السبت 05 أكتوبر 2024 الموافق 02 ربيع الثاني 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
جريدة القارئ نيوز جريدة القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

من أين جاءت طائفة الحشاشين؟ ومن المؤسس؟ ورحلتها إلى قلعة "ألموت"

7FD3F05F-2444-48C8-B302-7F3B8DD4A610||32DABBFF-95A1-4E02-80
7FD3F05F-2444-48C8-B302-7F3B8DD4A610||32DABBFF-95A1-4E02-80

كتبت - أميرة محمد 

تعد حركة الحشاشين من أكثر الحركات السرية غموضًا في التاريخ الإسلامي، ويرجع ذلك إلى تأثيرها الواسع النطاق في المجتمع الإسلامي خلال فترة تاريخية بالغة التعقيد.

تعزى نشأة الحشاشين إلى التيار الشيعي في الإسلام، حيث انقسم هذا التيار إلى فرقتين رئيسيتين بعد وفاة الإمام جعفر الصادق. 

نشأت الخلافات حول من سيخلفه بعد وفاته، هل هو ابنه الأكبر إسماعيل أم ابنه الأصغر موسى الكاظم.

دعمت مجموعة بقيادة ميمون القداح إمامة محمد بن إسماعيل، نجل الإمام جعفر الصادق، بينما أيدت مجموعة أخرى إمامة موسى الكاظم، الأخ الأصغر لإسماعيل.

وتأسست فرقتا الشيعة الرئيسيتان من هذا الخلاف:

الإسماعيلية: اتبعوا محمد بن إسماعيل، واعتبروا أن الإمامة انتقلت إلى أبنائه من بعده.

الاثنا عشرية: اتبعوا موسى الكاظم، واعتبروا أن الإمامة انتقلت إلى اثني عشر إمامًا من نسل علي بن أبي طالب.

بعد وفاة ميمون القداح، خلفه ابنه عبد الله في قيادة الدعوة الإسماعيلية.

دخلت الحركة الإسماعيلية في "دور الستر" بعد وفاة إسماعيل، حيث ركزت على نشر أفكارها وتنظيم صفوفها.

ظهرت خلال هذه الفترة مجموعة رسائل إخوان الصفا التي أشرف على تأليفها الإمام أحمد، أحد الأئمة المستورين.

شهدت الحركة الإسماعيلية مسارًا تاريخيًا مُعقدًا، تميز بتناوب النجاح والفشل على الصعيدين السياسي والفكري.

حققت الحركة الإسماعيلية نجاحًا سياسيًا بارزًا في المغرب الإسلامي، حيث أسست دولتها بقيادة عبيدالله المهدي، وهو إنجاز يقارن بانهيار الخلافة الأموية.

على الرغم من النجاح السياسي، فشلت الحركة الإسماعيلية في نشر فلسفتها وتعميم عقائدها في المغرب، واختفت آثارها الفكرية مع زوال نفوذها السياسي.

في المقابل، واجهت الحركة الإسماعيلية في إيران صعوبات سياسية، حيث فشلت في الوصول إلى السلطة، لكنها نجحت في فرض حضورها الفكري على الساحة الثقافية.

سيطرت الحركة على عقول شخصيات دينية وفلسفية مرموقة، وسيطرت على مراكز علمية في الرى وأصبهان وخراسان، محققةً بذلك نجاحًا فكريًا كبيرًا.

ومع استمرار الانتكاسات السياسية، استنفدت الحركة الإسماعيلية في إيران محتواها، مما حدا مؤسس "حركة الحشاشين" حسن الصباح إلى البحث عن أسلوب عمل جديد.

بعد فشل سياسة التفتح والعمل من أجل الهيمنة الفكرية، اتجه حسن الصباح إلى العمل السري المنظم، مُؤسسًا بذلك لحركة الحشاشين.

من هو حسن الصباح 

نشأ حسن الصباح، مؤسس "حركة الحشاشين"، على مذهب الشيعة الاثنى عشرية، وكان شغوفًا بتلقي العلوم والمعارف منذ صغره.

يعود أصل حسن الصباح إلى ملوك اليمن الحميرين، وكان أبوه يقطن الكوفة بالعراق، ثم انتقل إلى "قم" حيث ولد الحسن على الأرجح.

يقول حسن الصباح في شذرة ذكرها المؤرخ الفارسي علاء الدين الجوينى في كتابه "جهان كشاى": "منذ طفولتى، بل منذ السابعة من عمرى، كان جل اهتمامى تلقى العلوم والمعارف والتزود بكل ما استطيع منها فى سبيل توسيع مداركى".

وأضاف: "وكنت نشأت على المذهب الاثنى عشرى فى التشيع، ولم أكن أر فى غيره طريقًا للخلاص من آفات العالم".

ظل حسن الصباح على مذهب الشيعة الاثنى عشرية حتى بلغ سن السابعة عشرة، حيث التقى بأحد دعاة الإسماعيلية الفاطمية، ودار بينهما جدل حول العقائد الدينية.

كان هذا التقليد الجدلى منتشرًا في أرجاء فارس، حيث كانت مرتعا خصبًا لمختلف التيارات الدينية والعقائدية، وكان أنشط تلك التيارات تيار الدعوة الإسماعيلية.

نتيجة لذلك اللقاء، اعتنق حسن الصباح المذهب الإسماعيلي، وبدأ رحلته الجديدة في عالم الدعوة والفكر.

وعندما بلغ حسن الصباح سن الشباب، التحق بالعلم في بلاط السلاجقة كموظف ومستشار إدارى عند السلطان ملكشاة، ثم خرج بعد فترة إلى مصر.

واجه حسن الصباح، صراعًا مع بدر الجمالى، القابض على شؤون الحكم في مصر، وذلك بسبب دعم الصباح لنزار، ابن المستنصر، كخليفة، بينما كان بدر الجمالى مؤيدًا لأحمد المستعلى، الأخ الأصغر لنزار.

أدى دعم الصباح لنزار إلى ضيق بدر الجمالى، خاصةً مع احترام وتقدير المستنصر لحسن الصباح، مما أدى إلى طرد الصباح من مصر بعد ثلاث سنوات من وصوله.

بعد طرده من مصر، واصل حسن الصباح نشاطه الدعوي بشكل سري للغاية، حيث تنقل من مكان لآخر لاكتساب أنصار جدد.

اتبع أسلوبًا حذرًا للغاية، وكان هو وأنصاره مستعدين لفعل أي شيء لحماية أنفسهم.

نفذ أنصار حسن الصباح أول عملية اغتيال لهم ضد مؤذن من أهل ساوة كان مقيمًا في أصفهان، وذلك بعد رفضه دعوتهم إلى مذهبهم، خوفًا من كشف أمرهم.

أدركت السلطة السلجوقية خطورة حركة الحشاشين، وأنهم ليسوا مجرد جماعة عقائدية، بل يشكلون خطرًا على استقرار وأمن السلطة.

دفع ذلك حسن الصباح إلى البحث عن حصن منيع يحميه هو وأتباعه، ويسهل عليهم نشر دعوتهم، فاتجهت أنظاره نحو هضبة الديلم في الشمال.

اختار حسن الصباح، مؤسس حركة الحشاشين، هضبة الديلم لتكون موطنًا لحركته الوليدة، وذلك لأسباب استراتيجية جوهرية.

تميزت هضبة الديلم بسكانها الذين يميلون إلى التشيع، بل يشكل الشيعة غالبية سكانها. 

ساعد ذلك على سهولة انتشار المذهب الإسماعيلي بينهم، نظرًا لقرب أفكاره من معتقداتهم.

تتمتع هضبة الديلم بطبيعة جغرافية فريدة تختلف عن سائر المناطق الفارسية. تقع على الناحية الشمالية من الجبال المحيطة بهضبة فارس الرئيسية، وتتميز بوجود هضاب وعرة وطرق عسيرة المسالك. 

تضم أيضًا العديد من القلاع والحصون التي يصعب على الأعداء اقتحامها.

أدرك حسن الصباح أهمية هذه القلاع، فقرر الاستيلاء على قلعة "ألموت" التي اعتبرت أحصن القلاع في المنطقة. 

ساعده ذلك على تحقيق الحماية لطائفة الحشاشين وضمان استمرارها.

كان الاستيلاء على قلعة الموت أول عمل تاريخي هام في حياة حركة الحشاشين، وعلامة فارقة في مسيرتها نحو التأثير على مجرى التاريخ.

معني الحشاشين

لا تزال أصول تسمية "الحشاشين" غامضة، حيث اختلفت الروايات حول مصدرها.

الحشيش: يرى البعض أن التسمية تعود إلى تعاطي مقاتلي الحركة للحشيش.

القتلة: يرجح آخرون أن أصلها اشتقاقي من كلمة "Assassin" الفرنسية، وتعني "القتلة" أو "الاغتياليين".

استخدم الصليبيون هذه التسمية للإشارة إلى الإسماعيلية الذين استهدفوا ملوكهم وقادة جيوشهم.

المؤسسين: يعتقد البعض أن التسمية مرتبطة بـ"المؤسسين" نسبةً إلى تأسيس قلعة "ألموت".

على الرغم من اعتقاد البعض أن "الحشاشين" يشيرون إلى متعاطي الحشيش، إلا أن النصوص الإسماعيلية لا تُؤكد استخدامهم له. لم يُشر المؤرخون الرئيسيون للنزاريين، مثل الجوينى، إلى تعاطي الحشاشين للحشيش. كما لم تُحدد المصادر العربية معنى صريحًا للكلمة.

يقال أن حسن الصباح استخدم الحشيش لتجنيد أتباعه. 

كان يأخذ الشباب في سن المراهقة ويخدّرهم بالحشيش، ثم يدخلهم إلى حدائق خاصة مليئة بالملذات. 

بعد ذلك، يعيدهم إلى وعيهم ويطلب منهم تنفيذ أوامره للحصول على الخلود في الجنة التي ذاقوا جزءًا من نعيمها.

شهرة الحشاشين

لطالما حظيت طائفة الحشاشين باهتمام كبير من قبل الأدباء والكتاب، حيث ألهمت قلعة "ألموت" وفعالياتهم العديد من الحكايات والأساطير التي خلدت في الأدب العالمي.

قلعة ألموت مصدر غني للروايات

رواية "ألموت" للكاتب فلاديمير بارتول: تعد من أشهر الروايات التي تناولت قصة طائفة الحشاشين، نشرت الرواية عام 1938م.

وتدور حول شخصية خيالية تدعى "ابن طاهر" الذي انضم إلى فدائيي ألموت بناء على رغبة أهله، وتلقى التدريبات اللازمة لتنفيذ عمليات الاغتيال.

رواية "The Walking Drum" للكاتب لويس لامور: نُشرت عام 1984م، وتروي رحلة "ماثورين" في أوروبا القديمة وفارس للبحث عن والده المفقود.

تم نسخ الرابط