السبت 09 أغسطس 2025 الموافق 15 صفر 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يمكن أداء الصلاة المفروضة في «أوقات النهي»؟ آراء الفقهاء توضح الحقيقة

الصلاة
الصلاة

الصلاة هي عماد الدين وأحد أركان الإسلام التي فرضها الله على عباده في أوقات محددة، وقد جاء الشرع الشريف ببيان أوقات النهي عن الصلاة لتكون مرشداً للمسلم في تنظيم عبادته وفق ما شرعه الله تعالى، وقد حددت النصوص الشرعية أوقاتاً معينة يُكره فيها أداء الصلاة النافلة بلا سبب، واختلف الفقهاء في تحديد عدد هذه الأوقات، فذهب بعضهم إلى أنها ثلاثة أوقات، ورأى آخرون أنها اثنان، بينما أكد جمهور من العلماء أن «أوقات النهي عن الصلاة» خمسة، وهي أوقات ينبغي للمسلم أن يتجنب فيها صلاة التطوع المطلق، ومع ذلك فإن قضاء الصلوات الفائتة وأداء الصلاة ذات السبب يجوز في هذه الأوقات، مثل صلاة الكسوف أو الخسوف وسجود التلاوة.

تعريف أوقات النهي عن الصلاة

أوقات النهي عن الصلاة تبدأ أولاً من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وثانياً من طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وهذا الوقت يقدره العلماء باثنتي عشرة دقيقة تقريباً، والاحتياط أن يُجعل ربع ساعة، وثالثاً عند قيام الشمس في كبد السماء حتى تزول، ورابعاً من بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وخامساً من حين شروع الشمس في الغروب حتى يكتمل غروبها، وهذه الأوقات ورد النهي عنها في عدة أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس» كما روى مسلم عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قوله «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا» وذكر فيها طلوع الشمس حتى ترتفع، وقيام الشمس في وسط السماء، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.

اختلاف الفقهاء في عدد الأوقات

اختلفت المذاهب الفقهية في عدد أوقات النهي، فالحنابلة يرون أنها تبدأ من طلوع الفجر بمنع التطوع بعد الأذان إلا سنة الفجر، بينما الشافعية يرون أن النهي يتعلق بالصلاة بعد أداء الفريضة، ولا يمنع التطوع بين الأذان والإقامة، والراجح أن المسلم بعد طلوع الفجر لا يتطوع إلا بركعتي السنة، أما المالكية فيرون أن أوقات النهي اثنان فقط عند طلوع الشمس وعند اصفرارها، ولا كراهة عندهم وقت استواء الشمس.

حكم الصلاة ذات السبب في أوقات النهي

اتفق الفقهاء على كراهة التطوع المطلق في هذه الأوقات، لكنهم استثنوا الصلاة ذات السبب، مثل صلاة الكسوف والخسوف وركعتي تحية المسجد وصلاة الوضوء، فأجازوها حتى في أوقات النهي، أما الصلاة ذات السبب اللاحق مثل صلاة الاستخارة فلا تُصلى في هذه الأوقات، وقد أجاز جمهور العلماء أداء هذه الصلوات إذا وُجد سببها في وقت النهي.

حكم قضاء الصلاة الفائتة في أوقات النهي

أجمع جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على أن قضاء الصلاة الفائتة في أوقات النهي جائز بلا كراهة، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم «إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها»، بينما يرى الحنفية أن القضاء لا يجوز في ثلاثة أوقات هي وقت طلوع الشمس ووقت الزوال ووقت الغروب، معللين ذلك بأن الصلاة في هذه الأوقات تقع ناقصة ولا تجزئ عن الفرض الكامل.

سجود التلاوة في أوقات النهي

سجود التلاوة من العبادات المشروعة باتفاق الفقهاء، واختلفوا في حكمه في أوقات النهي، فذهب الشافعية والحنابلة في رواية والحنفية في حالة خاصة إلى جوازه بلا كراهة، بينما يرى بعض الحنابلة والمالكية حرمة أدائه إذا وقع وقت النهي، واستدلوا بأن سجدة التلاوة صلاة في معناها، فتأخذ حكم الصلاة في المنع، أما دار الإفتاء المصرية فقد أفتت بجواز سجود التلاوة في أوقات النهي.

الحكمة من النهي عن الصلاة في هذه الأوقات

ذكر العلماء أن الحكمة من النهي عن الصلاة في هذه الأوقات هي مخالفة غير المسلمين الذين كانوا يعبدون الشمس عند طلوعها أو غروبها أو عند استوائها، كما أن وقت الاستواء وقت تُسجر فيه النار كما ورد في بعض الأحاديث، فجاء النهي حماية لعقيدة المسلم من التشبه بأهل الشرك ولتعظيم شأن الصلاة في أوقاتها المشروعة.

الجمع بين النصوص والواقع العملي

من تأمل النصوص الشرعية يجد أن الشريعة لم تمنع الصلاة بشكل مطلق في هذه الأوقات، بل قيدت النهي بالتطوع المطلق، وأباحت قضاء الفوائت والصلاة ذات السبب، وهذا يعكس «مرونة التشريع الإسلامي» وحرصه على عدم تعطيل عبادة المسلم، فالمقصود هو تنظيم أوقات العبادة لا منعها على الإطلاق، وهذا يتوافق مع قول النبي صلى الله عليه وسلم «أقم الصلاة لذكري» الذي يدل على أن ذكر الله لا يتقيد بزمن إذا وُجد سبب شرعي.

الصلاة عبادة عظيمة لها أوقات مشروعة وأوقات يُكره فيها التطوع المطلق، والأحكام المتعلقة بها مبنية على نصوص نبوية وحِكم شرعية تهدف إلى حماية عقيدة المسلم وتنظيم وقته، ومعرفة هذه الأوقات واجبة على المسلم حتى يعبد الله على بصيرة، ومع ذلك فالشريعة أباحت قضاء الفوائت وأداء الصلاة ذات السبب في جميع الأوقات بلا كراهة عند جمهور العلماء، ليظل باب الطاعة مفتوحاً أمام العبد في كل حين.

تم نسخ الرابط