كيفية الرقية الشرعية على الماء بالطريقة الصحيحة

تعد «الرقية الشرعية» من أعظم ما يتقرب به المسلم إلى الله طلبًا للشفاء والحفظ من «الحسد» و«العين» و«السحر» وسائر الأذى الروحي والنفسي، فهي عبادة قائمة على «القرآن الكريم» و«السنة النبوية» ويجتمع فيها حسن التوكل مع صدق اليقين، وقد دلّت التجربة العملية عند كثير من الناس على الأثر الكبير لـ«الرقية الشرعية» عند المداومة عليها بالطريقة الصحيحة بعيدًا عن المبالغات أو الممارسات الخاطئة، ولهذا يحرص العلماء على بيان الكيفية الصحيحة حتى يتمكن المسلم من رقية نفسه وأهله بثبات واطمئنان.

معنى الرقية الشرعية وأهميتها في حياة المسلم

الرقية الشرعية هي آيات من كتاب الله وأدعية ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تقرأ بنية الشفاء والاستعاذة بالله من كل سوء، وهي ليست طقسًا غامضًا ولا وسيلة سحرية كما يظن البعض، بل هي عبادة خالصة تعزز الصلة بالله وتذكر المسلم بأن الشفاء بيد الله وحده، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه ويرقي أهله وأصحابه، مما يؤكد أن «الرقية الشرعية» منهج نبوي أصيل لحماية النفس والبدن.

الرقية الشرعية على الماء كما ورد عن العلماء

في هذا الإطار أوضح الدكتور أسامة قابيل أحد علماء الأزهر الشريف أن «الرقية الشرعية» على الماء من الأمور الجائزة والمأثورة، حيث يمكن للمسلم قراءة آيات محددة على كوب من الماء الصافي صباحًا على الريق أو قبل النوم، وهي تلاوات يسيرة لا تستغرق سوى دقائق قليلة لكنها عظيمة الأثر عند صدق النية، وأكد أن الماء بعد القراءة يصبح سببًا للشفاء بإذن الله وليس له سر خفي بل هو قائم على «الذكر» و«الدعاء».

الآيات والأدعية المقرؤة في الرقية الشرعية على الماء

تشمل «الرقية الشرعية» على الماء قراءة سورة الفاتحة لما لها من مكانة عظيمة في الشفاء، ثم آية الكرسي لما تحمله من حفظ وأمان، إضافة إلى آيات تتعلق بالحسد مثل قوله تعالى «أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله»، كما تقرأ الأدعية النبوية المأثورة مثل «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم»، ويختم ذلك بقراءة «المعوذتين» لما فيهما من استعاذة شاملة.

كيفية استخدام الماء بعد الرقية الشرعية

أوضح العلماء أن الأصل في الماء المقروء عليه بـ«الرقية الشرعية» هو الشرب، ويجوز تقسيمه إلى ثلاث جرعات أو أكثر حسب الحاجة، كما يمكن استخدامه في الاغتسال خارج الحمام عند الشعور بتعب شديد أو كثرة العيون، مؤكدين أن هذا الفعل لا يخالف الأدب الشرعي، بل يدخل ضمن الأسباب المباحة التي يتقوى بها اليقين ويطمئن بها القلب.

القرآن شفاء واليقين أساس الرقية الشرعية

يشدد أهل العلم على أن «القرآن شفاء» كما أخبر الله تعالى، وأن أعظم ركن في «الرقية الشرعية» هو اليقين الكامل بأن الشفاء من عند الله، فليست العبرة بكثرة القراءة فقط بل بحضور القلب والخشوع، وكلما زاد صدق العبد في لجوئه إلى الله كان أثر «الرقية الشرعية» أعظم وأسرع بإذن الله.

أدعية نبوية للشفاء والوقاية من الحسد

وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية كثيرة تدخل ضمن «الرقية الشرعية» للشفاء والوقاية، فقد كان يعوذ أهله ويمسح بيده اليمنى ويقول «اللهم رب الناس أذهب الباس اشفه»، كما قال صلى الله عليه وسلم «أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة»، وفي حديث عثمان بن أبي العاص أمره النبي أن يضع يده على موضع الألم ويقول «بسم الله» ثلاثًا ثم «أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» سبع مرات.

حكم العلاج من الحسد بالرقية الشرعية

أكد الشيخ مصطفى شلبي الأزهري أن العلاج بـ«الرقية الشرعية» ثابت في السنة النبوية وصحيح البخاري، وأن القول بأنها مجرد طقس تعبدي دون كونه سببًا للعلاج قول غير دقيق، موضحًا أن السنة نقلت بالتواتر كما نقل القرآن، ولا يجوز التشكيك فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالرقية الشرعية عبادة وعلاج في آن واحد.

دعاء الشعراوي وفهم صحيح لفك السحر

من الأدعية المشهورة في هذا الباب ما ذكره الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله في دعاء فك السحر، حيث بيّن أن الضر لا يقع إلا بإذن الله مستشهدًا بقوله تعالى «وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله»، مؤكدًا أن الاعتماد على الله والبعد عن الدجالين هو الطريق الصحيح، وأن «الرقية الشرعية» تغني المسلم عن التعلق بغير الله.

مشروعية الرقية الشرعية وأثرها في الطمأنينة

تثبت مشروعية «الرقية الشرعية» بنصوص كثيرة منها قول النبي «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك»، وقوله «أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي»، كما وردت أدعية جامعة مثل «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق»، وكلها تؤكد أن الرقية باب من أبواب الرحمة والسكينة والطمأنينة.

تظل «الرقية الشرعية» وسيلة إيمانية عظيمة تجمع بين العبادة والعلاج، وهي دعوة صادقة للرجوع إلى الله والاعتماد عليه في كل حال، ومع الالتزام بالمنهج النبوي الصحيح تصبح الرقية مصدر أمان وشفاء وراحة للقلب قبل الجسد.