تراجع حاد في أسعار النفط.. «أوبك+» تشعل الأسواق بقرار مفاجئ لزيادة الإنتاج

شهدت أسعار النفط العالمية تراجعًا حادًا خلال تعاملات صباح اليوم الإثنين 5 مايو 2025، متأثرةً بإعلان تحالف «أوبك+» عن تسريع وتيرة زيادة الإنتاج خلال الشهر المقبل، في خطوة أثارت قلق الأسواق العالمية بشأن حدوث فائض في المعروض، في وقت ما تزال فيه آفاق الطلب غير واضحة نتيجة تباطؤ اقتصادي عالمي وركود في عدد من القطاعات.
خام برنت يتراجع بـ3.6%.. و«تكساس» يهوي قرب 56 دولارًا
وهبطت العقود الآجلة لخام برنت، المؤشر العالمي للنفط، بمقدار 2.21 دولار أو ما يعادل 3.61%، لتسجل 59.08 دولارًا للبرميل، وهو أدنى مستوى يصل إليه الخام منذ 9 أبريل الماضي.
في المقابل، تراجعت عقود الخام الأمريكي "غرب تكساس الوسيط" بواقع 2.29 دولار أو بنسبة 3.93%، لتصل إلى 56.00 دولار للبرميل.
وجاءت هذه التراجعات بعد أن أعلن تحالف «أوبك+» عن اتفاقه الأخير على تسريع زيادات الإنتاج خلال يونيو المقبل، ما فُهم في الأسواق على أنه إشارة لاحتمال تخلي التحالف عن نهج خفض الإنتاج الذي ساد منذ عام 2022.
زيادة جديدة في الإنتاج ترفع القلق من الفائض
وبحسب ما نقلته مواقع اقتصادية دولية، فإن تحالف «أوبك+» قرر زيادة إنتاج النفط في يونيو المقبل بواقع 411 ألف برميل يوميًا، وبذلك ترتفع الزيادة التراكمية خلال أشهر أبريل ومايو ويونيو إلى نحو 960 ألف برميل يوميًا.
وتعادل هذه الزيادة نحو 44% من إجمالي التخفيضات التي أقرتها «أوبك+» سابقًا، والبالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، وهو ما يشير إلى تحول تدريجي في السياسة الإنتاجية للتحالف من التخفيض إلى التوسع في الإمدادات، بما يتماشى مع بعض المؤشرات على ضعف التزام عدد من الدول الأعضاء بحصص الإنتاج المتفق عليها.
باركليز يخفض توقعاته لأسعار النفط في 2025 و2026
وفي ضوء التطورات الجديدة، خفّض بنك «باركليز» البريطاني توقعاته لأسعار خام برنت خلال العام المقبل، حيث قلّص تقديره من 70 دولارًا إلى 66 دولارًا للبرميل لعام 2025، كما خفّض تقديراته للعام 2026 إلى 60 دولارًا، بانخفاض قدره دولاران عن التوقعات السابقة.
وأوضح محلل «باركليز»، أمريبريت سينج، في مذكرة تحليلية، أن تأثير زيادة إنتاج أوبك+ سيطغى على تباطؤ نمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة، ما يخلق فائضًا نسبيًا في السوق العالمية.
وأشار سينج إلى أن البنك يتوقع انتهاء التعديلات الطوعية من جانب «أوبك+» بحلول أكتوبر 2025، وهو ما قد يؤدي إلى اتساع فجوة المعروض في حال لم يقابله ارتفاع مماثل في الطلب العالمي على الطاقة.
مصادر.. «أوبك+» يخطط لإنهاء التخفيضات الطوعية في أكتوبر
في السياق ذاته، كشفت مصادر مطلعة داخل «أوبك+» عن أن التحالف يدرس الإلغاء الكامل لتخفيضاته الطوعية بحلول نهاية أكتوبر المقبل، في ظل استمرار ضعف التزام بعض الدول الأعضاء بحصص الإنتاج، وفي ضوء محاولات تعزيز الحصص السوقية عالميًا، خاصة في مواجهة عودة إيران وفنزويلا التدريجية للسوق وتوسع الإنتاج الأمريكي.
وتابعت المصادر أن الدول الكبرى داخل التحالف، وعلى رأسها السعودية وروسيا، تسعى إلى إعادة ضبط توازن السوق، مع التركيز على استعادة الحصة السوقية بدلًا من الحفاظ على الأسعار المرتفعة فقط.
مخاوف من ضعف الطلب العالمي في ظل تباطؤ اقتصادي
يأتي هذا التحول في السياسة الإنتاجية لـ«أوبك+» في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من تباطؤ واضح، وسط بيانات سلبية حول معدلات النمو في عدد من الدول الكبرى، من بينها ألمانيا والصين، وتوقعات بضعف الطلب على الطاقة في النصف الثاني من العام الجاري.
كما أظهرت مؤشرات من الصين أكبر مستهلك للنفط في العالم تراجعًا في معدلات التصنيع والإنفاق الاستهلاكي، ما يؤثر سلبًا على وتيرة استيراد الخام.
من جانبه، قال تيم إيفانز، مؤسس شركة «إيفانز للطاقة»، إن قرار «أوبك+» بزيادة الإنتاج في هذا التوقيت يعزز التوقعات بتحول ميزان العرض والطلب العالمي نحو الفائض، محذرًا من إمكانية استمرار الضغوط الهبوطية على أسعار النفط خلال الشهور المقبلة.
توقعات بمزيد من التذبذب في الأسعار خلال الصيف
مع اقتراب موسم الصيف، الذي يشهد عادة زيادة في الطلب على الوقود، يترقب المراقبون تطورات السوق بحذر، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية، منها تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، واستمرار الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى الانتخابات الأمريكية المقبلة وتأثيرها المحتمل على سياسات الطاقة.
ويرجح محللون أن تشهد أسعار النفط مزيدًا من التذبذب خلال الأسابيع المقبلة، مع ميل للهبوط إذا لم تظهر مؤشرات قوية على ارتفاع الطلب أو تراجع المعروض.