حكم نسيان ركعة في الصلاة.. أمين الإفتاء يوضح
الصلاة هي الركن الأعظم بعد الشهادتين وهي عمود الدين الذي لا يقوم الإيمان إلا به لذلك كان السؤال عن أحكام «الصلاة» من أكثر الأسئلة ارتباطًا بحياة المسلمين اليومية، وقد تلقى الدكتور علي فخر أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية سؤالًا من طفلة صغيرة تسأل عن حكم نسيان ركعة في الصلاة قائلة إنها أنهت الصلاة ثم تذكرت أنها نسيت ركعة وتتساءل ماذا تفعل هل تصلي الصلاة كاملة من جديد أم تكتفي بركعة واحدة، وقد أشاد أمين الفتوى بهذا السؤال واعتبره دلالة على وعي مبكر وثمين لدى الأطفال الذين يحرصون على معرفة أحكام «الصلاة» بدقة ويهتمون بأدائها على الوجه الصحيح مما يعكس بيئة تربوية دينية سليمة تساعد على غرس قيمة «الصلاة» في نفوس الصغار منذ نعومة أظفارهم.
أهمية سؤال نسيان الركعة في الصلاة
أوضح أمين الفتوى أن سؤال الطفلة يدل على اهتمامها بأداء «الصلاة» على أكمل وجه، فالمسلم قد ينسى أو يسهو أثناء العبادة وهذا أمر وارد وطبيعي لأن السهو من طبيعة البشر، ولذلك جاءت الشريعة ببيان الأحكام التفصيلية التي تعالج كل حالة وتسهل على المسلم إتمام عبادته دون قلق، وقد أكد الدكتور علي فخر أن مثل هذه الأسئلة تظهر حرص الجيل الصغير على تعلم الدين وتطبيقه وليس مجرد أداء شكلي للصلاة، بل أداء قائم على فهم الأحكام وتدبرها مما يجعل «الصلاة» أكثر حضورًا في القلب وأقرب إلى الإخلاص.
الحكم الشرعي إذا تذكّر المصلّي مباشرة بعد السلام
قال أمين الفتوى إنه إذا تذكّر المصلّي بعد السلام مباشرة أنه نسي ركعة من «الصلاة» كأن ينتهي من صلاة العشاء ويسلّم ثم ينتبه أنه صلى ثلاث ركعات فقط، فإن الحكم هنا واضح، حيث يجب على المصلّي أن يقوم فورًا ليصلي ركعة واحدة كاملة، فيقرأ فيها ويركع ويسجد ثم يسجد للسهو في نهاية الركعة لأن المصلي في هذه الحالة أنهى الصلاة لكن وقت الاتصال بها ما زال قريبًا ويمكن تدارك النقص بسهولة، وهذا الحكم من رحمة الشريعة التي تسّرت على الناس وجعلت إصلاح النقص في «الصلاة» ممكنًا طالما لم يطل الفاصل بعدها.
الحكم إذا طال الوقت بعد الصلاة قبل التذكّر
أما إذا طال الوقت بعد «الصلاة» كما يحدث عندما ينشغل المصلّي بالأكل أو الجلوس مع الناس أو القيام إلى عمل معين ثم يتذكر بعد مدة ليست قصيرة أنه نسي ركعة من ركعات «الصلاة»، فإن الحكم هنا يختلف لأن وقت الاتصال بالصلاة يكون قد انقطع، وبذلك تصبح «الصلاة» غير مكتملة ولا يمكن تداركها بمجرد إضافة ركعة واحدة، ولذلك يجب على المصلّي أن يعيد الصلاة كاملة من أولها، وهذا الحكم منضبط عند الفقهاء لأن اتصال العمل بالعمل شرط لتكميل العبادة الناقصة، فإذا طال الفصل وجب الإعادة كاملة.
سجود السهو عند الأئمة الأربعة
بيّن أمين الفتوى أن سجود السهو باب فقهي واسع اهتم به العلماء بدقة لأنه يتعلق بجبر النقص في الصلاة، وقد اختلفت المذاهب الأربعة في مواضع سجود السهو وتوقيته كما يلي:
رأى الإمام أبو حنيفة أن سجود السهو يكون بعد السلام مطلقًا في حالات الزيادة أو النقصان، واشترط النية لأنه يعد عبادة مستقلة تكمّل «الصلاة»
ورأى الإمام مالك أن السجود يكون قبل السلام إذا كان السهو بسبب نقص، ويكون بعد السلام إذا كان السهو بسبب زيادة، أما النية فلا حاجة لها إذا كان السجود قبل السلام بينما تحتاج النية إذا وقع السجود بعد السلام لأنه خرج عن «الصلاة»
أما الإمام الشافعي فقد رأى أن الأفضل أن يكون سجود السهو قبل السلام مهما كان سببه زيادة أو نقصان مع اشتراط النية لكل من الإمام والمنفرد، بينما لا يحتاج المأموم إلى نية خاصة لأنه يتبع إمامه
ورأى الحنابلة أن سجود السهو يكون قبل السلام في جميع الحالات إلا حالتين اثنتين وهما نقص ركعة أو أكثر، أو الشك مع غلبة الظن، ففيهما يكون السجود بعد السلام كما ورد في النصوص النبوية
تفصيل الحكمة من مشروعية سجود السهو
أكد أمين الفتوى أن السهو لا يعد دليلًا على الإعراض في «الصلاة» بل هو أمر طبيعي يقع من جميع البشر لأنه من طبيعة النفس البشرية، بل حتى النبي صلى الله عليه وسلم سها في الصلاة، ولذلك شرع سجود السهو رحمة بالناس وتيسيرًا عليهم ليتمكنوا من جبر الخلل في عبادتهم بسهولة وبلا تعقيد، وقد صارت هذه الأحكام بابًا مهمًا لطمأنة المصلّين بأن عبادتهم لا تبطل بمجرد السهو بل لها علاج يضمن صحتها وكمالها.
متى يكون السجود قبل السلام ومتى يكون بعده
أجمع العلماء على مشروعية السجود قبل السلام وبعده، والراجح أن ما سجده النبي ﷺ قبل السلام فهو صواب لحكمة معينة، وما سجده بعد السلام فهو صواب أيضًا لحكمة، وهناك تفريق واضح عند العلماء، فإذا غلب الظن في حالة الشك فإن السجود يكون بعد السلام، أما إذا لم يغلب الظن ولم يتبيّن الراجح فإن السجود يكون قبل السلام، وهو ما يعكس دقة الشريعة في تنظيم أحكام «الصلاة».
خلاصة ما يتعلق بحكم نسيان ركعة في الصلاة
يتضح من شرح أمين الفتوى أن حكم نسيان ركعة في «الصلاة» يعتمد على وقت التذكّر، فإذا كان التذكّر مباشرًا أعاد المصلي ركعة واحدة وسجد للسهو، وإذا طال الوقت أعاد «الصلاة» كاملة، كما يتبين أن سجود السهو من الأحكام التي تراعي الرحمة بالناس وتمنحهم طريقة صحيحة لإتمام الصلاة دون قلق، وتؤكد هذه التفاصيل حرص الشريعة على حفظ عبادة «الصلاة» وإصلاح أي خلل قد يقع فيها بسبب السهو أو النسيان.
