كيفية أداء صلاة قيام الليل وفضلها وعدد ركعاتها وأفضل أوقاتها في رمضان؟

مع حلول شهر رمضان المبارك، يتسابق المسلمون للتقرب إلى الله بشتى أنواع العبادات، سواء من خلال أداء الفرائض أو الاجتهاد في النوافل، ومن أهم العبادات التي يحرص المسلمون على أدائها في هذا الشهر الكريم هي صلاة قيام الليل، لما لها من فضل عظيم وأجر كبير، حيث تعدّ سنة مؤكدة عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقد وردت العديد من النصوص في الكتاب والسنة التي تحث على المداومة عليها.
كيفية أداء صلاة قيام الليل
أوضحت دار الإفتاء المصرية في إحدى فتاواها أن صلاة قيام الليل فى رمضان تُؤدى مثنى مثنى، أي ركعتين ركعتين، وتُختم بركعة الوتر، فقد جاء في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلًا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كيفية صلاة الليل، فأجابه قائلاً: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خَشيت الصبح فأوتر بواحدة”، أي أن المصلي يسلم بعد كل ركعتين، ثم يختم صلاته بركعة وترية منفصلة.
أفضل وقت لصلاة قيام الليل
يبدأ وقت صلاة قيام الليل بعد صلاة العشاء مباشرة في رمضان، ويستمر حتى أذان الفجر، ويمكن للمسلم أن يؤديها في أي وقت خلال هذه الفترة، إلا أن أفضل الأوقات لأدائها هو الثلث الأخير من الليل، وذلك لما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، فيقول: هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من سائلٍ فأعطيه؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟”، حتى يطلع الفجر، وهذا يدل على أن هذا الوقت هو الأنسب للدعاء والاستغفار وطلب الحاجات من الله تعالى.
عدد ركعات صلاة قيام الليل
أكدت دار الإفتاء المصرية أن أقل عدد ركعات لصلاة قيام الليل هو ركعتان، فيما لا يوجد حد أقصى لعدد الركعات، إذ يمكن للمسلم أن يصلي قدر استطاعته، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، وكان يطيل فيها القراءة والخشوع، إلا أن الأمر متروك لكل مسلم حسب قدرته واستطاعته.
فضل صلاة قيام الليل
صلاة قيام الليل من أفضل العبادات التي يمكن للمسلم القيام بها في رمضان، فقد أثنى الله تعالى على عباده الذين يقيمون الليل في القرآن الكريم، فقال: “تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًۭا وَطَمَعًۭا وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ”، كما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قيام الليل من أعظم القربات التي تُعين المسلم على التقوى وتزيده قربًا من الله، فهي ترفع الدرجات، وتكفر السيئات، وتشرح الصدر، وتبعث الطمأنينة في القلب.
الدعاء في قيام الليل
من السنن المستحبة عند أداء صلاة قيام الليل الإكثار من الدعاء، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة”، وهذا يدل على فضل الدعاء في جوف الليل، حيث يكون أقرب إلى الاستجابة.
ومن الأدعية المستحب قولها أثناء قيام الليل:
اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، واغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، واغفر لي كل ذنب أذنبتُه، وكل خطيئة أخطأتُها.
اللهم آت نفسي تقواها، وزكّها، أنت خير من زكّاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعوة لا يُستجاب لها.
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم من اعتزّ بك فلن يُذل، ومن اهتدى بك فلن يضِل، ومن استكثر بك فلن يقل، ومن استقوى بك فلن يضعف، ومن استغنى بك فلن يفتقر، ومن استنصر بك فلن يُخذل، ومن استعان بك فلن يُغلب، ومن توكل عليك فلن يخيب، ومن جعلك ملاذه فلن يضيع، ومن اعتصم بك فقد هُدي إلى صراط مستقيم.
اللهم أنت السميع العليم، تعلم ما بي وما علي، اللهم إني أرجو نجاة مما أنا فيه، وأنت أرحم الراحمين.
نصائح للمداومة على قيام الليل
لمن يرغب في الاستمرار على صلاة قيام الليل، هناك بعض الأمور التي تساعد على المواظبة عليها، ومنها:
1.النية الصادقة: استحضار النية الخالصة لوجه الله قبل النوم، والحرص على الاستيقاظ للصلاة.
2.تنظيم النوم: النوم مبكرًا والاستيقاظ في وقت مناسب يمنح الجسم النشاط لأداء الصلاة بخشوع.
3.التدرج في عدد الركعات: البدء بركعتين ثم زيادتها تدريجيًا حتى لا يشعر المسلم بالمشقة.
4.قراءة ما تيسر من القرآن: من المستحب تلاوة آيات من القرآن الكريم أثناء الصلاة، مع التدبر في معانيها.
5.الدعاء والاستغفار: الإكثار من الدعاء أثناء السجود، فهو من أقرب المواطن التي يكون فيها العبد مستجاب الدعوة.
صلاة قيام الليل من أفضل العبادات التي تمنح القلب صفاءً والروح طمأنينة، وهي فرصة عظيمة للعبد ليتقرب إلى ربه، خاصة في شهر رمضان المبارك، حيث تكثر الرحمات وتتنزل البركات، لذلك ينبغي على كل مسلم أن يحرص على هذه السنة المباركة، وأن يجتهد فيها قدر استطاعته، فهي سبب للفلاح في الدنيا والآخرة، ووسيلة لمغفرة الذنوب، ورفعة الدرجات، والفوز بجنات النعيم.