الأحد 23 فبراير 2025 الموافق 24 شعبان 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الأزهر: تحويل القبلة أظهر العلاقة الوثيقة بين المسجدين الحرام والأقصى

المسجدين الحرام والأقصى
المسجدين الحرام والأقصى

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن حدث تحويل القبلة يحمل في طياته دلالات عظيمة على وسطية أمة الإسلام، كما يعكس العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، مشيرًا إلى أن هذا التحول لم يكن مجرد تغيير لوجهة الصلاة، بل كان حدثًا محوريًا في تاريخ الأمة الإسلامية يعكس العديد من القيم والمعاني العميقة.

وأوضح مركز الأزهر في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أن النبي ﷺ عندما كان في مكة المكرمة كان يصلي متجهًا إلى بيت المقدس، لكنه كان يجعل الكعبة بينه وبين المسجد الأقصى، حتى يتمكن من استقبالهما معًا، وجاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قوله: “كان رسول الله ﷺ يُصلِّي وهو بمكةَ نَحْوَ بيتِ المقدسِ والكعبةُ بينَ يدَيهِ”.

هجرة النبي ﷺ إلى المدينة المنورة

وبعد هجرة النبي ﷺ إلى المدينة المنورة، استمر في التوجه نحو بيت المقدس لمدة تقارب الستة عشر أو السبعة عشر شهرًا، كما ورد في الحديث الشريف عن البراء بن عازب رضي الله عنه، إذ قال: “كان رسولُ اللهِ ﷺ صَلَّى نحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا”، وهذا يوضح أن استقبال بيت المقدس في الصلاة لم يكن أمرًا عابرًا، بل كان جزءًا من التشريع الإلهي، حتى جاء الأمر من الله سبحانه وتعالى بتحويل القبلة إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة.

وكان ذلك في منتصف شهر شعبان من العام الثاني للهجرة، حيث نزل قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، وهذا التحول لم يكن مجرد تغيير في الاتجاه، بل كان اختبارًا إلهيًا للمؤمنين، يُميَّز به الصادقون في إيمانهم من غيرهم، كما جاء في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّاِ لنَعْلَمَ َمنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ}.

سمعنا وأطعنا

وقد كانت استجابة الصحابة لهذا الأمر سريعة ومليئة بالإيمان، إذ امتثلوا لأمر الله بقلوب راضية ولسان حالهم يقول: “سمعنا وأطعنا”، أما المشركون فاستغلوا الحدث لمحاولة التشكيك في ثبات المسلمين، وقالوا إن النبي ﷺ سيرجع إلى دينهم كما عاد إلى قبلتهم، لكن ظنهم قد خاب، وباءوا بالخسران، وأكد المركز أن هذا الحدث العظيم أظهر مكانة النبي ﷺ عند ربه، فقد كان النبي ﷺ يتمنى أن تكون قبلته نحو الكعبة، وكان يرفع وجهه إلى السماء منتظرًا هذا التوجيه، حتى نزل قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهَكَ فِي السَّمَاءِ}، فاستجاب الله لرغبته وأمره بالتوجه نحو المسجد الحرام.

تحويل القبلة

وشدد الأزهر على أن تحويل القبلة أظهر العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، حيث إنهما أول مسجدين وضعا في الأرض لعبادة الله، كما ورد في الحديث الشريف عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل النبي ﷺ: “يا رسول الله، أيُّ مسجدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟”، فقال: “المسجد الحرام”، فقلتُ: “ثم أيٌّ؟”، قال: “ثم المسجد الأقصى”، فقلتُ: “كم بينهما؟”، قال: “أربعون سنة”.

وهذا الحديث يؤكد أن العلاقة بين المسجدين ليست مجرد ارتباط جغرافي، بل هي علاقة روحية وتاريخية عميقة، كما أظهر تحويل القبلة وحدة المسلمين وترابطهم، فقد خشي بعض الصحابة على إخوانهم الذين ماتوا قبل هذا التحول، وتساؤلهم عن مصير صلواتهم السابقة، فجاء الرد الإلهي ليطمئنهم بأن الله لا يضيع إيمان أحد من عباده، حيث قال سبحانه: {‌وَمَا ‌كَانَ ‌اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}.

وأكد الأزهر أن تحويل القبلة لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان درسًا عمليًا في التسليم المطلق لأوامر الله، وتجسيدًا لحقيقة أن الهدف من العبادات ليس الاتجاه ذاته، بل الامتثال والخضوع لله، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ ‌الْمَشْرِقُ ‌وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.

فالمقصود من الصلاة هو التوجه إلى الله بقلوب خاشعة، لا مجرد استقبال جهة معينة، وكان لهذا التحول أيضًا دور في تمييز أمة الإسلام بالوسطية والاعتدال، حيث نالت الأمة الإسلامية شرف أن تكون قبلة صلاتها هي قبلة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام، وأصبحت بذلك أمة شاهدة على الأمم، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ ‌جَعَلْنَاكُمْ ‌أُمَّةً ‌وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.

واختتم الأزهر بيانه بالتأكيد على أن تحويل القبلة كان اختبارًا عظيمًا للمؤمنين، وإعلاءً لشأن النبي ﷺ، وتأكيدًا على ارتباط المسجد الحرام والمسجد الأقصى في العقيدة الإسلامية، كما كان رسالة توحيدية تربط بين الماضي والحاضر، وترسخ مفهوم العبودية الخالصة لله سبحانه وتعالى.

تم نسخ الرابط