هل يجوز لـ«الأرملة المبيت خارج منزلها» لكبر سنها؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي

الإفتاء تجيب عن تساؤلات كثيرة تتعلق بحياة «المرأة التي توفي عنها زوجها» خاصة ما يتعلق بفترة «العدة الشرعية» و«شروط الإقامة والمبيت» خلال هذه المرحلة الحساسة من حياتها، إذ يتردد على أذهان الكثير من النساء وكبار السن أسئلة من نوع: ما هو مقدار العدة؟ وهل يجوز للأرملة الخروج لقضاء حاجاتها؟ وهل يباح لها «المبيت خارج منزلها» عند أحد أبنائها إذا كانت تعاني من كبر السن أو المرض؟، وقد جاءت إجابات «الإفتاء» عبر علمائها ومفتشيها لتضع الأمور في نصابها الصحيح شرعًا.
عدة الأرملة كما حددها الشرع
أوضحت «الإفتاء» أن مقدار عدة المتوفى عنها زوجها هو ما ورد في الآية الكريمة من سورة البقرة في قوله تعالى «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»، حيث يجب على الأرملة الانتظار لهذه المدة التي تمثل العدة الشرعية سواء كانت صغيرة أو كبيرة أو دخل بها الزوج أو لم يدخل أو حتى بلغت سن اليأس.
وأكدت «الإفتاء» أن هذه العدة واجبة على جميع النساء اللاتي تُوفي عنهن أزواجهن من دون تفرقة بين الأعمار أو الظروف، وهو ما أشار إليه الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية السابق وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.
هل يجوز للأرملة الخروج من منزلها خلال العدة؟
أشارت «الإفتاء» إلى أنه لا مانع شرعي من خروج المعتدة من بيتها نهارًا لقضاء حاجاتها الضرورية مثل شراء مستلزمات المعيشة أو الذهاب إلى العمل أو حتى زيارة الأقارب والجيران بشرط العودة إلى المنزل قبل حلول الليل، كما يُسمح لها بالتنزه والمشي ومجالسة الأقارب والصديقات ما دامت بعيدة عن «الزينة أو التبرج».
وهذا ما استدل به الدكتور مجدي عاشور من الحديث النبوي الشريف حين أرادت خالة الصحابي جابر أن تذهب لجني ثمار نخلها، فمنعها أحد الرجال، فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقرها على ذلك قائلًا «بلى، فجدي نخلك»، وهو دليل على مشروعية خروج الأرملة لقضاء مصالحها.
هل يجوز للأرملة «المبيت خارج منزلها» عند أولادها؟
أكدت «الإفتاء» عبر الدكتور عاشور أن الأصل الشرعي هو أن تبيت الأرملة في بيت الزوجية ولا يجوز لها مغادرته للمبيت في بيت آخر إلا في حالات الضرورة القصوى، مثل أن تكون كبيرة في السن ولا تستطيع خدمة نفسها أو لا يوجد من يرعاها أو تخشى على نفسها من الوحدة أو تتعرض لأي نوع من الخطر الجسدي أو النفسي.
وفي هذه الحالة فقط يجوز لها أن «تبيت خارج منزل الزوجية» عند أحد أبنائها أو أقاربها الذين تأمنهم على نفسها ومالها وتتحقق لديهم الرعاية والطمأنينة، موضحة «الإفتاء» أن هذا الاستثناء لا يعني التهاون في تطبيق حكم العدة بل هو تخفيف عن الأرامل في حالات العجز أو الضعف.
آداب المرأة في فترة العدة وفق الإفتاء
ذكرت «الإفتاء» أن المرأة المعتدة يجب أن تلتزم بثلاثة أمور رئيسية خلال فترة العدة أولها عدم «المبيت خارج منزل الزوجية» إلا لضرورة كما ذكر سابقًا، وثانيها تجنب الزينة بأنواعها مثل الذهب والفضة والحرير، وثالثها الامتناع عن وضع العطور والروائح القوية.
كما يُسمح للأرملة وفق فتوى دار «الإفتاء» أن تُمشط شعرها وتعتني بنظافة بدنها وتتكلم مع الرجال غير المحارم إذا دعت الضرورة وأن ترد على الهاتف وتمارس حياتها العادية دون مخالفة الشروط الشرعية، وهو ما فنّدته «الإفتاء» للرد على المعتقدات الخاطئة المتوارثة التي تحرم على الأرملة أن تتحرك أو تتكلم أو تخرج إلا للدفن فقط.
الإفتاء توضح.. لا كفارة على من تجهل الحكم الشرعي
أكد الشيخ أحمد وسام أمين الفتوى بدار «الإفتاء» أنه إذا خالفت المرأة الحكم الشرعي عن جهل ولم تكن على دراية بوجوب المكوث في منزل الزوجية طوال فترة العدة فإنها لا تأثم ولا كفارة عليها وإنما يكفيها الاستغفار والدعاء، وقد أوضح ذلك في رده على سيدة قالت إنها قضت فترة العدة عند ابنها بسبب حالتها النفسية الصعبة ولم تكن تعلم أن ذلك غير جائز.
في المقابل، إذا كانت المرأة تعلم الحكم الشرعي وتجاوزته عمدًا فإنها تُؤثم ويجب عليها التوبة والاستغفار إلا أن الشريعة لا تُلزمها بإعادة قضاء العدة مرة أخرى.
العدة لا تعني الحبس وإنما الحفاظ
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق إن «العدة» لا تُفهم على أنها سجن أو حبس للمرأة بل هي فترة شرعية منظمة تمنع فقط السفر أو المبيت خارج البيت دون أن تمنع الحركة داخل الحي أو المنطقة المجاورة، وأوضح أن الأرملة تستطيع أن تخرج بجوار منزلها للترفيه عن نفسها ولكن دون المبيت خارجه إلا للضرورة.
وأضاف أن على من يتولى رعاية الأرملة أن يُراعي مشاعرها النفسية والإنسانية خلال هذه المرحلة، خاصة إذا كانت لا تتحمل البقاء وحيدة في منزلها طوال الوقت.
الأحكام الشرعية كما وردت عن الإفتاء
أجابت «الإفتاء» على كل الأسئلة المتعلقة بعدة الأرملة والمبيت والخروج والزينة وأوضحت أن «الاعتدال في التطبيق» مطلوب وأن الدين يُراعي حال الناس والضرورات التي قد تدفع المرأة لمخالفة بعض الشروط ولكن بضوابط صارمة تحفظ الدين والكرامة.