عبادة عظيمة في رمضان يحبها الله.. سهلة ولا تحتاج جهدًا

يعد شهر رمضان فرصة عظيمة للعبادات التي تقرب الإنسان من ربه وتزيد من حسناته، ومن بين هذه العبادات عبادة جبر الخواطر، التي تعد من أعظم العبادات وأحبها إلى الله، فهي تملأ القلوب بالرحمة وتنشر روح الألفة والمودة بين الناس، فكم من شخص يشعر بالحزن أو الضعف وجاءته كلمة طيبة أو لمسة حانية فجبرت خاطره وأعادت إليه الأمل من جديد.

جبر الخواطر.. أفضل عبادة في رمضان

أكد الباحث محمد حسن القاضي أن جبر الخواطر من العبادات التي يغفل عنها الكثيرون رغم عظمتها وأثرها الكبير، مشيرًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم”، موضحًا أن إدخال السرور على قلوب الناس هو من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله، وهو ما يجعل جبر الخواطر عملًا محببًا في شهر الرحمة والمغفرة.

وأشار القاضي إلى أن من يسير بين الناس جابرًا للخواطر فإن الله يجبر خاطره في أشد الأوقات حاجةً لذلك خاصه في رمضان، بل إن جبر الخواطر لا يقتصر على البشر فقط، بل يشمل كل المخلوقات حتى الحيوانات، فالكلمة الطيبة، والمساعدة البسيطة، وحتى الابتسامة في وجه الآخرين تعد من صور جبر الخواطر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “تبسمك في وجه أخيك صدقة”.

كيف يكون جبر الخواطر فى رمضان؟

جبر الخواطر لا يحتاج إلى مال أو جهد كبير، بل يكفي أن تستمع إلى شخص يشعر بالحزن، أو تواسي من فقد عزيزًا، أو تبتسم في وجه الآخرين، وحتى تقديم يد العون لمن يحتاج إليها، فكل هذه الأمور تدخل السرور على القلوب وتكون سببًا في نيل رضا الله سبحانه وتعالى.

كما أن الكلمة الطيبة هي من أبسط وأهم وسائل جبر الخواطر، فكثير من الأشخاص يمرون بأوقات عصيبة ويحتاجون إلى كلمة تشجعهم وتخفف عنهم، ولذلك فإن الحرص على اختيار الكلمات التي تحمل معاني الدعم والتقدير للآخرين يعد من أعظم الأعمال التي يؤجر عليها المسلم في رمضان.

جبر الخواطر في القرآن الكريم

لقد أولى الإسلام عبادة جبر الخواطر أهمية كبيرة، ووردت العديد من الآيات التي تؤكد هذا المعنى، ومن أعظم الأمثلة في ذلك ما ورد في قصة عبد الله بن أم مكتوم، عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يتمكن من الحديث معه، فنزلت سورة كاملة تحمل هذا الموقف وهي سورة عبس، حيث قال الله تعالى:

“عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى”

وهذا درس عظيم في ضرورة جبر خواطر الآخرين، خاصة من هم في حاجة إلى الاهتمام والرعاية، كما أن الله سبحانه وتعالى جبر خاطر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى:

“وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى”

صور من جبر الخواطر في الإسلام

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم مثال في جبر الخواطر، فكان دائمًا يبادر بإدخال السرور على قلوب الناس، وكان يخفف عنهم آلامهم، ويقف إلى جانب الضعفاء والمحتاجين، كما أنه أوصى أصحابه بذلك، ومن الأمثلة على ذلك:

كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد أحدًا لجأ إليه، بل كان يبادر بمساعدته والتخفيف عنه

كان يولي اهتمامًا كبيرًا بالأيتام والمساكين ويحث على حسن معاملتهم، كما قال تعالى: “فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)”

كان يستمع إلى أصحابه باهتمام ويواسيهم في أحزانهم، وكان يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم

دعاء لجبر الخواطر

يعد الدعاء من أعظم الوسائل التي يلجأ إليها المسلم لجبر خاطره وخاطر الآخرين، ومن أجمل الأدعية التي يمكن أن يدعو بها المسلم:

“اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي”.

جبر الخواطر من العبادات التي يحبها الله سبحانه وتعالى، ويكفي أن من يفعلها يفتح الله له أبواب الرحمة والبركة، وييسر له أموره، فاحرص دائمًا على أن تكون سببًا في سعادة الآخرين، ولا تبخل بكلمة طيبة أو فعل بسيط قد يكون له أثر عظيم في حياة من حولك.