الأربعاء 26 فبراير 2025 الموافق 27 شعبان 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الإفتاء: الاستيلاء على الغاز والكهرباء دون وجه حق حرام شرعاً وخيانة للأمانة

سرقة الكهرباء
سرقة الكهرباء

أكدت دار الإفتاء المصرية أن سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي من الدولة أمر محرم شرعًا، حيث ورد إليها سؤال عبر موقعها الرسمي حول حكم الاستيلاء على هذه الخدمات دون وجه حق، خاصة مع انتشار بعض الآراء التي تروج لمشروعية ذلك، فجاء رد دار الإفتاء حاسمًا في تحريم هذا الفعل، مؤكدة أنه يتضمن تعديًا على المال العام، ويمثل خيانة للأمانة ومخالفة لولي الأمر، إضافة إلى كونه إضرارًا بالمصلحة العامة التي أمر الإسلام بالحفاظ عليها. 

وأوضحت دار الإفتاء أن حماية المال والمحافظة عليه هو أحد مقاصد الشريعة الإسلامية، إذ حرم الله التعدي على أموال الغير أو استحلالها دون وجه حق، واستشهدت بقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 29]، وهو نص قرآني صريح يؤكد ضرورة احترام أموال الآخرين وعدم السعي للحصول عليها بطرق غير مشروعة.

الفرق بين المال العام والمال الخاص في الشريعة الإسلامية

أشارت دار الإفتاء إلى أن الشريعة الإسلامية فرّقت بين المال الخاص والمال العام، فرغم أن التعدي على أموال الأفراد محرم، إلا أن الاعتداء على المال العام أشد حرمة، وذلك لأنه ملك للمجتمع بأسره، وليس لفرد بعينه، كما أن انتهاكه يؤدي إلى الإضرار بعدد كبير من المواطنين وليس لشخص واحد فقط.

وأوضحت أن الأموال العامة تشمل كل ما تمتلكه الدولة أو الجهات الاعتبارية العامة، سواء كان عقارات أو موارد أو مرافق، وهي أموال مخصصة لمنفعة عامة، لذا لا يجوز لأي شخص التصرف فيها بطريقة غير قانونية، وقد نصت المادة 87 من القانون المدني المصري على أن المال العام هو كل ما يكون مملوكًا للدولة أو مخصصًا لمنفعة عامة بالفعل أو وفقًا للقانون.

عقوبة الاعتداء على المال العام في الإسلام

أكدت دار الإفتاء أن الإسلام شدد العقوبة على من يسرق أو يعتدي على المال العام، وجعل هذا الفعل نوعًا من “الغلول” أو الخيانة، وهو أمر يُحاسب عليه المرء يوم القيامة، واستشهدت بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 161]، أي أن من يسرق من المال العام سيحاسب يوم القيامة، ويأتي وهو يحمل هذا المال على ظهره أمام الناس.

كما روت دار الإفتاء حديثًا للنبي صلى الله عليه وسلم، قال فيه: “من بعثناه على عمل فغل شيئًا، فإنه يأتي به يوم القيامة يحمله على عنقه”، مما يدل على خطورة الاستيلاء على أموال الدولة بغير حق، سواء كان ذلك عن طريق السرقة المباشرة أو التحايل للاستفادة من الخدمات دون دفع مقابلها.

مخالفة العقود والقوانين خيانة للأمانة

أوضحت دار الإفتاء أن التعاقد على خدمات الكهرباء والغاز الطبيعي يُلزم المواطنين بدفع الرسوم المقررة وفقًا للعقود والقوانين، وبالتالي فإن الحصول على هذه الخدمات دون سداد قيمتها يعد خيانة للعقد، والله سبحانه وتعالى أمر بالوفاء بالعقود في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، مما يعني أن أي محاولة للتهرب من دفع المستحقات هو إخلال بالتزام شرعي وقانوني.

وأضافت دار الإفتاء أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف خيانة الأمانة وإخلاف الوعد بأنها من صفات المنافقين، فقال: “آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ”، مما يوضح أن سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي ليست مجرد مخالفة قانونية، بل هي فعل ينافي القيم الأخلاقية والدينية.

الأثر السلبي لسرقة الخدمات على المجتمع

حذرت دار الإفتاء من العواقب الوخيمة لسرقة الكهرباء والغاز الطبيعي، مؤكدة أن هذا الفعل لا يضر الدولة فقط، بل يؤثر سلبًا على المجتمع بأسره، حيث يؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على الحكومة، مما قد يدفعها إلى رفع أسعار الخدمات أو فرض ضرائب جديدة لتعويض الخسائر، كما أن التلاعب في شبكات الكهرباء والغاز قد يتسبب في حوادث مميتة مثل الحرائق والانفجارات.

سرقة الخدمات حرام شرعًا ومجرّمة قانونًا

اختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي هي مخالفة شرعية وقانونية وأخلاقية، حيث إنها تتضمن تعديًا على المال العام الذي هو ملك للمجتمع، وخرقًا للقوانين المنظمة لهذه الخدمات، وخيانة للأمانة التي أوجب الإسلام الحفاظ عليها، إضافة إلى كونها إضرارًا بالمصلحة العامة.

لذلك، أكدت دار الإفتاء أن الواجب على كل مواطن الالتزام بدفع المستحقات المالية المقررة مقابل الخدمات التي يحصل عليها، وعدم الاستماع إلى الآراء التي تحاول تبرير سرقة المال العام، لأن هذه الأفعال لا تتوافق مع مبادئ الإسلام ولا مع القيم الأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها الجميع.

تم نسخ الرابط