تفاقم أزمات السودان.. ضربة قاصمة للاقتصاد وشبح المجاعة يخيم في البلاد
كتبت-زينب سعيد
تصاعدت الاشتباكات المسلحة الدائرة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، منذ ما يقرب من 11 شهرًا، ووجهت ضربة قاصمة للاقتصاد السوداني، مع استمرار إغلاق المصارف، وتوقف حركة الاستيراد والتصدير، وانهيار قيمة العملة المحلية.
وأودت تلك الاشتباكات مسلحة بحياة الآلاف، وأجبرت أكثر من 10 ملايين سوداني على النزوح داخل البلاد وإلى دول الجوار.
توقف الاستيراد والتصدير للسودان
وذكرت وكالة "فرانس برس"، في تقرير لها، أن الاشتباكات المسلحة في السودان أدت إلى توقف حركة الاستيراد والتصدير في البلاد.
ونقلت الوكالة عن رجل أعمال سوداني يعمل في تصدير الصمغ العربي، أنه لم يستطع تصدير كمية كبيرة من الصمغ خزنها قبل الحرب.
وقال: "دفعت أموالًا كثيرة لإخراج كمية الصمغ من العاصمة إلى مدينة بورتسودان في الشرق، حيث الميناء الوحيد العامل في البلاد".
ويتصدر السودان الدول المنتجة للصمغ، ويستحوذ على نحو 70% من تجارته العالمية، بحسب الوكالة الفرنسية للتنمية.
ورغم كل هذه التكلفة وإيصال البضاعة إلى المدينة السودانية المطلة على البحر الأحمر، لم تكف أموال رجل الأعمال السوداني لإتمام عملية التصدير.
وأفاد تقرير لهيئة الموانئ السودانية بتراجع حجم الصادرات والواردات في العام 2023 بنسبة 23%، مقارنة بالعام السابق له.
انهيار قيمة العملة المحلية للسودان
ولفت تقرير "فرانس برس" إلى أن التعقيدات لا تتوقف عند هذا الأمر، إذ زادت معاناة المصدرين بشكل عام إثر قرار من وزارة المالية السودانية برفع قيمة الدولار الجمركي، أي مؤشر تعرفة الجمارك في حال تذبذب أسعار الصرف، ليسجل 950 جنيهًا بدلًا من 650 جنيهًا.
ونقلت الوكالة عن الرئيس السابق للغرفة التجارية السودانية، الصادق جلال: "هذا القرار بمثابة تدمير للاقتصاد".
وانخفضت قيمة العملة المحلية السودانية مقابل الدولار الأمريكي منذ اندلاع الحرب ليسجل سعر صرف الدولار حاليًا 1200 جنيه مقابل 600 في أبريل الماضي.
كما أدت الحرب إلى توقف 70% من فروع المصارف في مناطق القتال، بحسب تقرير لبنك السودان المركزي.
تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان
وأفاد صندوق النقد الدولي، في تقرير الشهر الماضي، بأن "الصراع في السودان أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، كما توقف النشاط الاقتصادي في أجزاء كبيرة من البلاد، ما ساهم في استمرار معدلات النمو السالبة عقب الانكماش الحاد الذي شهده عام 2023".
وكانت المؤسسة المالية الدولية توقعت انكماش اقتصاد السودان لعام 2023 بنسبة 18%.
ومع توسع الاشتباكات المسلحة، إلى ولاية الجزيرة في وسط السودان، والتي تضم أحد أكبر المشروعات الزراعية في القارة الإفريقية على مساحة مليوني فدان.
وتراجعت المساحة الزراعية في البلاد لتصبح المحاصيل المزروعة تغطي مساحة 37% فقط من إجمالي الأراضي المهيأة للزراعة، بحسب تقرير أعده مركز "فكرة" السوداني للدراسات والتنمية.
انتشار المجاعة في السودان
أصبح السودان على حافة الانهيار بعد نحو 11 شهرًا من القتال، إذ يحتاج نصف سكانه -البالغ عددهم 48 مليون نسمة- إلى المساعدات الغذائية، في حين تم اقتلاع ما يقرب من 10 ملايين شخص من ديارهم، وهي أكبر أزمة نزوح داخلي بالعالم.
وحذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، من أن الحرب في السودان دفعت البلاد إلى "شفير الانهيار"، إذ تعاني الغالبية العظمى من السكان من الجوع.
وقال مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان، إيدي رو، لصحفيين في بروكسل: "في هذه المرحلة، أقل من 5% من السودانيين يستطيعون تأمين وجبة كاملة في اليوم".
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف السودانيين البالغ عددهم أكثر من 48 مليون نسمة، أي نحو 25 مليون شخص، باتوا يحتاجون إلى المساعدة، بمن فيهم 18 مليونًا يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.
ومن بين هؤلاء قرابة 5 ملايين على شفا الكارثة، وهو ثاني أسوأ تصنيف يعتمده برنامج الأغذية العالمي لحالات الطوارئ بعد تصنيف المجاعة.
وتنتشر المجاعة في معظم أنحاء السودان بحلول يونيو، ما سيؤدي إلى مقتل نصف مليون شخص، وفقًا لبحث نشره معهد "كلين جينديل"، مركز أبحاث هولندي.
وفي أسوأ السيناريوهات، يمكن أن تؤدي المجاعة في جميع أنحاء البلاد إلى مقتل مليون شخص، كما يتوقع المركز البحثي الهولندي.