الأحد 04 مايو 2025 الموافق 06 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يجوز التوسل بـ«النبي وآل البيت والكعبة»؟.. الإفتاء تحسم الجدل

الإفتاء المصرية
الإفتاء المصرية

أوضحت «دار الإفتاء المصرية» أن استخدام عبارات مثل «والنبي» أو «والكعبة» في سياق الترجي أو تأكيد الكلام دون قصد الحلف الحقيقي، هو أمر جائز شرعًا ولا حرج فيه، وفقًا لما ورد عن جماهير الفقهاء.

الترجي بالنبي وآل البيت والكعبة

أكدت «الإفتاء» أن الترجي أو تأكيد الكلام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بغيره، مثل القول بـ«والنبي» أو «والكعبة»، بما لا يُقصد به حقيقة الحلف، يعد أمرًا جائزًا شرعًا ولا حرج فيه عند جماهير الفقهاء، وأشارت إلى أنه لا يصح أن يُمنع هذا النوع من الترجي بالأدلة التي ظاهرها تحريم الحلف بغير الله، حيث إنه ليس من هذا الباب، وهو وارد في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلام الصحابة الكرام، وأضافت أن استخدام هذه العبارات في الحديث بين الناس يدل على محبة وتعظيم من يذكرونه، خاصة عندما يتعلق الأمر بالنبي الكريم أو بالكعبة المشرفة، وهو من باب التأدب وليس من باب الشرك أو الحلف المنهي عنه في النصوص الصريحة.

وقد أوضحت «دار الإفتاء» أن هناك فرقًا كبيرًا بين الترجي والتوسل والتعظيم الذي يجري على ألسنة العامة، وبين الحلف الذي يُقصد به القسم، فالأول لا حرج فيه إذا لم يُقصد به الحلف، وهو من العادات الجارية عند الناس والتي لا تنطوي على محذور شرعي، بخلاف الثاني الذي قد يكون فيه مخالفة إذا وقع على وجه القسم بغير الله مع قصد التعظيم على وجه يضاهي تعظيم الله سبحانه وتعالى، وهو ما لا ينطبق على ما يرد من أقوال مثل «والنبي» أو «بالكعبة» في سياقات الحديث العادية بين الناس.

أدلة من السنة النبوية

استشهدت «الإفتاء» بحديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه، حيث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، أيُّ الصدقة أعظم أجرًا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهْ؛ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ»، وهذا الحديث يدل على جواز استعمال بعض الألفاظ التي قد توهم الحلف، لكنها ليست على وجه القسم الحقيقي، وقد قرره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مما يدل على جواز هذا الأسلوب في الكلام إذا خلا من نية القسم الفعلي.

كما أوضحت «الإفتاء» أن هذه الأحاديث تُبيّن بوضوح أن الشريعة ليست ضد التعبيرات المجازية أو العاطفية التي لا يقصد بها الحلف أو تعظيم غير الله على وجه الشرك، بل إن كثيرًا من هذه الألفاظ تدل على العرف السائد والنية الكامنة وراءها، وهو ما عليه حال المسلمين في الغالب حين يستخدمون هذه العبارات دون قصد الحلف.

الحلف بغير الله

وفي السياق ذاته، بينت «دار الإفتاء» أن الحلف بما هو مُعَظَّم في الشرع كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بالإسلام أو بالكعبة، لا مشابهة فيه لحلف المشركين بوجه من الوجوه، مشيرة إلى أن الإمام أحمد بن حنبل، وهو أحد كبار الأئمة المجتهدين، أجاز الحلف بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، واعتبر أن ذلك جائز لأنه أحد ركني الشهادة التي لا تتم إلا به، ولا يمكن أن يُفهم من هذا الحلف أنه تسوية بين الله تعالى والنبي، بل هو حلف مبني على تعظيم الله لمن عظّمه، وهو النبي عليه الصلاة والسلام.

وأضافت «الإفتاء» أن هناك فهمًا مغلوطًا لدى بعض الناس حول موضوع الحلف، إذ يظنون أن كل قسم بغير الله يعد شركًا أكبر، وهذا خطأ جسيم، لأن الشريعة الإسلامية تنظر إلى المقاصد والنوايا قبل الألفاظ، وقد فرقت بين الحلف الذي يقصد به تعظيم غير الله تعظيمًا إلهيًا، وبين الحلف الذي يخرج على ألسنة الناس بحسن نية دون قصد الشرك أو التقرب لغير الله.

التحذير من التكفير بغير علم

وفي محور مهم لا يقل خطورة، حذرت «دار الإفتاء المصرية» من التسرع في اتهام الناس بالكفر أو الشرك لمجرد استخدامهم لهذه العبارات، وقالت إن هذا الأمر من أخطر ما يقع فيه بعض الناس، حيث يتجرأ البعض على إطلاق أحكام بالكفر أو الشرك على من يقول «والنبي» أو «والكعبة» دون تحقق أو فهم صحيح للشرع، وقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا»، وهو تحذير واضح من مغبة التسرع في إطلاق الأحكام، خاصة الأحكام التي تتعلق بالإيمان والكفر.

وأكدت «الإفتاء» أن من أعظم الآثام أن يتكلم الإنسان في دين الله بغير علم، وأن يكفّر الناس أو يبدّعهم أو يفسقهم من تلقاء نفسه دون الرجوع إلى أهل العلم، وهذا من علامات الجهل والتعصب، بل قد يكون بابًا من أبواب الفتنة وتمزيق وحدة المسلمين، وأضافت أن منهج الإسلام قائم على الرفق والعدل والتثبت، وليس على التشدد أو الإساءة إلى المسلمين لمجرد كلمة قالوها في سياق لا يدل على معصية أو خروج عن الدين.

العادة الجارية لا تعني الشرك

وبيّنت «الإفتاء» أن جريان عادة الناس على قول بعض العبارات مثل «والنبي» أو «يا شيخ بالكعبة» أو غير ذلك من صور الكلام التي يقصد بها الترجي أو التوسل أو مجرد تأكيد الحديث، لا يعد خروجًا عن العقيدة أو مخالفة للشريعة، بل هو نوع من أنواع الخطاب العاطفي والوجداني الذي لا يحمل في طياته محذورًا شرعيًا، بل إن الشريعة تأخذ بعين الاعتبار أعراف الناس وألسنتهم ومقاصدهم، ولذلك فإن الحكم على هذه الألفاظ يجب أن يكون بناءً على ما يقصده المتكلم لا على ظاهر العبارة فقط.

خلصت «دار الإفتاء المصرية» إلى أن الترجي أو تأكيد الكلام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بغيره، مما لا يُقصد به حقيقة الحلف، هو أمر مشروع لا حرج على فاعله، لوروده في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلام الصحابة، وجريان عادة الناس عليه بما لا يخالف الشرع الشريف، وأهابت بالجمهور أن لا ينساقوا وراء الفتاوى المتشددة التي تضيّق على الناس في أقوالهم وسلوكهم دون حجة ولا دليل، مشددة على أن الدين يسر، وأن الإسلام لم يُبعث لعنتًا على الناس بل رحمةً للعالمين، وأن الأصل في الألفاظ هو مراعاة المقاصد والنيات، لا الوقوف عند الحروف والصيغ المجردة، وهو ما يجب أن يلتزم به كل مسلم غيور على دينه دون أن يتجاوز حدود الفهم الصحيح والمعتدل للشريعة الإسلامية.

تم نسخ الرابط