هل يشكل تلوث الهواء خطرًا إضافيًا على مرضى القلب؟.. اكتشف التفاصيل
تعتبر أمراض القلب من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الوفاة على مستوى العالم، ولكن في الآونة الأخيرة، أصبح التلوث البيئي، وخاصة تلوث الهواء، يُعتبر عاملًا إضافيًا يزيد من مخاطر هذه الأمراض.
وفي هذا المقال سنتناول العلاقة بين تلوث الهواء وأمراض القلب، وكيف يؤثر هذا التلوث على المرضى الذين يعانون من مشاكل قلبية.
تأثير تلوث الهواء على صحة القلب
تلوث الهواء يتضمن مجموعة من المواد الضارة التي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي نتيجة للنشاط البشري، مثل غازات العادم من المركبات، الدخان الناتج عن المصانع، بالإضافة إلى المواد الجسيمية الدقيقة مثل الجسيمات الدقيقة (PM2.5)، هذه المواد لا تقتصر على التأثير على الجهاز التنفسي فقط، بل تمتد لتؤثر على النظام القلبي الوعائي.
الدراسات العلمية أظهرت أن التعرض المستمر للهواء الملوث يؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ذلك لأن الجسيمات الدقيقة التي يتم استنشاقها من الهواء الملوث يمكن أن تتسرب إلى مجرى الدم، مما يؤدي إلى التهابات في الأوعية الدموية ويزيد من احتمالية انسداد الشرايين.
التأثيرات على المرضى الذين يعانون من أمراض قلبية
بالنسبة لمرضى القلب، فإن التلوث الهوائي يشكل تهديدًا إضافيًا يمكن أن يزيد من مضاعفات حالتهم، على سبيل المثال، يمكن أن يزيد التلوث من احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، فضلاً عن زيادة الضغط على القلب وضعف وظائفه، هناك أيضًا علاقة بين تلوث الهواء وبين تفاقم الأمراض المزمنة مثل قصور القلب والذبحة الصدرية.
السبب في ذلك يعود إلى أن الهواء الملوث يؤدي إلى زيادة الالتهاب في الأوعية الدموية، مما يضعف قدرة الأوعية على التوسع والانقباض بشكل طبيعي، مما يعرقل تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية وهذا يمكن أن يفاقم الحالة الصحية للأشخاص الذين يعانون من مشاكل قلبية.
الدراسات والبحوث الحديثة
أظهرت العديد من الدراسات أن التعرض المستمر للهواء الملوث يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، دراسة أجرتها “منظمة الصحة العالمية” تشير إلى أن تلوث الهواء مسؤول عن حوالي 7 مليون حالة وفاة سنويًا، وأن جزءًا كبيرًا من هذه الوفيات يتسبب في أمراض قلبية وعائية وقد أظهرت أبحاث أخرى أن الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات مستوى عالٍ من التلوث الهوائي يكونون أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية مقارنة بالذين يعيشون في مناطق أنظف.
وكشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في مركز أبحاث «Intermountain Health» الأمريكي عن العلاقة بين تلوث الهواء وزيادة مستويات الالتهابات لدى مرضى القلب، خصوصًا أولئك المصابين بفشل القلب.
تم عرض الدراسة في مؤتمر الجمعية الأمريكية للقلب لعام 2024 في شيكاغو، حيث أكدت أن تلوث الهواء يمثل عبئًا إضافيًا على أجسام مرضى القلب مقارنة بالأشخاص الأصحاء.
قام الباحثون بتحليل عينات دم مأخوذة من مرضى مسجلين في برنامج «INSPIRE» التابع لمركز «Intermountain Health»، والذي يجمع بيانات طبية وعينات بيولوجية من أفراد أصحاء وآخرين يعانون من أمراض مزمنة، شملت الدراسة مقارنة عينات دم 44 مريضًا يعانون من فشل القلب، و35 شخصًا لا يعانون من أمراض قلبية.
تمت مقارنة العينات التي أُخذت في أيام ذات مستويات منخفضة من تلوث الهواء (PM2.5 أقل من 7 ميكروجرام/متر مكعب) مع تلك التي أُخذت في أيام ارتفعت فيها مستويات تلوث الهواء (PM2.5 وصلت إلى 20 ميكروجرام/متر مكعب أو أكثر) بسبب دخان حرائق الغابات في الصيف أو ظاهرة الانعكاس الحراري في الشتاء.
أظهرت النتائج أن اثنين من مؤشرات الالتهاب، وهما CCL27 وIL-18، ارتفعا بشكل ملحوظ لدى مرضى فشل القلب خلال فترات تلوث الهواء المرتفع، بالمقابل لم يظهر أي تغيير في هذه المؤشرات لدى الأشخاص الأصحاء وتُظهر هذه النتائج أن مرضى القلب يواجهون صعوبة أكبر في التكيف مع الالتهابات الناجمة عن تلوث الهواء.
وفي تعليق له، قال الدكتور بنجامين هورن ، مؤلف الدراسة، تُظهر نتائجنا أن مرضى القلب ليسوا قادرين على التكيف بشكل جيد مع الالتهابات البيئية الحادة مقارنة بالأفراد الأصحاء، مما يجعلهم عرضة لمضاعفات صحية أكبر خلال فترات تلوث الهواء.
وأضاف: من الضروري أن يتخذ مرضى القلب احتياطات إضافية خلال فترات تلوث الهواء المرتفع، مثل ممارسة الرياضة داخل المنازل، الالتزام بالأدوية الموصوفة، وتجنب المناطق المزدحمة بالمرور.
الوقاية والتقليل من المخاطر
لحماية صحة القلب، من المهم اتخاذ بعض التدابير الوقائية لتقليل التعرض لتلوث الهواء، خاصة لأولئك الذين يعانون من أمراض قلبية، من أبرز هذه التدابير:
1.تجنب الأماكن الملوثة: من الأفضل تجنب المناطق ذات التلوث العالي، مثل الأماكن القريبة من الطرق السريعة أو المصانع.
2.استخدام الكمامات الواقية: يمكن للأشخاص الذين يعيشون في مناطق ملوثة استخدام الكمامات التي تحتوي على فلاتر لحماية أنفسهم من الجسيمات الدقيقة.
3.مراقبة جودة الهواء: من المهم متابعة مستويات التلوث في منطقتك باستخدام تطبيقات المراقبة الجوية.
4.ممارسة الرياضة في أماكن آمنة: يُفضل ممارسة الرياضة في أماكن تحتوي على هواء نقي مثل الحدائق أو الأماكن المغلقة التي تحتوي على أنظمة تهوية جيدة.
لا شك أن تلوث الهواء يشكل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة، ويزداد تأثيره بشكل خاص على مرضى القلب، من الضروري أن يتخذ المرضى التدابير الوقائية لتقليل تعرضهم لهذا التلوث، مع أهمية التوعية المستمرة حول العلاقة بين التلوث وأمراض القلب، في المستقبل ستكون الأبحاث المستمرة حول هذا الموضوع ضرورية لفهم أعمق لآثاره ولتطوير استراتيجيات فعالة للحماية والوقاية.