلح يتولى رئيس مكتب تسوية المنازعات الأسرية اثباته في محضر يوقعه اطراف النزاع , ويلحق بمحضر الجلسة التي تم فيها , وتكون له قوة السندات واجبة التنفيذ , وينتهي به النزاع في حدود ما تم الصلح فيه . " ونصت المادة ( 280/1 ) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه : " لا يجوز التنفيذ الجبرى إلا بسند تنفيذى اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء . والسندات التنفيذية هى الأحكام والأوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التى تصدق عليها المحاكم أو مجالس الصلح والأوراق الأخرى التى يعطيها القانون هذه الصفة . " ولذلك يجب ان تتجه مكاتب المحاماة التي يلجأ اليها المتخاصمين هذا الإتجاه , ويجب ان يقوم المستشار القانوني بتوجيه النصح والارشاد الى من يستشيره لايضاح موقفه القانوني , ولخشية ان تأخذه العزة بالإثم فيحجم عن التصالح ودياً متصوراً انه بذلك سيحصل على إستفادة اكبر ... والفطن هو الذي يدرك انه لا مناص من مسألة التوفيق بين المتخاصمين , فكلا منهما يجب ان يقوم بالتنازل عن جزء من طلباته تجاه الآخر للوصول الى حلول وسطية . ففي النهاية يجب ان نسعى جميعاً للوصول الى ما يصب في مصلحة الصغار ... ونختم بقوله تعالى : ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾ ﴿ سورة النساء – 85 ﴾