الإفتاء توضح شروط كون الابن محرما لأمه بالحج
الإفتاء أكدت دار «الإفتاء المصرية» من خلال تصريحات أمين الفتوى الدكتور محمود شلبي أن مسألة المحرم في «الحج» ليست مجرد علاقة نسب أو قرابة، بل تخضع لمواصفات شرعية محددة لا يجوز تجاوزها، موضحة أن الابن لا يكون محرمًا لأمه في الحج إلا إذا توافرت فيه أربع صفات أساسية، وهي أن يكون بالغًا، عاقلًا، قادرًا على الحركة، وقادرًا على حماية المرأة من الأذى، وهذه الشروط تعد من الأسس الشرعية التي تستند إليها «الإفتاء» في مثل هذه القضايا التي تمس حياة الناس الدينية، وتوضح ما يلتبس عليهم من أحكام.
الإفتاء ترد على سؤال حول محرمية الابن لأمه
خلال أحد البرامج التلفزيونية تلقى الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء، سؤالًا من أحد السائلين يقول فيه «لو أمي رايحة تحج ينفع أروح معاها كمحرم وأنا عندي 15 سنة»، وهنا جاءت إجابة أمين الفتوى واضحة وحاسمة حيث أوضح أن «المحرَم» له مواصفات شرعية وأخرى تنظيمية يجب أن تجتمع معًا حتى يكون وجوده صحيحًا في رحلة «الحج»، وأكد أن الشريعة لم تكتف بمجرد صفة القرابة، بل اشترطت أن يكون المحرم قادرًا ومسؤولًا ناضجًا حمايةً للمرأة في رحلتها التي تحتاج إلى عناية ورعاية خاصة.
وأضافت «الإفتاء» أن البلوغ من أهم شروط المحرمية لأن الصبي غير البالغ لا يُعتد به شرعًا كمحرم، فالمحرَم في «الحج» يجب أن يكون قد بلغ سن التكليف الشرعي وأن يتمتع بالعقل والرشد والقدرة الجسدية التي تؤهله لتحمل مشقة السفر ومواجهة الطوارئ المحتملة أثناء أداء المناسك، فالحج رحلة طويلة تحتاج إلى وعي وقدرة على التصرف السليم في مختلف المواقف.
الإفتاء توضح الفرق بين الشروط الشرعية والتنظيمية
أشارت «الإفتاء» إلى أن هناك فرقًا بين الشروط الشرعية للمحرَم وبين الشروط الإجرائية والتنظيمية التي تضعها الجهات الرسمية وشركات السياحة، فبينما تعتبر الشروط الشرعية ثابتة لا تتغير لأنها مستندة إلى النصوص الدينية، فإن الشروط التنظيمية قد تختلف بحسب ما تراه الجهات المعنية من اعتبارات أمنية أو إدارية، فقد تشترط بعض الجهات أن يكون سن المحرم 18 أو 21 عامًا، وهذا لا يتعارض مع الفقه بل يأتي في إطار التنظيم، وأكدت «الإفتاء» أن الالتزام بهذه اللوائح واجب لأن الهدف منها حماية الحجاج وضمان سلامتهم أثناء السفر.
وأوضحت دار «الإفتاء» أن الحكم الشرعي ينص على أن البالغ العاقل يُعد محرمًا، ولكن من الناحية الإدارية قد لا يُسمح له بالسفر كمحرم إلا إذا استوفى السن المحددة في قوانين ولوائح «الحج»، لذلك فإن من واجب المسلم أن يلتزم بالضوابط الشرعية والتنظيمية معًا حتى يكتمل أداء العبادة بصورة صحيحة وميسّرة، وهذا ما تؤكد عليه «الإفتاء» دومًا في ردودها لضمان الفهم الصحيح لأحكام الشريعة في ضوء الواقع المعاصر.
دور الإفتاء في توعية الحجاج
تقوم «الإفتاء» بدور مهم في توعية الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة، من خلال الرد على الأسئلة المتكررة التي تصلها عبر وسائل الإعلام وموقعها الرسمي، ومن بين أكثر الأسئلة التي تتلقاها تلك المتعلقة بالمحرمية للنساء، إذ تسعى دار «الإفتاء» إلى بيان الحكم الشرعي بدقة وتوضيح المقاصد من هذه التشريعات، فوجود المحرم للمرأة في السفر هو لحمايتها وضمان راحتها وليس تقييدًا لحريتها كما يظن البعض، لذلك تعمل «الإفتاء» على نشر الفهم الصحيح للأحكام بين الناس حتى لا يقعوا في الالتباس أو الفتوى بغير علم.
وأكدت «الإفتاء» أن الإسلام دين رحمة وتنظيم، فكل حكم فيه قائم على مصلحة حقيقية، مشيرة إلى أن المحرم يجب أن يتحلى بالمسؤولية والقدرة على رعاية المرأة أثناء السفر، وأن الشريعة راعت في ذلك جوانب الأمن والاطمئنان، لذلك شددت «الإفتاء» على ضرورة أن تتوافر في المحرم الصفات الأربع المذكورة وهي البلوغ والعقل والقدرة الجسدية وحماية المرأة من الضرر.
أنواع الإحرام وأحكامها
وفي سياق متصل، تناول مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية موضوع «الإحرام» وأنواعه، موضحًا أن الإحرام ثلاثة أنواع هي الإفراد، والقِران، والتمتع، ولكل منها أحكامه الخاصة، فالإفراد هو أن يحرم الحاج بالحج فقط، ويطوف طواف القدوم ثم يسعى إن شاء قبل الإفاضة أو بعدها، ولا يتحلل من إحرامه إلا بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد، ولا يجب عليه هدي.
أما القِران فهو أن يحرم الحاج بالعمرة والحج معًا، ويطوف طواف القدوم ويسعى للحج أو يؤخر السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة، ولا يتحلل إلا بعد رمي جمرة العقبة، ويجب عليه الهدي، بينما التمتع يكون بإحرام الحاج بالعمرة في أشهر الحج، ثم التحلل منها بعد الطواف والسعي، وبعد ذلك يحرم بالحج يوم التروية ويأتي ببقية المناسك، ويجب عليه الهدي أيضًا.
الإفتاء توضح أهمية الالتزام بالضوابط الشرعية
أعادت «الإفتاء» التأكيد على أن الشريعة الإسلامية تهدف دائمًا إلى التيسير وليس التعسير، وأن وضع ضوابط للمحرَم في «الحج» يأتي حفاظًا على المرأة وضمانًا لأداء المناسك في أمان، مبينة أن من تتوافر فيه الشروط الشرعية يمكنه أن يكون محرمًا شرعًا، إلا أن الجهات التنظيمية لها الحق في تحديد السن الأدنى للسفر مراعاة للأنظمة والتعليمات، وهذا لا يتعارض مع الدين بل يكمّله، لأن المقصد في النهاية هو تحقيق «السلامة» و«الطمأنينة» أثناء أداء الفريضة.
وختمت «الإفتاء» تأكيدها بأن من بلغ سنّ البلوغ الشرعي وتوافرت فيه الصفات الأربع يمكن أن يكون محرمًا لأمه في الحج، أما إذا كان دون ذلك السن فلا يُعتد به محرمًا، داعية المسلمين إلى الحرص على التعلم وسؤال أهل العلم قبل أداء العبادات، لأن «العلم» هو الطريق إلى صحة «العبادة» وإلى رضا الله تعالى.



