سانشيز.. فلسطين تنزف أمام أعين العالم.. ولا يمكن الصمت على مجازر غزة

وجه رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الرابعة والثلاثين، التي انطلقت صباح السبت 17 مايو في العاصمة العراقية بغداد، انتقادات حادة لما يجري من عدوان مستمر على الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن ما يحدث في غزة والضفة الغربية لا يمكن التغاضي عنه، لا في أوروبا ولا في أي مكان آخر في العالم.
وقال سانشيز، الذي ألقى كلمته في حضور عدد من القادة العرب، ومن بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن «فلسطين تنزف أمام أعيننا»، في إشارة إلى الفظائع التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023.
الإغراءات بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بالقوة «يقظة كوابيس الماضي»
وفي موقف حازم تجاه المحاولات الجارية لإعادة تشكيل المنطقة على وقع السلاح والقوة العسكرية، حذر رئيس الوزراء الإسباني من مغبة الانجرار وراء سياسات الأمر الواقع.
وقال: «إن الإغراءات بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بالقوة، سيقظ أسوأ كوابيس الماضي»، في إشارة إلى الحروب السابقة التي جلبت الدمار والانقسام، مضيفًا أن التعايش والسلام الدائم لا يمكن أن ينبنيا على ركام البيوت والضحايا، بل على أسس العدالة واحترام الحقوق.
وجدد سانشيز تأكيده على أن الحل الوحيد القابل للاستمرار هو حل الدولتين، مع ضرورة الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل، في ظل ترتيبات أمنية دولية عادلة وشاملة.
مجازر غزة.. أكثر من 50 ألف شهيد ومليونَي نازح
وفي استعراضه للكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، قال رئيس الوزراء الإسباني إن ما يجري منذ أكتوبر 2023 تجاوز كل الخطوط الحمراء، مشيرًا إلى أن عدد الضحايا تجاوز حتى الآن 50 ألف قتيل، وأكثر من 100 ألف جريح، بالإضافة إلى مليوني نازح داخل القطاع المحاصر.
وأوضح أن هذه الأرقام «مهولة وغير مقبولة بأي معيار إنساني»، مشددًا على أن «ما يحدث في غزة لا ينتهك فقط المفهوم الأساسي للإنسانية، بل ينتهك أيضًا المبادئ الأساسية للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي».
ودعا سانشيز إلى ضرورة فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للمدنيين في قطاع غزة، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والطبية دون عوائق.
إسبانيا والموقف الأوروبي.. بين الضمير والمصالح
وتأتي تصريحات سانشيز في وقت يزداد فيه الجدل داخل أوروبا حول مدى التزام الاتحاد الأوروبي بالقيم التي ينادي بها، خاصة في ظل الاتهامات الموجهة لبعض الدول الغربية بالانحياز الأعمى لإسرائيل، رغم المجازر التي ترتكبها في الأراضي المحتلة.
ويُعد رئيس الوزراء الإسباني من أبرز الأصوات الأوروبية التي تبنت موقفًا واضحًا منذ بداية العدوان، حيث طالب مرارًا بوقف إطلاق النار، ورفع الحصار عن غزة، كما تحدث عن ضرورة الاعتراف الأوروبي الجماعي بدولة فلسطين، وهو ما اعتبره كثيرون خطوة مهمة على طريق تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.
وأكد سانشيز خلال كلمته في بغداد أن «السكوت عن الظلم يُعد تواطؤًا»، مضيفًا: «العالم كله يرى ما يجري في غزة، ومن غير المقبول أن يستمر الصمت أو التبرير لما يحدث من قتل وتجويع وتشريد».
القمة العربية.. دعم متواصل لفلسطين ورسائل حاسمة
ويأتي الموقف الإسباني المتقدم في ظل زخم عربي متواصل داخل أروقة القمة العربية في بغداد، حيث تصدرت القضية الفلسطينية جدول الأعمال، وسط دعوات واضحة من الزعماء العرب لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل، وضرورة محاسبتها دوليًا على جرائمها.
وكان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، قد أشار في كلمته إلى أن الحرب على غزة باتت تمثل اختبارًا حقيقيًا للمجتمع الدولي، مطالبًا برفع الحصار فورًا، ووقف العدوان دون شروط.
من جانبه، يُنتظر أن يلقي الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة مصر في الجلسة العامة، يستعرض خلالها رؤية القاهرة بشأن تطورات القضية الفلسطينية، ومقترحاتها لتحقيق تهدئة شاملة تمهيدًا لاستئناف المفاوضات، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
الرسالة الأوروبية من بغداد.. صوت الضمير ما زال حاضرًا
وبالرغم من تحفظ بعض العواصم الأوروبية على اتخاذ مواقف حاسمة، إلا أن خطاب بيدرو سانشيز في القمة بعث برسالة أمل واضحة، مفادها أن هناك في أوروبا من لا يزال يؤمن بالحق والعدالة، ويرفض سياسات القوة والاحتلال.
كما يعكس الخطاب الإسباني رغبة بعض الدول الأوروبية في تصحيح المسار، والتأكيد على أن احترام القانون الدولي لا يجب أن يخضع لحسابات المصالح الضيقة.