يجوز للمرأة الجمع بين الحج أو العمرة لأكثر من شخص بنية واحدة

أثار سؤالٌ حول جواز أداء المرأة مناسك العمرة عن زوجها العاجز عن أدائها بنفسه، بالإضافة إلى والديها المتوفين بنية واحدة، جدلًا بين المهتمين بالأحكام الشرعية، وقد أجاب الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن هذا الاستفسار موضحًا الأحكام الشرعية المتعلقة به، حيث أكد في فتوى رسمية أن هناك ضوابط وشروطًا يجب الالتزام بها عند أداء العمرة أو الحج عن الغير.
حكم أداء العمرة أو الحج عن شخص آخر
في البداية، أوضح أمين الفتوى أنه لا يجوز للإنسان أن يؤدي العمرة أو الحج عن شخص آخر قبل أن يؤدي هذه الفريضة عن نفسه، حيث يُشترط على من ينوي الحج أو العمرة عن غيره أن يكون قد أداها عن نفسه أولًا، وهذا يعد شرطًا أساسيًا لا يمكن التهاون فيه، وأكد أن من لم يؤدِّ مناسك العمرة أو الحج عن نفسه فلا يجوز له أن ينوب عن غيره في هذه الفريضة، وهذا الحكم متفق عليه بين العلماء.
أداء العمرة أو الحج عن الآخرين
بعد تأدية الشخص العمرة عن نفسه، يصبح جائزًا له أداء العمرة أو الحج عن الآخرين، سواء كانوا متوفين أو مرضى غير قادرين على أداء المناسك بأنفسهم، وبيَّن الدكتور علي فخر أنه فيما يتعلق بالحج أو العمرة عن المتوفى، فلا حرج في ذلك شرعًا، لأن الشخص المتوفى قد سقط عنه التكليف بوفاته، وبالتالي يجوز لأحد أقاربه أو أي شخص آخر أن يؤدي مناسك العمرة أو الحج عنه، وذلك لكون هذه العبادات من العبادات التي يُقبل فيها الإنابة، وهذا ما أقره جمهور الفقهاء.
أما بالنسبة للحج أو العمرة عن المريض، فقد أشار إلى وجود اختلاف في آراء الفقهاء حول هذا الأمر، حيث يرى بعض العلماء أنه طالما كان الشخص ما زال على قيد الحياة، فإنه لا يجوز أداء العمرة أو الحج عنه، لأن التكليف لا يزال قائمًا عليه، بينما يرى فريق آخر من الفقهاء أنه يجوز أداء العمرة أو الحج عن الشخص المريض إذا كان مرضه يمنعه نهائيًا من السفر وأداء المناسك بنفسه، كأن يكون طريح الفراش أو مصابًا بعجز دائم يمنعه من الحركة، وأوضح أن هذه الحالة تستثنى من شرط القدرة، ولكن بشرط أنه إذا شُفي هذا الشخص واستعاد قدرته على أداء المناسك، فإنه يكون مُلزمًا بالحج أو العمرة بنفسه، أي أن الإنابة عنه كانت مؤقتة بحال عجزه التام.
عمرة مستقلة
أما فيما يخص أداء عمرة واحدة بنية مشتركة لأكثر من شخص، فقد أوضح أمين الفتوى أن هذا الأمر غير جائز شرعًا، حيث يجب أن تكون لكل فرد عمرة مستقلة، وأكد أنه لا يمكن للمرأة أو لأي شخص آخر أن يؤدي عمرة واحدة ويهب ثوابها لأكثر من شخص في وقت واحد، بل يجب أداء عمرة منفصلة لكل شخص يرغب في الاعتمار عنه، أي أنه إذا أرادت الزوجة أن تؤدي العمرة عن والدها، ثم عن والدتها، ثم عن زوجها، فيجب أن تؤدي ثلاث عمرات منفصلة، بحيث تكون كل عمرة مخصصة لشخص واحد فقط.
أداء العمرة عن النفس
وفي سياق متصل، أشار إلى أنه يمكن بعد أداء العمرة عن النفس، إهداء ثوابها لشخص معين أو لعدة أشخاص، وهو ما يُعرف شرعًا بـ “إهداء الثواب”، وهذا الأمر جائز وليس فيه أي مخالفة شرعية، ويعد من صور البر بالأموات أو حتى بالأحياء، وأوضح أن إهداء الثواب يمكن أن يكون للأقارب أو لأي شخص آخر، ولكن بشرط أن يكون هذا الإهداء للثواب وليس أداء النسك نفسه عن أكثر من شخص في وقت واحد.
وختم الدكتور علي فخر فتواه بالتأكيد على ضرورة الالتزام بالأحكام الشرعية عند أداء مناسك العمرة أو الحج، وعدم الخلط بين الأحكام المتعلقة بالإنابة في أداء المناسك وبين إهداء الثواب، مشيرًا إلى أن الالتزام بهذه الضوابط يساعد على تحقيق الغاية المرجوة من هذه العبادات ويضمن صحتها وقبولها شرعًا.