بدعة أم جائزة شرعاً؟.. الإفتاء توضح حكم استخدام الرقية بالقرآن للعلاج
الرقية بالقرآن الكريم هي من أبرز العلاجات الروحية التي يلتجئ إليها المسلمون للتداوي من الأمراض النفسية والجسدية، وهي عبادة مشروعة إذا تمت وفق الضوابط الشرعية الصحيحة، منذ القدم عرف المسلمون أهمية القرآن الكريم في الشفاء من الأسقام.
كما أكد القرآن نفسه في آيات عديدة، حيث قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الإسراء: 82)، ومع ذلك انتشرت بعض التساؤلات حول مدى مشروعية الرقية الشرعية ووجود بعض الممارسات المخالفة للأحكام الإسلامية، مما دفع دار الإفتاء المصرية إلى توضيح حكم الرقية الشرعية بالقرآن الكريم.
حكم الرقية بالقرآن الكريم
في بيان رسمي صادر عن لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أكدت اللجنة أن الرقية بالقرآن الكريم جائزة شرعًا للشفاء من مختلف الأمراض، شريطة أن تلتزم بالضوابط الشرعية المقررة في الإسلام، كما أضافت اللجنة أن الرقية لا تؤثر بذاتها، وإنما المؤثر الحقيقي في الشفاء هو الله سبحانه وتعالى، بقدره وفضله، وأنه يجب على المسلم أن يعتقد أن القرآن ليس مصدرًا للشفاء بذاته، بل هو سبب مشروع ينطلق من إيماننا بالله.
تحذير من الدجالين
وقد نبهت لجنة الفتوى إلى ضرورة الحذر من الدجالين الذين يروجون للرقية غير الشرعية ويتقاضون أجرًا غير مشروع من المرضى بدعوى أنهم يقومون بالرقية ولفتت اللجنة إلى أنه من الأفضل أن يرقي الإنسان نفسه، أو أن يطلب ذلك من الأشخاص الموثوق في أمانتهم وعدالتهم من العلماء والرقاة المتخصصين الذين يلتزمون بالشروط الشرعية، كما أكدت اللجنة أن المسلم يجب أن يلجأ إلى كافة الأسباب المشروعة التي أتاحها الله تعالى للشفاء، بما في ذلك العلاج الطبي والدوائي، بجانب الرقية الشرعية.
شروط الرقية الشرعية
حدد علماء الإسلام مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوافر في الرقية لكي تكون شرعية.
أولًا يجب أن تكون الرقية بآيات من القرآن الكريم أو بأدعية نبوية صحيحة، بعيدًا عن أي ممارسات خارجة عن إطار الدين.
ثانيًا يجب أن تكون الرقية باللغة العربية أو بلغة يفهم معناها المتلقي، حتى تكون مؤثرة وواضحة.
ثالثًا يجب ألا يعتقد الراقي أن الرقية تؤثر بذاتها، بل أن الشفاء مرهون بإرادة الله سبحانه وتعالى.
بعض الآيات القرآنية والأدعية المشروعة للرقية
بعض الآيات الواردة في القرآن الكريم
فاتحة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم { الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ }
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
{ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }
{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }
{ إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }
{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ }
{ وَالصَّافَّاتِ صَفّاً * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً * إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ * إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ}
{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
{ وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً }
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }
قراءة سورة الصمد وسورتي المعوذتين وبعض الأدعية الواردة في السنة
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.
أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة.
أعوذ بكلمات الله التامة التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن.
أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده ومن شر همزات الشياطين وأن يحضرون.
اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته.
اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك ، سبحانك وبحمدك.
أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيئ أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وبأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق و ذرأ و برأ، ومن كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم.
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيئ قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيئ علماً، وأحصى كل شيء عدداً.
وقد ذكر العلماء أن هذه الآيات لها تأثير عظيم في الشفاء من الأمراض الروحية والجسدية، كما أن الأدعية النبوية مثل “أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق” أو “اللهم إني أعوذ بك من شر ما أنت آخذ بناصيته” تعتبر من أهم وسائل الرقية.
ممارسات مخالفة للرقية الشرعية
من جهة أخرى، شددت دار الإفتاء المصرية على ضرورة الابتعاد عن الممارسات الخاطئة التي قد تنتشر بين بعض الرقاة، فبعض الأشخاص قد يستخدمون أذكارًا أو طقوسًا غير شرعية تحت مسمى “الرقية”، ومنها استخدام الطلاسم أو الألفاظ التي لا تتفق مع تعاليم الإسلام، كما أن بعض الدجالين قد يطالبون المرضى بمبالغ مالية مقابل ما يزعمون أنه شفاء من الأمراض، وهذا مخالف للأحكام الشرعية التي تشدد على أن العلاج بالرقية يجب أن يكون مجانيًا من باب التعاون على البر والتقوى.
الرقية الطبية بجانب العلاج الدنيوي
وبالإضافة إلى ذلك، أكدت لجنة الفتوى على ضرورة أن لا يتوقف المسلم عند الرقية الشرعية فقط في علاج مرضه، بل يجب أن يتواكب ذلك مع استخدام وسائل العلاج الطبية التي أتاحها الله سبحانه وتعالى، مثل الأدوية والعلاجات الحديثة، حيث أن الإسلام لا يعارض العلم والعلاج الدنيوي طالما كان مشروعًا.
الرقية بالقرآن الكريم هي وسيلة مشروعة للشفاء من الأمراض إذا تمت وفق الأطر الشرعية الصحيحة، يجب على المسلم أن يكون واعيًا بأن الرقية ليست هي السبب الوحيد للشفاء، بل إن الله هو الشافي الحقيقي، كما يجب أن يتجنب الدجالين والممارسات الخاطئة، وأن يتحلى بالإيمان الكامل بالله مع الالتزام بكافة وسائل العلاج المتاحة.