ترند الماتشا.. بين الفوائد المذهلة والجدل حول علاقتها بالسرطان

في «الماتشا» يكمن سر من أسرار الصحة التي اجتاحت العالم خلال السنوات الأخيرة، فمع صعود نجم «المشروبات الخضراء» وتحولها إلى ترند عالمي، برز اسم «الماتشا» كأحد العناصر الطبيعية التي تعد بفوائد مذهلة، وانتشرت الأحاديث حول قدرتها على محاربة الأمراض، بل وذهب البعض إلى ربط «الماتشا» بتقليل خطر الإصابة بالسرطان، وهو ما فتح بابًا واسعًا من الجدل والتحقيق العلمي.
ما هي الماتشا ولماذا أصبحت ترندًا عالميًا؟
تعود أصول «الماتشا» إلى الثقافة اليابانية القديمة، حيث استخدمت في طقوس الشاي التقليدية، وتتميز «الماتشا» بلونها الأخضر الزاهي وطريقة تحضيرها الفريدة التي تعتمد على طحن أوراق الشاي الأخضر الكاملة إلى مسحوق ناعم، مما يجعلها تحتفظ بجميع فوائد الأوراق بدلًا من مجرد نقعها في الماء كما يحدث مع الشاي التقليدي.
ومع تزايد اهتمام الناس بالتغذية الصحية، قفزت «الماتشا» إلى مقدمة الترندات، وأصبحت مكونًا أساسيًا في العديد من المشروبات والحلويات وحتى مستحضرات التجميل، يعود ذلك إلى ما تحتويه «الماتشا» من مضادات أكسدة قوية وفيتامينات وأحماض أمينية نادرة، الأمر الذي جعلها خيارًا مثاليًا لكل من يبحث عن نمط حياة أكثر صحة.
الفوائد الصحية الحقيقية للماتشا
يؤكد خبراء التغذية أن «الماتشا» غنية بمركبات تعرف باسم «الكاتيشين»، وهي نوع من مضادات الأكسدة التي تساهم في حماية الجسم من الأضرار الناتجة عن الجذور الحرة، كما تساعد «الماتشا» في تحسين وظائف المخ، وزيادة مستويات التركيز والطاقة بفضل احتوائها على نسبة معتدلة من الكافيين الذي يطلق تأثيره ببطء مقارنة بالقهوة، مما يمنح شعورًا باليقظة المستدامة دون نوبات انهيار مفاجئة في الطاقة.
أيضًا تسهم «الماتشا» في دعم صحة القلب من خلال خفض مستويات الكوليسترول الضار وتعزيز مستويات الكوليسترول الجيد، وهناك دراسات تشير إلى دورها المحتمل في تعزيز عمليات الأيض مما قد يساعد في التحكم في الوزن، ومع كل هذه الفوائد، لم يكن مستغربًا أن تصبح «الماتشا» أيقونة عصرية في عالم التغذية الصحية.
حقيقة العلاقة بين الماتشا والسرطان
رغم انتشار العديد من المقالات التي تتحدث عن ارتباط «الماتشا» بمكافحة السرطان، إلا أن الحقيقة العلمية أكثر تعقيدًا مما يبدو، حيث تشير الأبحاث إلى أن المركبات المضادة للأكسدة الموجودة في «الماتشا»، وعلى رأسها «الإيبيغالوكاتيشين غاليت»، قد تسهم في منع نمو الخلايا السرطانية في ظروف معينة، لكن هذه النتائج لا تزال في مراحل البحث المخبري ولم يتم تأكيدها بشكل قاطع على البشر.
بالتالي فإن ربط «الماتشا» بشكل مباشر بمنع السرطان يعد «خرافة» شائعة وليست حقيقة مثبتة، ويشدد الأطباء على أن تناول «الماتشا» ينبغي أن يكون جزءًا من نمط حياة صحي متكامل يشمل التغذية السليمة والنشاط البدني والفحوصات الدورية، وليس الاعتماد عليها وحدها كوسيلة للوقاية من الأمراض الخطيرة.
كيف تستفيد من الماتشا بشكل صحي؟
للاستفادة القصوى من خصائص «الماتشا»، ينصح باختيار أنواع عالية الجودة تكون عضوية وخالية من الإضافات الصناعية، ويفضل تحضيرها باستخدام الماء الساخن وليس المغلي للحفاظ على مكوناتها النشطة، ويمكن الاستمتاع بها كمشروب تقليدي أو إضافتها إلى العصائر الطبيعية والوصفات المختلفة مثل الكيكات والعصائر المخفوقة.
من المهم أيضًا عدم الإفراط في تناول «الماتشا»، فبينما هي غنية بالعناصر المفيدة، إلا أن احتوائها على الكافيين يجعل استهلاك كميات كبيرة منها غير مناسب لبعض الفئات مثل النساء الحوامل أو الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم أو ارتفاع ضغط الدم.
الماتشا ومستقبل المشروبات الصحية
مع استمرار البحث العلمي في كشف المزيد عن فوائد «الماتشا»، يتوقع أن تبقى جزءًا أساسيًا من مشهد المشروبات الصحية لفترة طويلة، كما أن التوجه العام نحو الأغذية الطبيعية والنظيفة يدعم انتشار استخدام «الماتشا» ليس فقط في المشروبات بل وفي المستحضرات الصحية ومستحضرات العناية بالبشرة، مما يفتح آفاقًا جديدة لاستخدام هذا المكون الرائع.
تظل «الماتشا» خيارًا غنيًا ومفيدًا عندما يتم استهلاكها باعتدال وكجزء من نظام غذائي متوازن، بعيدًا عن المبالغات والوعود الزائفة التي تحيط بها، فالعلم ما زال يكشف أسرارها بهدوء وثقة بعيدًا عن التهويل المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.