نوبة الهلع.. أسباب خفقان القلب وضيق التنفس المفاجئ
تعد «نوبة الهلع» من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا في العصر الحديث، حيث يعاني منها عدد كبير من الأشخاص دون إدراك حقيقي لطبيعتها، وتظهر نوبة الهلع بشكل مفاجئ ومربك، مصحوبة بأعراض جسدية قوية تجعل المصاب يعتقد أنه يمر بخطر حقيقي أو أزمة صحية حادة، رغم أن الفحوص الطبية غالبًا ما تكون سليمة، وتكمن خطورة نوبة الهلع في تأثيرها النفسي وليس العضوي، إذ تزرع الخوف من تكرارها وتدفع الإنسان إلى القلق الدائم والترقب المستمر.
ما هي نوبة الهلع وكيف تبدأ
نوبة الهلع هي حالة من «الخوف الشديد المفاجئ» تصل إلى ذروتها خلال دقائق، دون وجود سبب خارجي واضح، وتبدأ نوبة الهلع عادة بإحساس داخلي غير مريح، ثم تتصاعد الأعراض بسرعة، ويشعر الإنسان بفقدان السيطرة على جسده وأفكاره، وقد تأتي نوبة الهلع أثناء الراحة أو النوم أو حتى في أوقات السعادة، مما يزيد من حيرة المصاب ويجعله غير قادر على التنبؤ بموعد حدوثها.
أسباب نوبة الهلع النفسية والعصبية
ترتبط نوبة الهلع بعدة عوامل نفسية وعصبية، من أبرزها «التوتر المزمن» و«الضغط النفسي المكبوت» والتعرض لصدمات سابقة لم يتم التعامل معها بشكل صحي، كما تلعب كيمياء الدماغ دورًا مهمًا، حيث يؤدي اضطراب بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين إلى زيادة قابلية الإصابة بنوبة الهلع، ويضاف إلى ذلك العامل الوراثي، إذ تزداد احتمالية الإصابة بنوبة الهلع لدى من لديهم تاريخ عائلي مع اضطرابات القلق.
لماذا يحدث خفقان القلب في نوبة الهلع
يعد خفقان القلب من أكثر أعراض نوبة الهلع إثارة للخوف، حيث يشعر المصاب بتسارع شديد في ضربات القلب، وكأن القلب على وشك التوقف أو الانفجار، ويحدث ذلك بسبب تنشيط الجهاز العصبي السمبثاوي، الذي يفرز هرمون «الأدرينالين» كرد فعل خاطئ للجسم، فيتعامل مع الموقف وكأنه خطر حقيقي، رغم عدم وجود تهديد فعلي، ويؤدي هذا التسارع إلى زيادة القلق مما يفاقم نوبة الهلع بشكل أكبر.
ضيق التنفس والشعور بالاختناق المفاجئ
يظهر ضيق التنفس كعرض شائع في نوبة الهلع، ويشعر المصاب بعدم القدرة على أخذ نفس كافٍ، أو الإحساس بالاختناق، ويعود ذلك إلى اضطراب نمط التنفس وتسارعه بشكل غير واعٍ، مما يخل بتوازن الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الجسم، ويزيد هذا الإحساس من الخوف الداخلي، فيدخل المصاب في حلقة مفرغة بين «الخوف وضيق التنفس» تجعل نوبة الهلع أكثر حدة.
أعراض أخرى مصاحبة لنوبة الهلع
لا تقتصر نوبة الهلع على خفقان القلب وضيق التنفس فقط، بل قد تشمل أعراضًا أخرى مثل «الدوخة» و«التعرق الشديد» و«الارتجاف» و«تنميل الأطراف» والشعور بعدم الواقعية أو الانفصال عن الذات، وقد يصل الأمر إلى الخوف من الموت أو الجنون، وهذه الأعراض رغم شدتها إلا أنها غير خطيرة طبيًا، لكنها مرهقة نفسيًا وتحتاج إلى فهم واحتواء.
الفرق بين نوبة الهلع والأمراض العضوية
يخلط الكثيرون بين نوبة الهلع وأمراض القلب أو الجهاز التنفسي، إلا أن الفرق الجوهري يكمن في أن نوبة الهلع لا تترك آثارًا عضوية دائمة، وتختفي أعراضها تدريجيًا دون تدخل طبي طارئ، بينما تستمر الأعراض العضوية أو تزداد سوءًا، ولهذا يؤكد الأطباء على أهمية استبعاد الأسباب العضوية أولًا، ثم التعامل مع نوبة الهلع كحالة نفسية قابلة للعلاج.
كيف يتعامل الإنسان مع نوبة الهلع عند حدوثها
عند التعرض لنوبة الهلع ينصح بالتركيز على «التنفس العميق البطيء» ومحاولة تهدئة الأفكار، والتذكير الذاتي بأن ما يحدث هو نوبة الهلع مؤقتة وغير خطيرة، كما يساعد الجلوس في مكان هادئ وإرخاء العضلات على تقليل حدة الأعراض، ويعد الوعي بطبيعة نوبة الهلع أحد أهم مفاتيح السيطرة عليها.
العلاج والوقاية من تكرار نوبة الهلع
يعتمد علاج نوبة الهلع على العلاج النفسي خاصة «العلاج السلوكي المعرفي» الذي يساعد على تصحيح الأفكار المخيفة، وفي بعض الحالات قد يوصي الطبيب بأدوية منظمة للقلق، كما تلعب ممارسة الرياضة والنوم الجيد وتقليل المنبهات دورًا مهمًا في الوقاية من تكرار نوبة الهلع، ويؤكد المختصون أن الالتزام بالعلاج يحقق نتائج إيجابية طويلة المدى.



