شيخ الأزهر والرئيس الإندونيسي يؤكدان استمرار الجهود لوقف الإبادة الجماعية بغزة
استقبل الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بمقر مشيخة الأزهر، الرئيس برابوو سوبيانتو، رئيس جمهورية إندونيسيا، في زيارة تأتي في إطار تعزيز سبل التعاون بين الأزهر الشريف وإندونيسيا، خصوصًا في المجالات العلمية والدينية والإنسانية، وقد تباحث الطرفان حول العديد من القضايا المشتركة التي تهم العالمين العربي والإسلامي، في مقدمتها سبل تعزيز التفاهم والاتفاق على القضايا الإسلامية التي تحظى باهتمام مشترك، وفي مقدمتها الأوضاع الراهنة في غزة وأهمية التكاتف العربي والإسلامي لمواجهة التحديات الكبيرة التي يمر بها العالم الإسلامي في الوقت الراهن.
العلاقات التاريخية بين الأزهر وإندونيسيا
رحب فضيلة الإمام الأكبر في بداية اللقاء بالرئيس الإندونيسي والوفد المرافق له، مثمنًا العلاقات التاريخية العميقة التي تربط الأزهر بإندونيسيا، حيث توافد أبناء هذا البلد العريق على الأزهر الشريف على مر العقود لاستكمال دراساتهم الدينية والعلمية، وأشار الإمام الطيب إلى أن الأزهر يعتز بوجود نحو 15000 طالب وطالبة من إندونيسيا يدرسون في مختلف المراحل التعليمية، مؤكدًا أن هؤلاء الطلاب يشكلون نموذجًا مشرفًا في الاجتهاد والعزيمة في طلب العلم، فضلًا عن التحلي بالأخلاق الحميدة والقيم الإسلامية الرفيعة.
دعم الأزهر لإندونيسيا
وتطرق فضيلته إلى استعداد الأزهر الشريف لدعم إندونيسيا في تدريب الأئمة والوعاظ، من خلال أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة، حيث أشار إلى أن الأكاديمية قد قامت بتدريب 300 إمام إندونيسي، كما أعرب عن استعداد الأزهر لإرسال بعثة أزهرية جديدة إلى إندونيسيا لتعزيز التعاون العلمي والديني بين الجانبين، حيث يبلغ عدد العلماء والمعلمين الأزهريين الموفدين حاليًا إلى إندونيسيا 47 عضوًا، يتوزعون بين العلماء والمعلمين.
الأزهر وبيت الزكاة والصدقات
وفي جانب آخر من اللقاء، أشاد الإمام الأكبر بالتعاون القائم بين الأزهر وبيت الزكاة والصدقات، الذراع الخيري للأزهر، وبين المؤسسات الخيرية الإندونيسية، خاصة في المجال الإغاثي، وأكد فضيلته أن هذه الشراكة تتمثل بشكل خاص في الدعم المستمر للقوافل الإغاثية التي ينظمها بيت الزكاة والصدقات للأشقاء في غزة، الذين يعانون من الإبادة الجماعية والعدوان الوحشي الذي يتعرضون له، مؤكدًا أن هذه الجرائم التي ترتكب في غزة تزداد قسوة في ظل صمت دولي غير مبرر، مما يتطلب المزيد من العمل الجماعي لإيقاف هذه المأساة.
وحدة الصف العربي والإسلامي
كما دعا شيخ الأزهر خلال اللقاء إلى ضرورة العمل على وحدة الصف العربي والإسلامي، مؤكدًا أن الوحدة هي السبيل الوحيد للتصدي للأزمات التي تواجه العالم الإسلامي في الوقت الراهن، وشدد على أن الدول الإسلامية تملك جميع مقومات التقدم والازدهار، من موارد بشرية وطبيعية، التي تؤهلها للعودة إلى الريادة العالمية، مطالبًا بتعزيز التضامن بين الدول الإسلامية وتغليب المصلحة المشتركة.
وفي سياق متصل، عبّر الإمام الطيب عن تقديره لدور إندونيسيا الكبير في دعم مبادرات مجلس حكماء المسلمين، مؤكداً على أهمية احتضان إندونيسيا للمكتب الإقليمي للمجلس في المنطقة، ورعاية هذا المكتب لتحقيق أهدافه السامية في تعزيز السلام والتنمية من خلال الحوار بين الأديان، وأثنى على دور إندونيسيا المتميز في التحالف العالمي للقيادات الدينية الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين تحت شعار “أديان من أجل التنمية والسلام”.
من جانبه، عبّر الرئيس الإندونيسي عن سعادته بلقاء شيخ الأزهر للمرة الثانية بعد اللقاء الأول في العاصمة جاكرتا، وأعرب عن تقديره الكبير لما يقدمه الأزهر من دعم ورعاية لطلاب إندونيسيا، معتبرًا أن خريجي الأزهر في إندونيسيا يحظون بسمعة طيبة، ويلعبون دورًا محوريًا في نشر قيم الإخاء والتعايش السلمي في المجتمع الإندونيسي، وأضاف الرئيس سوبيانتو أن إندونيسيا تقدر عاليا الدور الذي يلعبه الأزهر في تعزيز الوعي الديني الصحيح بين المسلمين، مشيرًا إلى أن الرئيس الإندونيسي الأسبق، عبد الرحمن وحيد، قد تلقى تعليمه في الأزهر الشريف.
وفيما يخص الأوضاع في المنطقة، أعرب الرئيس الإندونيسي عن أسفه لما يحدث في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن الأحداث في غزة تثير الحزن والأسى في إندونيسيا، حيث أن ما يحدث للعرب والمسلمين يؤثر بشكل مباشر على الشعب الإندونيسي، وأشار إلى أن إندونيسيا حريصة على وحدة العالم الإسلامي وتسعى جاهدة للتخفيف من النزاعات الداخلية وتعزيز التواصل بين الدول الإسلامية.
وفي ختام اللقاء، أكد الرئيس الإندونيسي على دعم بلاده لمبادرات مجلس حكماء المسلمين، معلنًا عن ترحيب إندونيسيا باستضافة النسخة الأولى من مؤتمر “أديان من أجل التنمية والسلام”، الذي ينظمه المجلس، مؤكدًا توفير كل الإمكانيات اللازمة لإنجاح المؤتمر وتحقيق أهدافه في تعزيز التعاون بين الأديان والشعوب المختلفة من أجل مستقبل أكثر استقرارًا وسلمًا.