الثلاثاء 07 أكتوبر 2025 الموافق 15 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

احذر الإفراط بالمشاعر.. حقائق عن «القلب السعيد والمكسور»

القلب
القلب

يُعد «القلب» أكثر الأعضاء ارتباطًا بالمشاعر الإنسانية، فهو لا ينبض فقط بالحياة بل أيضًا بالعاطفة، حيث يتأثر «القلب» بكل ما يشعر به الإنسان من حب وفرح وحزن وخوف، ولكن ما قد لا يعرفه كثيرون أن المشاعر القوية سواء الإيجابية أو السلبية يمكن أن تسبب اضطرابات حقيقية في عمل القلب، وهو ما يُعرف بمتلازمتي «القلب السعيد» و«القلب المكسور»، وهما حالتان طبيتان غريبتان تجمعان بين العاطفة والفيزيولوجيا في مشهد يبرز مدى الترابط بين النفس والجسد.

ما هو القلب السعيد وما هو القلب المكسور

متلازمة «القلب السعيد» تصيب الأشخاص الذين يتعرضون لفرح مفاجئ أو انفعال شديد إيجابي، كالفوز بجائزة كبيرة أو لقاء حبيب بعد فراق طويل، إذ يفرز الجسم كمية كبيرة من «الهرمونات» التي تسبب تسارعًا في نبض القلب وارتفاعًا في ضغط الدم مما قد يؤدي إلى ضعف مؤقت في عضلة القلب، أما متلازمة «القلب المكسور» فهي الوجه الآخر للحالة، وتنشأ عند التعرض لحزن أو صدمة عاطفية كبيرة مثل فقدان شخص عزيز أو الانفصال، حيث يؤدي ذلك إلى اضطراب في ضخ الدم وتغير في شكل القلب مؤقتًا يشبه شكل «جرة تاكوتسوبو» اليابانية التي سميت بها الحالة.

كيف تؤثر المشاعر على القلب

العلاقة بين المشاعر و«القلب» ليست مجرد استعارة شعرية بل حقيقة طبية أثبتتها الأبحاث الحديثة، فالجهاز العصبي يستجيب للتغيرات العاطفية عبر إفراز هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول، وهذه المواد تؤثر بشكل مباشر على الأوعية الدموية ونبض القلب، وعندما يتعرض الإنسان لمشاعر قوية جدًا سواء من السعادة أو الحزن فإن «القلب» يدخل في حالة من الضغط المفاجئ مما يضعف قدرته على ضخ الدم بانتظام، وقد يشعر المريض بألم شديد في الصدر يشبه النوبة القلبية على الرغم من أن الشرايين تكون سليمة.

أعراض متلازمتي القلب السعيد والمكسور

الأعراض متشابهة إلى حد كبير بين الحالتين، حيث يشعر المصاب بـ «ضيق في التنفس» و«ألم في الصدر» و«خفقان قوي» في القلب، وقد يصاحبها دوخة أو تعب عام، وفي بعض الأحيان قد تتطور الحالة إلى فقدان مؤقت للوعي، وتُظهر الفحوصات الطبية تغيرًا في شكل عضلة القلب دون وجود انسداد في الشرايين، وهي علامة فارقة تميز متلازمات المشاعر عن النوبات القلبية الحقيقية، لذلك من المهم مراجعة الطبيب فور الشعور بأي ألم في الصدر بعد انفعال عاطفي قوي.

من هم الأكثر عرضة لهذه المتلازمات

تشير الدراسات إلى أن النساء، خاصة بعد سن الخمسين، أكثر عرضة للإصابة بمتلازمتي «القلب السعيد» و«القلب المكسور»، ويُعتقد أن انخفاض مستويات «هرمون الإستروجين» قد يقلل من قدرة القلب على مقاومة التوتر، كما أن الأشخاص الذين يعانون من القلق المزمن أو الاكتئاب أو من تعرضوا لأحداث حياتية مرهقة هم أيضًا ضمن الفئة الأكثر تأثرًا، ومع ذلك فإن هذه الحالات يمكن أن تصيب أي شخص عند التعرض لانفعالات عاطفية قوية سواء فرحًا أو حزنًا.

كيف يمكن تشخيص الحالتين

يتم تشخيص متلازمة «القلب السعيد» أو «القلب المكسور» من خلال فحوصات الدم وتخطيط القلب والأشعة الصوتية التي تكشف ضعفًا مؤقتًا في عضلة القلب، وغالبًا ما تتحسن الحالة خلال أيام أو أسابيع إذا تم علاجها بالشكل الصحيح، كما يقوم الطبيب باستبعاد النوبات القلبية من خلال تحليل إنزيمات القلب، وفي حال التأكد من التشخيص تُستخدم أدوية معينة لتنظيم نبض القلب وتخفيف التوتر العصبي.

العلاج يبدأ من التوازن النفسي

الخطوة الأولى في علاج متلازمات المشاعر تبدأ من تحقيق «التوازن النفسي»، فالعواطف القوية إذا لم تُدار بوعي قد تتحول إلى ضغط جسدي خطير على القلب، لذا يُنصح بممارسة تمارين التنفس العميق والتأمل واليوغا لتقليل التوتر، كما يُعد الدعم الاجتماعي من الأصدقاء والعائلة جزءًا أساسيًا من عملية الشفاء، فالكلمة الطيبة والاحتواء العاطفي يساعدان على تهدئة «القلب» واستعادة توازنه، كما أن النوم الكافي والغذاء المتوازن يلعبان دورًا مهمًا في استقرار الحالة النفسية والجسدية.

الوقاية من اضطرابات القلب الناتجة عن المشاعر

الوقاية من «القلب المكسور» و«القلب السعيد» تعتمد على تجنب الإفراط في الانفعال، فالفرح الشديد مثل الحزن الشديد يمكن أن يكون عبئًا على القلب، لذلك من المهم تعلم «إدارة المشاعر» بطريقة صحية من خلال الوعي الذاتي والسيطرة على ردود الفعل، كما يُنصح بالابتعاد عن المواقف التي تثير التوتر قدر الإمكان وممارسة الرياضة بانتظام لأنها تفرغ الشحنات العاطفية الزائدة وتُقوّي عضلة القلب، كذلك يُفضل مراجعة الطبيب بشكل دوري للتأكد من سلامة القلب ووظائفه خاصة لمن لديهم تاريخ عائلي مع أمراض القلب.

القلب بين الفرح والحزن

«القلب» كائن حساس لا يميز بين المشاعر السعيدة والمؤلمة فهو يتفاعل مع شدتها، وعندما يفيض الشعور يتعب القلب كما يتعب الإنسان، لذلك فإن الاعتدال في العاطفة هو مفتاح الحياة الصحية، فالسعادة المفرطة قد تُرهق القلب كما يرهقه الحزن العميق، والحكمة تكمن في أن نفرح ونحزن بوعي دون أن نسمح للعاطفة بأن تتجاوز قدرتنا الجسدية على الاحتمال.

«القلب» ليس مجرد مضخة للدم بل مرآة لما نشعر به في أعماقنا، فعندما يفرح القلب أو ينكسر فإنه يرسل إشارات جسدية لا يمكن تجاهلها، لذلك فإن فهم متلازمتي «القلب السعيد» و«القلب المكسور» يساعدنا على إدراك أن التوازن بين المشاعر والحياة أمر ضروري للبقاء بصحة جيدة، فلا تفرط في الفرح ولا تستسلم للحزن، بل عش كل إحساس باعتدال واسمح لـ «القلب» بأن يظل نابضًا بالسكينة والحياة.

تم نسخ الرابط