الأحد 02 نوفمبر 2025 الموافق 11 جمادى الأولى 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

مقدار السترة في الصلاة وحكم المرور أمام المصلي

الصلاة
الصلاة

الصلاة تعد «الصلاة» عماد الدين وركن الإسلام الأعظم الذي يربط العبد بربه ويمنحه الطمأنينة والسكينة، وقد حرص الإسلام على تعليم المسلم آدابها وحدودها ليؤديها بخشوع تام، ومن بين هذه الآداب التي اهتم بها الشرع الشريف مسألة «السترة في الصلاة» و«مسافة المرور أمام المصلي»، إذ جاءت النصوص الشرعية لتبين مقدارها وحكمها وأثرها في تحقيق الخشوع وحماية المصلي من التشويش أثناء أداء صلاته، وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية هذه المسألة تفصيلًا في فتوى رسمية عبر موقعها الإلكتروني لتوضح المقصود بمقدار السترة وحدود المرور المسموح بها.

معنى السترة وأهميتها في الصلاة

أوضحت دار الإفتاء أن «السترة في الصلاة» هي ما يجعله المصلي أمامه ليمنع المرور بين يديه أثناء الصلاة، وهي من «السنن المؤكدة» لما فيها من حفظ لخشوع القلب ومنع التشويش الذي قد يحدث من المارة، كما أنها تساهم في جمع الفكر وتركيز البصر نحو موضع السجود دون تشتت، فالمقصود منها حماية المصلّي من الانشغال بما حوله واستحضار قلبه في «الصلاة».

وبيّنت دار الإفتاء أن اتخاذ السترة أمر «مستحب شرعًا» وليس فرضًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فقال «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدنُ منها»، وهي بذلك وسيلة لتكميل الخشوع في الصلاة، وليس من الواجبات التي تبطل الصلاة بتركها، لكنها من السنن التي تعزز الخشوع وتحفظ حرمة المصلي.

مقدار السترة في الصلاة

ذكرت دار الإفتاء أن مقدار السترة يتحقق طولًا بذراع أي ما يعادل نحو 46 سنتيمترًا فأكثر، وعرضًا بما يجعلها ظاهرة للناظر حتى يتحقق الغرض منها، مثل عصا أو عمود أو أي شيء ظاهر يوضع أمام المصلي، أما إذا اتخذ المصلي السترة، فإنه يحرم على المار المرور بينه وبينها، ولا يجوز إلا المرور من خلفها، لأن المرور أمام المصلي يقطع عليه خشوعه ويصرف نظره عما يؤديه من عبادة.

وقد نقلت الفتوى آراء الفقهاء في مقدار السترة في الصلاة، حيث ذهب الحنفية إلى أن طولها ذراع وعرضها قدر إصبع، لأن ما دون ذلك لا يكون واضحًا من بعيد، وذهب المالكية إلى أن أقلها في غلظ رمح وطول ذراع، بينما رأى الشافعية أنها تكون في طول ثلثي ذراع فأكثر، دون تحديد للعرض، أما الحنابلة فقالوا إنها تكون بطول ذراع أو أكثر دون اشتراط للعرض أيضًا، وكل هذه الأقوال تشير إلى أهمية أن تكون السترة مرئية واضحة أمام المصلي.

حكم المرور أمام المصلي

أكدت دار الإفتاء أن الشرع الشريف نهى عن المرور أمام المصلي لما فيه من تشويش عليه وقطع لخشوعه، واستدلت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه»، مما يدل على عظم الإثم الذي يقع على من يمر أمام المصلي، فذلك ينافي تعظيم شأن الصلاة واحترامها.

أما إذا لم يكن للمصلي سترة، فإن مقدار المانع من المرور يكون بمسافة ما يشغله المصلي في أدائه للصلاة، أي من موضع قدميه إلى موضع سجوده، لأن هذه المسافة هي حريم المصلي الذي لا يجوز للمارة التعدي عليه، أما ما بعد هذه المسافة فيجوز المرور فيه دون حرج، لأن الغرض من المنع هو صيانة خشوع المصلي فقط.

أقوال الفقهاء في مسافة المرور

ذكرت دار الإفتاء أن جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية ذهبوا إلى أن المسافة التي يكره المرور فيها أمام المصلي دون سترة هي بمقدار ما يحتاجه لأداء أركان صلاته، أي ما بين قدميه وموضع سجوده، لأن المرور داخل هذا النطاق يؤدي إلى التشويش وفقدان الخشوع، أما الحنابلة فذهبوا إلى أن هذه المسافة تعادل ثلاثة أذرع من موضع قدمي المصلي، فإذا تجاوزها المار فلا حرج عليه، لأن المقصد الشرعي يتحقق بعدم تشويش المصلي أو إفساد خضوعه في الصلاة.

الحكمة من مشروعية السترة

بيّنت الفتوى أن الهدف من تشريع السترة في الصلاة هو تحقيق «الخشوع الكامل» وحضور القلب، فهي تقي المصلي من النظر إلى ما حوله وتحفظ تركيزه، كما تمنع الناس من المرور أمامه فيشعر بالأمان أثناء أداء الركوع والسجود، لذلك قال العلماء إن في اتخاذ السترة «جمعًا للخيال وربطًا للبصر»، أي إن الإنسان يربط فكره بما أمامه فلا يتشتت، وهذا من مقاصد الشريعة في تربية القلب على الطاعة والسكينة.

التطبيق العملي في المساجد

وأشارت دار الإفتاء إلى أن المسلم عند دخوله المسجد لأداء الصلاة منفردًا يُستحب له أن يضع أمامه شيئًا يصلح كسترة مثل جدار صغير أو عمود أو حقيبة، أما في صلاة الجماعة فإن إمام الصف الأول يكون سترة لبقية الصفوف، ولا يلزم لكل مصلٍ أن يضع سترة مستقلة، لأن السترة العامة في هذه الحالة كافية لجميع المصلين خلف الإمام، كما أوصت الفتوى المصلين بعدم المرور بين الصفوف أثناء إقامة الصلاة احترامًا للمكان والعبادة.

المعنى الروحي للسترة في الصلاة

إن «السترة في الصلاة» ليست مجرد حاجز مادي فحسب، بل تحمل معنى روحيًا عميقًا، فهي تذكير للمصلي بأنه في حضرة الله تعالى، وأن عليه أن يصرف كل فكره وقلبه إليه وحده، فكما تحمي السترة بصره من الانشغال بالدنيا، فإنها تحمي قلبه من التشتت، ولهذا جاءت في السنة النبوية باعتبارها وسيلة لحفظ الخشوع والسكينة أثناء الصلاة.

خلصت دار الإفتاء المصرية إلى أن اتخاذ السترة في الصلاة من السنن التي حث عليها النبي الكريم، وأنها تتحقق بطول ذراع فأكثر وعرض واضح، وأن المرور بين المصلي وسترته محرم لما فيه من إفساد للخشوع، أما إذا لم تكن له سترة فإن الممنوع من المرور هو ما يشغله المصلي في أدائه للصلاة من موضع قدميه إلى موضع سجوده، وما بعد ذلك فلا حرج فيه، مؤكدة أن المقصد من كل ذلك هو تحقيق الخشوع الكامل في «الصلاة» وصيانة هذا الركن العظيم من أي تشويش أو انشغال.

تم نسخ الرابط