الإفتاء توضح: هل يجوز أداء الحج والعمرة عن طريق المسابقات؟
في خطوة توضح جانبًا مهمًا من المسائل الفقهية المتعلقة بالحج والعمرة، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى توضح حكم الحج والعمرة عن طريق المسابقات، بعدما ورد إليها سؤال عبر موقعها الرسمي من أحد المواطنين الذين شاركوا في مسابقة ثقافية نظمتها إحدى الجهات الخيرية، وكانت جائزتها رحلة حج أو عمرة، وقد تساءل السائل عن مدى جواز أداء مناسك الحج أو العمرة إذا فاز بهذه المسابقة.
في إجابة مفصلة، أكدت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز للشخص أداء مناسك الحج أو العمرة حال فوزه في هذه المسابقات، على أن يتم ذلك وفقًا للطرق المشروعة والإجراءات التنظيمية المعتمدة من الجهات المختصة، هذا الرأي يثير العديد من التساؤلات حول مدى مشروعية المسابقات كوسيلة للحصول على نفقات الحج والعمرة، ومدى تطابق هذه المسابقات مع الشروط الشرعية التي يفرضها الدين لأداء هذه المناسك.
ما هو حكم الحج في الإسلام؟
الحج هو ركن من أركان الإسلام، وهو واجب على المسلم مرة واحدة في العمر بشرط أن تتوافر لديه الاستطاعة، وتتمثل الاستطاعة في القدرة المالية والبدنية على أداء مناسك الحج، بالإضافة إلى أمن الطريق ووجود وسائل النقل اللازمة للوصول إلى الأراضي المقدسة، وقد ورد في القرآن الكريم قول الله تعالى: “وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا” [آل عمران: 97].
الاستطاعة إذًا هي الشرط الأساسي لوجوب الحج، وهي تشمل القدرة البدنية على تحمل مشقة السفر وأداء المناسك، فضلاً عن وجود المال الذي يمكن الشخص من تأمين نفقاته خلال الرحلة.
المسابقة كوسيلة لتحقيق الاستطاعة
من المثير للاهتمام أن دار الإفتاء المصرية قد اعتبرت أن الفوز في المسابقات، التي تقدم جوائز تشمل نفقات الحج أو العمرة، يعد وسيلة مشروعة لتحقيق الاستطاعة، باعتبار أن الفائز يحصل على المال اللازم لهذه الرحلة عبر وسائل مشروعة، ومن هنا يعتبر المال المقدم كجائزة من شخص آخر أو جهة تنظيمية بمثابة “إهداء” يحقق الاستطاعة المطلوبة لأداء مناسك الحج أو العمرة.
يشير علماء الفقه إلى أن الاستطاعة المالية لا تقتصر على المال الذي يجمعه الشخص من عمله الخاص، بل يمكن الحصول عليها عن طريق طرق أخرى مشروعة مثل الهدايا أو الجوائز التي يقدمها الآخرون، كما هو الحال في هذه المسابقات.
مشروعية المسابقات في الإسلام
المسابقات في الإسلام ليست فقط مسموحًا بها بل تحث على النشاط العقلي والبدني في آن واحد، وتعد المسابقات وسيلة مشروعة إذا كانت تهدف إلى تحفيز العقل وتنشيط المهارات الفردية، بشرط أن تكون بعوض مشروع، وقد أشار القرآن الكريم في أكثر من آية إلى المسابقات، مثل قوله تعالى: “وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ” [المطففين: 26]، وهو ما يدل على شرعية التنافس المشروع الذي يخدم مصلحة المجتمع والفرد.
وقد نقلت كتب الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، وقالت: “فسابَقتُه فسَبَقتُه على رِجلي، فلما حَمَلْتُ اللَّحْمَ ساَبقتُه فسَبَقني”، وهذه الحادثة تُظهر شرعية المسابقات، وأنه يمكن أن تكون هناك مكافآت مشروعة لهذه المسابقات إذا كانت تهدف إلى تحفيز الشخص على تحسين أدائه.
حكم المسابقات التي تقدم جوائز تتعلق بالحج والعمرة
من خلال النظر في آراء الفقهاء، يتبين أن المسابقات التي تقدم جوائز تشمل الحج أو العمرة تعتبر مشروعة بشرط أن تكون الجائزة قد تم تقديمها من طرف ثالث، مثل الجهة المنظمة للمسابقة، وليست من المتسابقين أنفسهم، أي أن المال أو الجائزة لا يأتي من المشاركين في المسابقة، مما يجعل العملية مشروعة شرعًا.
تؤكد دار الإفتاء أن هذه المسابقات التي تقدم الحج أو العمرة كجوائز لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، بشرط أن تتم وفقًا للإجراءات التنظيمية المشروعة، ومن هنا يمكن القول إن هذه المسابقات تعتبر وسيلة مشروعة للحصول على نفقات الحج أو العمرة.
توضح فتوى دار الإفتاء المصرية أن الحج أو العمرة عن طريق المسابقات لا حرج فيها شرعًا، إذا كانت المسابقة مشروعة وتتم وفقًا للإجراءات التي تحترم الشروط الشرعية، كما أن الحصول على المال من خلال المسابقات لتحقيق الاستطاعة يعد أمرًا مشروعًا، طالما كان ذلك بطريقة شرعية وأخلاقية.
بهذا، تكون دار الإفتاء قد أزالت أي لبس حول موضوع فوز الأشخاص بالحج أو العمرة عبر المسابقات، وأكدت أن هذه الطريقة لا تخالف الشريعة الإسلامية، بل تعتبر وسيلة مشروعة لتحقيق الاستطاعة في أداء المناسك.