أهمية المواظبة على السنن الرواتب وفضل أدائها في حياة المسلم
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤالٌ مهم يتكرر في أذهان الكثير من المسلمين: ما فضل المحافظة على أداء السنن الرواتب؟ وهل الإكثار منها سببٌ لمحبة الله عز وجل؟
في إجابة دار الإفتاء، أكدت أن السنن الرواتب ليست مجرد صلاة نوافل يؤديها المسلم لتزداد حسناته، بل هي وسيلة تقرّب العبد من الله، وتُكسِب محبته عز وجل.
واستشهدت الدار بحديثٍ عظيم القدر رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “إِنَّ اللهَ قَال: وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ”، يدل الحديث على أن أداء النوافل، بما فيها السنن الرواتب، طريقٌ يفتح أبواب المحبة الإلهية، التي هي أعظم نعمة ينالها المسلم في الدنيا والآخرة.
فضل السنن الرواتب وأهميتها
السنن الرواتب هي الصلوات التي شرعت لتُصلى مع الفرائض المفروضة؛ إما قبلها أو بعدها. عددها كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، ركعتان بعده، ركعتان بعد المغرب، ركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، المواظبة عليها لها أجرٌ عظيم، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام الترمذي عن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ”.
وقد أكد العلماء أن الحرص على هذه السنن يرفع من درجات العبد عند الله، ويكمل النقص الذي قد يحدث في الصلوات المفروضة، فعندما يُحافظ المسلم على الرواتب القبلية، فإنه يُهيئ قلبه وعقله للصلاة المفروضة، فيدخل إليها بخشوع أكثر، أما الرواتب البعدية فتجبر النقص الذي قد يقع في أداء الفريضة، ما يجعل المسلم أكثر قربًا لله سبحانه.
الترغيب في نافلة الفجر وأجرها العظيم
من بين السنن الرواتب، اختصت نافلة الفجر بفضلٍ عظيم وترغيب خاص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فقد قال عنها: “رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا” (رواه مسلم)، هذا الحديث يوضح أن أداء ركعتي الفجر خيرٌ من أي متاعٍ دنيوي مهما بلغت قيمته، لماذا؟ لأن متاع الدنيا زائلٌ وناقص، بينما أجر هاتين الركعتين باقٍ وكامل.
وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحرص على أداء ركعتي الفجر حرصًا شديدًا، حتى أنه كان يؤديهما في السفر مع ما يترتب عليه من مشقة.
الحث على السنن القبلية والبعدية
كما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحرص على أداء أربع ركعات قبل الظهر، فإن فاتته صلاها بعد ركعتي الظهر البعدية، روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كَانَ إِذَا لَمْ يُصَلِّ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ صَلَّاهُنَّ بَعْدَهُ” (رواه الترمذي).
هذا الحرص النبوي يؤكد على أهمية الرواتب القبلية والبعدية للصلاة. فهي ليست مجرد إضافات اختيارية، بل جزءٌ من تنظيم علاقة العبد بربه، تساعده على المحافظة على صلاته وتضمن له الخشوع فيها.
السنن الرواتب طريقٌ للجنة
المواظبة على السنن الرواتب ليست فقط طريقًا لمحبة الله، بل هي بابٌ من أبواب الجنة، المسلم الذي يصليها بانتظام يجني ثمارها في الآخرة، حيث يبني الله له بيتًا في الجنة، كما ورد في الحديث الشريف.
أكدت دار الإفتاء المصرية أن المسلم الذي يحرص على أداء السنن الرواتب يجد أثرها الإيجابي في حياته الروحية والدنيوية، فهي ليست مجرد عبادة إضافية بل هي وسيلة لترقيق القلب، وزيادة الإيمان، وتعميق المحبة الإلهية، لذلك، ينبغي على كل مسلم أن يحافظ عليها بانتظام، لأنها تمثل أحد أهم وسائل التقرب إلى الله سبحانه وتعالى.