عيد الأم: حكايات مُلهمة لأمهات مثاليات عبر الأجيال وطرق الاحتفال به قديمًا

يُعد عيد الأم مناسبة مميزة تحتفل بها الأسر في مختلف أنحاء العالم تقديرًا لدور الأمهات العظيم في بناء المجتمعات وتربية الأجيال، وفي مصر يحظى هذا اليوم بمكانة خاصة حيث يُعد فرصة للتعبير عن الامتنان والتقدير للأمهات اللاتي قدمن الكثير من التضحيات من أجل أسرهن ومستقبل أبنائهن، وبين صفحات التاريخ المصري الحديث تبرز قصص عديدة لأمهات مثاليات تركن بصمات لا تُنسى في حياة أبنائهن وفي المجتمع ككل.

طرق الاحتفال بعيد الأم قديمًا

بدأ الاحتفال بعيد الأم في مصر لأول مرة عام 1956 بمبادرة من الصحفي علي أمين، وكان الاحتفال بهذا اليوم يتسم بطابع بسيط ولكنه يحمل الكثير من المعاني العميقة، حيث كان الأبناء يحرصون على التعبير عن حبهم وامتنانهم لأمهاتهم بوسائل بسيطة ومباشرة، فكان تقديم الهدايا التقليدية مثل الورود والحلوى من أبرز مظاهر الاحتفال، بالإضافة إلى كتابة الرسائل اليدوية التي تحمل كلمات الشكر والمحبة.

وكانت المدارس تحتفل بعيد الأم من خلال إقامة حفلات صغيرة يُكرّم فيها الطلاب أمهاتهم، كما كانت الإذاعة المصرية تقدم برامج خاصة بهذه المناسبة تتضمن أغنيات تحتفي بالأم ودورها العظيم في المجتمع، ومن أبرز الأغنيات التي ارتبطت بهذه المناسبة أغنية “ست الحبايب” التي غنتها الفنانة فايزة أحمد وأصبحت رمزًا للاحتفال بعيد الأم.

أمهات من زمن الكفاح الوطني

في فترات الكفاح الوطني ظهرت العديد من الأمهات المصريات اللاتي لعبن أدوارًا محورية في دعم الاستقلال الوطني وغرس القيم الوطنية في أبنائهن، ومن بين هؤلاء تأتي السيدة صفية زغلول التي لُقبت بـ”أم المصريين”، لم يكن دورها مجرد زوجة لزعيم سياسي وهو سعد زغلول، لكنها كانت ركيزة أساسية في دعم الحركة الوطنية المصرية بعد نفي زوجها، حيث فتحت بيت الأمة ليكون مقرًا لاجتماعات القيادات الوطنية، وظلت تساند نضال الشعب المصري بكل قوتها.

كذلك برزت السيدة هدى شعراوي التي كانت أمًا مثالية كرست حياتها للدفاع عن حقوق المرأة وفتح المجال أمام الأجيال القادمة من النساء لتحقيق طموحاتهن، وقد انعكست مبادئها على أبنائها الذين نشأوا على قيم الحرية والعدالة الاجتماعية.

أمهات يقدمن التضحيات في العصر الحالي

في العصر الحالي، تستمر الأمهات المصريات في تقديم نماذج مُلهمة تعكس قدرتهن على تحقيق التوازن بين الأسرة والعمل وخدمة المجتمع، وتبرز في هذا السياق أمهات أبطال القوات المسلحة والشرطة الذين يضحون بأرواحهم لحماية الوطن، فهؤلاء الأمهات يقدمن الدعم المعنوي والنفسي لأبنائهن رغم المخاطر التي يواجهونها يوميًا.

وأمهات العلماء والأطباء الذين يعملون في الصفوف الأمامية، لا سيما خلال فترات الأزمات مثل جائحة كورونا، فقد شهد المجتمع المصري نماذج مؤثرة لأمهات طبيبات وممرضات يعملن لساعات طويلة لإنقاذ المرضى، ورغم ضغوط العمل، فإنهن يحرصن على الاهتمام بأسرهن وتوفير الحب والرعاية لأبنائهن.

ولا يمكن إغفال دور الأمهات في القرى والأرياف اللاتي يعملن بجد لضمان مستقبل أفضل لأسرهن، حيث تعمل الكثيرات في الحقول والزراعة بجانب دورهن في المنزل، وهن يقدمن نموذجًا للأم المكافحة التي لا تتوقف عن العطاء.

طرق الاحتفال بعيد الأم في العصر الحديث

مع مرور الوقت، تطورت طرق الاحتفال بعيد الأم لتتناسب مع العصر الحديث، فأصبح الأبناء يعبرون عن تقديرهم لأمهاتهم من خلال تقديم الهدايا المتنوعة مثل الأجهزة المنزلية، الملابس، والعطور، كما أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للتعبير عن الحب والامتنان من خلال نشر الصور والرسائل الموجهة للأمهات. 

كما تحرص المؤسسات والمدارس على إقامة احتفالات خاصة بعيد الأم، حيث يتم تكريم الأمهات المثاليات تقديرًا لدورهن العظيم، وتخصص البرامج التلفزيونية فقرات خاصة لعرض قصص مؤثرة عن أمهات ضحين من أجل أسرهن، مما يعكس مدى الاهتمام المجتمعي بتقدير الأمهات والاحتفال بهن.

عيد الأم: مناسبة لتكريم العطاء الذي لا ينتهي

يأتي عيد الأم ليكون مناسبة للاعتراف بتضحيات الأمهات وتقدير جهودهن في بناء الأجيال، وهو فرصة للاحتفاء بكل أم قدمت الدعم والرعاية لأبنائها، سواء كانت أماً عاملة توازن بين بيتها ومسؤولياتها المهنية، أو أماً كرست حياتها لرعاية أسرتها في صمت ومحبة.

ويظل دور الأم المصرية متجددًا عبر العصور، فهي رمز للقوة والعطاء غير المحدود، إذ تواصل أمهات مصر في كل زمان ومكان تقديم الدعم والتربية لأبنائهن ليصبحوا أفرادًا نافعين في مجتمعهم، وفي يوم عيد الأم، لا يكون الاحتفال مجرد تقديم الهدايا، بل هو فرصة للتعبير عن الشكر والتقدير لكل أم ضحت وأعطت دون انتظار مقابل.

عيد الأم ليس مجرد يوم في التقويم، بل هو احتفال بقصة كفاح وعطاء لا ينتهي، وتظل الأمهات المثاليات في مصر مصدر فخر وإلهام لكل الأجيال، فكل قصة لأم مصرية تحمل في طياتها دروسًا في الحب والصبر والقوة، ويظل تكريم الأمهات والاحتفاء بهن مسؤولية مجتمعية تعبر عن الاعتراف بدورهن المحوري في بناء مستقبل أكثر إشراقًا.