ما حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر؟.. الأزهر يوضح

يعد النذر من العبادات التي يلتزم بها الإنسان تجاه الله تعالى، وهو وعد يقوم به الشخص للقيام بعمل معين تقربًا إلى الله، ولكن قد يواجه بعض الأشخاص صعوبة في الوفاء بنذرهم إما بسبب تغير الظروف أو بسبب العجز عن تنفيذ ما أوجبوه على أنفسهم، وهنا يثار التساؤل حول الحكم الشرعي لمن لم يستطع الوفاء بالنذر.
حكم الشرع في العجز عن الوفاء بالنذر
أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الحكم الشرعي لمن عجز عن الوفاء بالنذر، حيث بيَّن أن الشخص الذي لا يستطيع تنفيذ ما نذره فعليه كفارة يمين، واستدل المركز بقول الإمام ابن قدامة في كتابه “المغني”: “من نذر طاعة لا يطيقها، أو كان قادرًا عليها فعجز عنها، فعليه كفارة يمين”، مما يعني أن من أوجب على نفسه نذرًا ولم يستطع الوفاء به لأي سبب مشروع، فإنه مطالب شرعًا بكفارة يمين كتعويض عن عدم التنفيذ.
أنواع كفارة اليمين لمن عجز عن النذر
كفارة اليمين التي يجب على من عجز عن الوفاء بنذره أداؤها لها عدة صور، حيث يمكن للمكلف أن يختار بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو صيام ثلاثة أيام إذا لم يستطع القيام بالخيارين الأولين، وقد ورد هذا الحكم الشرعي في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز:
{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89].
كيفية إطعام عشرة مساكين
يتم إطعام عشرة مساكين بعدة طرق مختلفة، بحيث يختار الشخص ما يناسبه وما هو أصلح للفقراء، ومن هذه الطرق:
1.تقديم الطعام مباشرة لكل مسكين بحيث يحصل كل واحد منهم على وجبة مشبعة، ويمكن أن تكون وجبة غداء أو عشاء، وتكون من الطعام الذي يتناوله الشخص وأهله في حياتهم اليومية
2.توزيع الطعام الجاف مثل الأرز أو القمح أو الدقيق بمقدار مُدٍّ لكل مسكين، وقد حدد العلماء مقدار المد بحوالي 510 جرامات من الطعام
3.إعطاء قيمة الطعام نقدًا إذا كان ذلك أنفع للفقراء، بحيث يتمكنون من شراء ما يحتاجون إليه بأنفسهم
كيفية كسوة عشرة مساكين
أما بالنسبة للكسوة، فإن كفارة اليمين تتطلب إعطاء كل مسكين ثوبًا، بحيث يكون الثوب صالحًا للارتداء ويؤدي الغرض من ستر العورة، ولا يشترط أن يكون من أفخر الملابس، بل يكفي أن يكون مناسبًا للاستخدام.
ماذا يفعل من لا يستطيع الإطعام أو الكسوة؟
إذا كان الشخص غير قادر على إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإنه ينتقل إلى الخيار الأخير وهو صيام ثلاثة أيام، حيث يعتبر الصيام هو البديل الأخير لمن لا يملك القدرة المالية على الإنفاق في الكفارة، ويمكن لهذا الشخص أن يصوم هذه الأيام متتابعة أو متفرقة حسب استطاعته، وهذا ما ورد في الآية الكريمة التي حددت التدرج في الكفارة لمن لم يجد القدرة على تنفيذ الخيارات الأولى.
أهمية حفظ الأيمان والنذور
أكد العلماء أن النذر عبادة عظيمة يجب على الإنسان أن يكون حريصًا عند الالتزام بها، حيث إنه يُستحب للإنسان عدم الإكثار من النذر، لأن النذر قد يصبح في بعض الأحيان عبئًا يصعب الوفاء به، ولذلك جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تنذروا، فإن النذر لا يرد شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل” [متفق عليه]، وهذا يدل على أن الأفضل للمؤمن أن يسأل الله مباشرة دون أن يشترط على نفسه القيام بعمل معين، لأنه قد لا يتمكن من الوفاء به.
خلاصة الحكم الشرعي في العجز عن النذر
إذا نذر الإنسان شيئًا ثم عجز عن الوفاء به، فإنه يجب عليه كفارة يمين، والتي تتضمن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يستطع وجب عليه صيام ثلاثة أيام، وهذا ما أقره القرآن الكريم والسنة النبوية وأجمع عليه العلماء، ومن هنا فإن المسلم يجب عليه أن يكون واعيًا عند التلفظ بالنذر، وأن يتأكد من قدرته على الوفاء به قبل الالتزام، وذلك حتى لا يقع في الحرج الشرعي ويضطر إلى التكفير عنه.