السيد البدوى.. صاحب المقام وحكاياته مع التراث الشعبي
بالتزامن مع انطلاق احتفالات الطرق الصوفية، بمولد السيد البدوى، صاحب المقام والمزار الدينى الشهير بمدينة طنطا، وهو إمام صوفى سنى عربى، وثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى المتصوفين، وإليه تنسب الطريقة البدوية ذات الراية الحمراء، لُقب بالبدوى لأنه كان دائم تغطية وجهه باللثام مثل أهل البادية، وله الكثير من الألقاب، أشهرها شيخ العرب والسطوحى.
السيد البدوى
ينتمي نسبه من جهة أبيه إلى الحسين بن على بن أبى طالب، وولد البدوى بمدينة فاس المغربية.
هاجر إلى مكة مع عائلته في سن سبع سنوات، واستغرقت الرحلة أربع سنوات، منهم ثلاث سنوات أقاموها بمصر.
يُنسب إلى السيد البدوى العديد من الكرامات، أشهرها ما يتداوله العامة أنه كان ينقذ الأسرى المصريين من أوروبا الذين تم أسرهم فى الحروب الصليبية، ولذلك انتشرت مقولة في التراث الشعبي المصري هي الله الله يا بدوى جاب اليسرى، أى أن البدوى قد جاء بالأسرى.
وبحسب كتاب "مناقب السيد البدوى.. المسماه بالجواهر السنية والكرامات الأحمدية" من تأليف سيدى عبد الصمد، فإن أحمد البدوى يرجع نسله إلى الإمام على بن أبى طالب، فهو أحمد بن على بن إبراهيم ابن محمد بن أبى بكر بن إسماعيل بن عمر بن على بن عثمان بن حسين بن محمد بن موسى بن يحيى ابن عيسى بن هلى بن محمد بن حسن بن حعفر بن على بن موسى بن جعفر الصادق بن محمد بن على بن حسين بن على ابن أبى طالب.
يؤكد الكاتب أن السيد البدوى صاحب كرامات لا تحصى، منها ما ذكره الشيخ حافظ العصر بن حجر، أن امرأة أسر الإفرنج ولدها فلاذت به فأحضره إليها فى قيوده. ومر به رجل يحمل قربة لبن فأومأ إليها بإصبعه فانقدت وانسكب اللبن وخرجت منه حية قد انتفخت داخلها.
وما تم نقله عن جلال الدين السيوطى حيث قال: كنت مرة فى أرض تروى فى أيام الفيضان النيل فخطر قلبى هل كان لسيدى أحمد البدوى لثامان كما يقولون؟ فإذا به مقبل على فرس أظنه أخضر ملثم بلثامين، وهو يقول: يا فلان كما يقولون مرتين جعل بدل القاف جيما على العرب.
ويبدو أن الكرامات الشيخ السيد البدوي استمرت حتى بعد وفاته، حيث عدد الكتاب عددا من كرامات البدوى بعد وفاته، حيث ذكر أن مجموعة طالبوا الشيخ يحيى المناوى بإبطال المولد فرفض فقدموا فيه شكوى إلى السلطان الملك الظاهر، فقام باستدعائه، وطلب منه الإفتاء، بإبطال المولد، فرفض وقال له إنه قد يحرم بعض المحرمات فى المولد، وهو أمر من الممكن أن يرسل فيه السلطان ما ينهى، فلما قال له الملك إن هناك من أفتى فقال له: من اجترأ على ذلك. وتابع: سيدى أحمد البدوى وهو لن يرجع عن هولاء الجماعة الذين سعوا بإبطال مولده، وسوف تنظر ما سوف يحصل لهولاء من ضرر.
بركات السيد البدوي
ومن بركات السيد البدوي على طنطا:
أنها صارت بقدومه إليها بلدًا علميًّا سامقًا ومعهدًا قرآنيًّا باسقًا، وصار تدريس القرآن والعلم فيها عريقًا، وازدانت بالعلماء والقُرّاء بريقًا؛ فنشأت فيها حركة علمية، ومنظومة تعليمية، ومدرسة قرآنية، صار فيها الجامعُ الأحمديُّ شقيقَ الجامع الأزه.
وانتسب إليه فطاحل العلماء والأولياء، وتخرّج منه كبارُ الفقهاء وأعاظم القُرّاء الذين تربعوا على عرش القراءة القرآنية.
واشتهر بين علماءِ مصرَ قولُهم: "العلم أزهريٌّ، والقرآنُ أحمديٌّ"، وهي مقولة يأثرها القراء وعلماء القراءات عن شيخ المقارئ المصرية وإمام أهل القراءة في عصره ومصره العلامة شمس الدين محمد المتولي الكبير [ت: 1313هـ].
وبلغ ممَّا وضعه الله لوليه السيد أحمد البدوي رضي الله عنه من القبول عند الخاصة والعامة: أن سمَّى العلماءُ أولادَهم العلماءَ باسمه ولقبه معًا "السيد البدوي" تيمنًا وتبركًا؛ حتى كثر ذلك في الناس: كالشيخ العلامة محمدَا بن أبي أحمد الأموي المجلسي الشنقيطي، وولده هو العلامة النسابة أحمد البدوي الشنقيطي المجلسي [ت: 1208هـ] صاحب نظم "عمود النسب"؛ حيث سمّاه ولقبه "بأحمد البدوي" تيمنًا باسم السيد البدوي ولقبه رضي الله عنه، كما ذكره صاحب "رياض السيرة والأدب، في إكمال شرح عمود النسب" (1/ 3، ط. دار الفتح).
وكإمام الجامع الأحمدي الشيخ إبراهيم بن إبراهيم الظواهريّ الشافعي [ت: 1325هـ]؛ فإنه سمى ولدَه "بمحمد الأحمدي" تيمنًا باسم السيد أحمد البدوي رضي الله عنه، وولدُه هو شيخ الإسلام الإمام الأكبر محمد الأحمدي الظواهري إمام الجامع الأزهر [ت: 1363هـ].
وهذا كله من علامات القبول التي وعد الله تعالى بها أولياءَه وأهلَ رضاه؛ كما قال الله جل في علاه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: 96].