هل تغني الصلاة المنتظمة عن قضاء الفوائت؟.. الإفتاء توضح

تعد الصلاة عماد الدين وأحد أركان الإسلام التي فرضها الله على عباده، وهي الصلة المباشرة بين العبد وربه، وقد أكد الإسلام على أهمية المواظبة عليها وأدائها في أوقاتها المحددة، لكن قد يتساءل البعض عن حكم من فاته عدد كبير من الصلوات في الماضي، وهل تكفي المواظبة على الصلاة في الحاضر لتعويض ما فات؟.
المواظبة على الصلاة
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يستفسر عن هذا الأمر حيث جاء في نصه: “هل المواظبة على الصلاة تغني عن قضاء ما فات منها؟ وما حكم من يواظب على أداء الفرائض والنوافل حسب استطاعته، ولكنه قد ترك الصلوات لفترة طويلة تصل إلى عشر سنوات؟”، وقد أجابت دار الإفتاء موضحة حكم الشريعة الإسلامية في هذا الشأن.
فرض الصلاة على المسلمين
أوضحت دار الإفتاء أن الله سبحانه وتعالى فرض الصلاة على المسلمين وجعلها من أعظم العبادات التي تقرب العبد إلى ربه، وقد نزلت فريضة الصلاة ليلة الإسراء والمعراج، وأكد القرآن الكريم في أكثر من موضع على فرضيتها وأهمية المحافظة عليها، فقال الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: 43]، كما قال: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238]، وأيضًا ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: 9]، وبيّن أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فقال عز وجل: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45].
أوقات الصلاة
كما أكد الإسلام على أن الصلاة لها أوقات محددة يجب أداؤها فيها، حيث قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، مما يدل على وجوب أداء الصلاة في وقتها وعدم التفريط فيها، وفي حالة نسيان المسلم للصلاة أو نومه عنها، فإن عليه أن يصليها فور تذكره لها، استنادًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَقَدَ - نام - أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]»، وهو حديث نبوي صحيح رواه الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
الصلوات الفائته
وفيما يتعلق بالسائل الذي فاته عدد كبير من الصلوات لسنوات طويلة، أكدت دار الإفتاء أن القضاء واجب عليه، ولا تسقط عنه الصلاة بمجرد التوبة والمواظبة على أداء الصلوات الحالية، بل يجب عليه أن يقضي ما فاته من صلوات، ويمكنه أن يتبع أسهل الطرق في القضاء بحيث يصلي مع كل فريضة حاضرة فريضة أخرى مما فاته، أي إذا صلى صلاة الظهر الحاضرة، فإنه يؤدي معها صلاة ظهر فائتة، وهكذا مع بقية الصلوات، حتى يتم قضاء جميع الصلوات التي فاتته عبر السنوات الماضية.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن هذا الأمر ينبع من كون الصلاة دينًا في ذمة الإنسان، وهي عبادة لا تسقط بالتقادم، بل يجب قضاؤها مهما طالت مدة تركها، كما أن قضاء الصلاة لا يرتبط بالشعور بالذنب فقط، بل هو التزام شرعي يجب أداؤه، فكما أن المسلم إذا فاته صيام يوم من رمضان فإنه يكون مطالبًا بقضائه، فكذلك الصلاة لا تسقط بمجرد الاستغفار والمواظبة على العبادات الأخرى.
وشددت دار الإفتاء على ضرورة الحرص على أداء الصلوات في وقتها، لأن الصلاة هي الركن الأساسي الذي يحاسب عليه الإنسان يوم القيامة، كما أن التوبة الصادقة والحرص على إصلاح الماضي أمر محمود، لكن ذلك لا يغني عن قضاء الفرائض التي فاتت، ويجب على المسلم أن يسعى لتعويضها قدر استطاعته، متيقنًا من أن الله تعالى غفور رحيم، يفرح بتوبة عباده، ويعينهم على أداء ما فاتهم إذا أخلصوا النية وعزموا على الالتزام بأوامره.