الإثنين 07 أبريل 2025 الموافق 09 شوال 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الكوينوفوبيا.. رهاب العصر الحديث الذي تغذيه مواقع التواصل

الهواتف المحمولة
الهواتف المحمولة

أصبحت الكوينوفوبيا فى زمن فيه الهواتف الذكية جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية وأمسى التنقل بين تطبيقات التواصل الاجتماعي عادة يمارسها ملايين البشر بشكل متكرر ومتواصل ظهرت مشكلات نفسية جديدة ترتبط بهذا التفاعل الدائم مع العالم الرقمي ولعل من أبرز هذه المشكلات ما يعرف بـ”الكوينوفوبيا” أو رهاب تفويت الأحداث وهو خوف مرضي يصيب الإنسان من أن يفوته شيء ما مهم أو مثير يحدث حوله أو على الإنترنت دون أن يكون جزءًا منه أو على علم به.

ما هو رهاب الكوينوفوبيا؟

الكوينوفوبيا أو ما يُعرف بالإنجليزية باسم Fear of Missing Out واختصارًا FOMO هو نوع من أنواع القلق الاجتماعي الذي يشعر فيه الشخص أنه في حالة دائمة من الخوف من تفويت تجربة أو خبر أو فعالية أو حتى منشور قد يكون ذا أهمية أو ترفيه أو تفاعل اجتماعي يشعر الشخص المصاب بهذا الرهاب أن الآخرين يستمتعون بحياتهم أو يعيشون تجارب مثيرة دون أن يكون هو جزءًا منها مما يولد في داخله شعورًا دائمًا بالنقص أو التقصير أو عدم الكفاءة.

يظهر هذا الرهاب في صور مختلفة فالبعض يشعر بأنه يجب أن يكون متواجدًا بشكل مستمر على وسائل التواصل الاجتماعي حتى لا يفوته شيء والبعض الآخر يتنقل من فعالية إلى أخرى أو من مكان إلى مكان خوفًا من أن يُستثنى من شيء ممتع أو مهم وهذا الشعور لا يختفي بسهولة بل قد يتطور ليؤثر على نمط الحياة ويخلق حالة مستمرة من القلق والتوتر.

مواقع التواصل.. بيئة خصبة لتغذية الكوينوفوبيا

ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مباشر في زيادة انتشار الكوينوفوبيا ففي السابق كان الإنسان على علم محدود بما يدور حوله من أحداث أو فعاليات وكان التواصل الاجتماعي يقتصر على الدوائر الضيقة من العائلة أو الأصدقاء لكن مع ظهور التطبيقات الحديثة مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر وسناب شات أصبح من الممكن أن يرى المستخدم مئات الصور والمقاطع والقصص يوميًا توثق لحظات ممتعة يعيشها الآخرون سواء كانت حقيقية أو مصطنعة.

هذا التدفق المستمر للمحتوى يعطي إيحاءً دائمًا بأن الآخرين يعيشون حياة أكثر إثارة وسعادة مما يدفع البعض إلى مقارنة أنفسهم بهم والشعور بأن حياتهم أقل قيمة أو أكثر مللًا وقد يتولد عن هذا الإحساس رغبة ملحة في مواكبة كل جديد مهما كان مرهقًا أو بلا فائدة حقيقية الأمر الذي يدفع إلى إرهاق نفسي مستمر وسعي دائم لملء فراغ لا ينتهي.

كيف يؤثر الكوينوفوبيا على الصحة النفسية؟

رهاب الكوينوفوبيا لا يقتصر تأثيره على مجرد القلق اللحظي بل يمكن أن ينعكس على الحالة النفسية العامة للفرد بشكل عميق فالأشخاص الذين يعانون من هذا الرهاب قد يشعرون بانخفاض في تقدير الذات ويقعون في فخ المقارنة المستمرة كما أنهم قد يتجنبون العزلة أو الراحة خوفًا من الابتعاد عن المشهد العام أو فقدان التواصل مما يحرمهم من لحظات السكون والتأمل الضرورية للصحة العقلية.

وقد تؤدي هذه الحالة إلى ضعف التركيز وصعوبة في اتخاذ القرارات والشعور المستمر بالإرهاق العاطفي كما أن الشخص قد يُصاب بأعراض الاكتئاب أو التوتر المزمن دون أن يعرف أن السبب الحقيقي هو شعوره الداخلي بأنه دائمًا في حالة نقص أو تأخر عن الآخرين.

الكوينوفوبيا في أرقام ودراسات

تشير دراسات نفسية حديثة إلى أن فئة الشباب والمراهقين هم الأكثر عرضة للإصابة بالكوينوفوبيا نظرًا لكثرة استخدامهم لمواقع التواصل واعتمادهم الكبير على التفاعلات الرقمية في بناء هويتهم الاجتماعية وتقديرهم لذاتهم.

كما أظهرت أبحاث أن الأشخاص الذين يقضون وقتًا طويلاً على وسائل التواصل خاصة في التصفح العشوائي دون غرض واضح هم أكثر عرضة للشعور بهذا النوع من الرهاب وأن تكرار هذا الشعور يوميًا يمكن أن يؤدي إلى تغيرات واضحة في المزاج والسلوك وتفاعلهم مع الواقع المحيط.

كيف تتغلب على رهاب الكوينوفوبيا؟

مواجهة الكوينوفوبيا تبدأ بالوعي بأن ما نراه على مواقع التواصل ليس دائمًا حقيقة كاملة بل هو أجزاء مختارة من حياة الآخرين يتم عرضها بطريقة مدروسة أو بهدف جذب الانتباه كما أن الحياة الواقعية لا تُقاس بعدد الإعجابات أو المشاركات بل بجودة اللحظات التي نعيشها وتؤثر فينا بصدق.

من المهم تقليل الوقت الذي نقضيه على الهاتف وإعادة ترتيب الأولويات والتركيز على الأنشطة التي تضيف قيمة حقيقية لحياتنا مثل العلاقات الواقعية والهوايات المفيدة والراحة النفسية كما يُنصح بممارسة التأمل والرياضة والابتعاد عن المقارنة المستمرة وتذكر أن لكل إنسان مساره الخاص الذي لا يجب أن يتطابق مع الآخرين.

يمكن أيضًا تفعيل إعدادات الهاتف للحد من الإشعارات وتقليل متابعة الحسابات التي تثير القلق أو الشعور بالنقص واستبدالها بمصادر تلهم وتحفز بواقعية وتساعد على تطوير الذات.

الكوينوفوبيا ورحلة البحث عن التوازن

في عالمنا الرقمي المتسارع أصبح من الطبيعي أن نشعر أحيانًا بالخوف من تفويت شيء ما لكن المشكلة تبدأ عندما يتحول هذا الشعور إلى هاجس مزمن يسيطر على أفكارنا وسلوكنا ويمنعنا من الاستمتاع بالحياة بشكل حقيقي.

الكوينوفوبيا ليست ضعفًا في الشخصية لكنها إشارة إلى أن النفس البشرية تحتاج إلى توازن بين التفاعل مع العالم الخارجي والحفاظ على سلامها الداخلي وبين أن نكون مطّلعين وبين أن نعيش اللحظة بتفاصيلها بعيدًا عن القلق والضغط والسرعة.

تم نسخ الرابط