فورتنايت تعود بقوة.. تحالف Epic وSpotify يتحديان آبل

«آبل» تعود للواجهة التقنية بعد أن قررت شركتا «إيبك جيمز» و«سبوتيفاي» استغلال التغيرات الأخيرة في سياسات متجر التطبيقات التابع لها، فقد بدأت الشركتان فعليا في اختبار هذه السياسات الجديدة من خلال تحديثات جذرية على تطبيقاتهما، تتضمن مزايا كانت تعد «محظورة» في السابق داخل منظومة «آبل»، وهو ما يُنبئ بتحولات كبرى في العلاقة بين المنصات الكبرى والمطورين الذين كانوا يشتكون من قيود صارمة ومعوقات مالية لم تمنحهم حرية التحكم الكاملة في نماذجهم الربحية.
عودة مرتقبة لـ «فورتنايت» إلى متجر آبل
أولى الخطوات التي اتخذتها «إيبك جيمز» جاءت في شكل تحديث لتطبيق لعبتها الشهيرة «فورتنايت»، سعيا لإعادتها إلى متجر «آبل» بعد غياب دام لأكثر من أربع سنوات، هذا الغياب لم يكن اختياريا بل فرضته الخلافات الحادة بين الشركتين منذ عام 2020، عندما قررت «إيبك جيمز» كسر قواعد «آبل» من خلال إدخال نظام دفع مباشر داخل تطبيقها، متجاوزة بذلك منظومة الدفع الخاصة بآبل التي كانت تفرض نسب عمولة مرتفعة اعتبرتها الشركة المطورة غير عادلة، وردا على ذلك قامت آبل بحذف اللعبة من متجرها الشهير «آب ستور»، لتبدأ معركة قانونية استمرت لسنوات وانتهت بحكم قضائي غيّر قواعد اللعبة تماما.
Spotify تكسر القيود وتبتكر نظاما جديدا للدفع
لم تكن «سبوتيفاي» أقل جرأة في التعامل مع الوضع الجديد، فقد سارعت إلى طرح تحديث يضم ميزات جديدة أبرزها إتاحة إمكانية شراء الكتب الصوتية بشكل مباشر من داخل التطبيق، بالإضافة إلى تمكين المشتركين في خدمة «Premium» من شراء ساعات استماع إضافية، وهي مزايا كانت ممنوعة في السابق بسبب قيود «آبل» التي كانت تُلزم المطورين باستخدام نظامها الحصري للدفع، ومع التعديلات الجديدة أصبحت تلك الميزات قانونية ومشروعة، مما يعزز تجربة المستخدم ويفتح المجال أمام شركات أخرى لتقديم عروض مشابهة دون الخوف من العقوبات.
نهاية العمولة وحرية أكبر للمطورين
ما يدفع هذه الخطوة إلى صدارة المشهد التقني هو أن آبل أعلنت مؤخرا عن تغييرات هيكلية في سياسات متجرها، تتيح للمطورين استخدام روابط دفع خارجية دون الحاجة للحصول على موافقات مسبقة، كما ألغت العمولة التي كانت تُفرض على المعاملات الداخلية والتي طالما وصفت بأنها «جائرة»، هذا القرار يمثل «نقلة نوعية» في سياسات «آبل» التي لطالما تعرضت لانتقادات واسعة بسبب تحكمها المفرط في بيئة التطبيقات، الأمر الذي جعلها محل دعاوى قضائية عدة ومطالبات بالتغيير من قبل عشرات المطورين حول العالم.
آبل تحت ضغط المحاكم والمنافسين
ما يجعل هذا التحول جذريا هو السياق القانوني المحيط به، فقد أصدرت محكمة أمريكية حكما يعتبر بمثابة «ضربة» قوية لسياسات «آبل»، حيث أكدت المحكمة أن الشركة انتهكت أمرا قضائيا صدر في عام 2021، ينص على ضرورة إتاحة المنافسة داخل متجر التطبيقات بشكل أوسع، هذا الحكم جاء بمثابة انتصار واضح لشركة «إيبك جيمز» التي خاضت معركة طويلة دفاعا عن مبدأ الحرية الاقتصادية داخل بيئة التطبيقات، واعتبرت القرار القضائي بمثابة «انتصار للمطورين» ضد ممارسات احتكارية حاولت آبل فرضها طيلة سنوات.
آفاق جديدة للمطورين والمستخدمين
التغييرات التي حدثت مؤخرا ليست مجرد تعديلات فنية، بل هي «ثورة صامتة» في بيئة تطوير التطبيقات، حيث أصبح بإمكان المطورين الآن التحكم في خيارات الدفع، تسعير الخدمات، وحتى تصميم نماذج ربحية مبتكرة، دون أن تكون «آبل» هي الحكم الوحيد في الساحة، وهذا ما يمنح الشركات الصغيرة والناشئة فرصة ذهبية للدخول في منافسة عادلة مع الأسماء الكبرى، كما ينعكس ذلك إيجابيا على المستخدم النهائي الذي سيتمكن من الحصول على عروض أكثر تنوعا وخدمات أفضل بأسعار أقل في كثير من الأحيان.
آبل تحاول امتصاص الغضب العالمي
رغم أن «آبل» لم تصدر تصريحات عدائية تجاه هذه التطورات، إلا أن العديد من المحللين يرون أن هذه التغييرات جاءت تحت وطأة الضغوط القضائية والسياسية والإعلامية، خاصة مع تزايد التحقيقات حول ممارساتها الاحتكارية في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث تسعى الجهات التنظيمية إلى ضمان عدم استغلال «آبل» لموقعها المهيمن في السوق بشكل يُقيّد حرية المنافسة، وبالتالي فإن ما يحدث الآن هو جزء من «استراتيجية احتواء» تسعى آبل من خلالها إلى الحفاظ على مكانتها دون الدخول في مزيد من الصراعات القانونية التي قد تكلفها مليارات الدولارات.
هل تلتحق شركات أخرى بالركب؟
من المتوقع أن تسير تطبيقات وتكتلات تقنية أخرى على خطى «سبوتيفاي» و«إيبك جيمز»، حيث إن الفرصة الآن أصبحت سانحة أمام الجميع للاستفادة من التغيرات الجديدة في سياسات «آبل»، بل إن بعض الشركات بدأت بالفعل بوضع خطط لإعادة تصميم نماذج الدفع الخاصة بها بما يتماشى مع الحرية الجديدة التي أصبح يوفرها متجر التطبيقات، وهذا قد يؤدي إلى موجة من الابتكار في صناعة البرمجيات لم تُشهد منذ سنوات، إذ لم يعد المطورون مجبرين على دفع ما يصل إلى 30٪ من أرباحهم لـ «آبل»، مما يعزز فرص النمو والاستدامة.
ما يشهده العالم التقني اليوم قد يكون بداية لنهاية حقبة طويلة من «الاحتكار الرقمي» الذي فرضته شركات مثل «آبل» تحت شعار حماية المستخدم وتوفير بيئة آمنة، ومع اتساع رقعة المنافسة وازدياد عدد الجهات التنظيمية المهتمة بهذا الملف، يبدو أن «آبل» ستكون مجبرة في المستقبل على تقديم المزيد من التنازلات لصالح المطورين والمستخدمين على حد سواء.