سيرجي لافروف نسعى لتوسيع عضوية مجلس الأمن ونبيل أبوالياسين أين كنتم قبل؟
كتب-محمد جودة
نستشهد ويستشهد الكثير بقلق متزايد بشأن قيمة حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حيث أدىّ إستخدامه من قبل الولايات المتحدة لمزيد من القتل ضد الشعب الفلسطيني والتحيز المطلق لـ"إسرائيل"، فضلاًعن؛ إستخدامه روسيا خلال الحروب في أوكرانيا حالياً ومن قبل في سوريا إلى شل حركة جسم مجلس الآمن إلى حد كبير، ونقل بعض السلطة الأخلاقية إلى الجمعية العامة، لذا؛ يجب توسيع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لأن الجنوب العالمي الآن يستحق صوتاً أقوىّ على طاولة القمة والمراجعة اللازمة لحق النقض من خمسة أعضاء دائمين فقط.
فقد أصبحت الدول الفقيرة في العالم، وغيرها الدول وخاصةً شعوبها تشعر بأن صوتها لم يُسمع حتى في القضايا التي تهمها بشكل مباشر، وهذا ما أكدة مراراً وتكراراً زعماء الجنوب العالمي، في رسائل موجهة لمجلس الآمن بعد ما شعروا أن الدول الغنية كانت تُكدس السلطة وتتجاهل مسؤولياتهم، ونرى أن القوة تنتقل إلى أمريكا اللاتينية، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ ، وأن البلدان في هذه المناطق هي التي ستقرر ما إذا كان النظام العالمي الحالي سيستمر أم لا، وأنه بدون إصلاح إستراتيجي جريئ، فهناك خطر حقيقي من أن الجنوب العالمي سوف يبتعد عن نظام التجارة العالمي.
وما يثير الدهشة هو عندما يتحدث بعض ممثلين دول أعضاء مجلس الآمن مراراً وتكراراً أنهم يشعرون مرة أخرىّ بأن النظام متعدد الأطراف يتحدث كثيراً عن القضايا التي تشغل القلوب، والعقول من المنطقة الأوروبية الأطلسية وبدرجة أقل عن المحيطين الهندي والهادئ وأمريكا اللاتينية أو أفريقيا بشكل خاص، وأن أفضل طريقة للتأكد؛ من أن الإدراك قد تغير والتحدي الذي حددوه هو التأكد؛ من أن لديهم صوتًا قوياً دائماً في أعلى الطاولة، وأن النظام الحالي لا يمكن الدفاع عنه حيث تحول مركز الثقل الإقتصادي إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وإرتفعت حصة إفريقيا من سكان العالم من 19% إلى ما يقرب من 38%، لذلك؛ يجب أن يُسمع صوت البلدان الأشد فقراً وضعفاً بقوة في النظام متعدد الأطراف لأنه ومنذ هيمنة دول "الفيتو" على مجلس الآمن أصبح لا يُسمع صوت الفقراء، حتى في الأمور التي تهمهم بشكل مباشر.
ومن هنا أطالب في مقالي تمثيلاً أفريقياً وعربياً أكثر دائماً في مجموعة العشرين، وتمديد عضوية مجلس الأمن إلى الدول الـ”4” الهند والبرازيل وألمانيا واليابان، فضلاًعن؛ وضع مقترحات في سياق أوسع لتشمل التغييرات في منظمة التجارة العالمية لتعكس التجارة الرقمية، للمؤسسات المالية لإطلاق العنان لتمويل المناخ، والضرائب الدولية لزيادة قاعدة موارد البلدان الفقيرة، مع الأخذ في الإعتبار إنه سيواجه التدخل الذكي تحدياً في المصداقية حيث إستمرت الدعوات لتوسيع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بلا هوادة تقريباً منذ التوسيع الأخير والوحيد في عام 1965، ومنذ عام 2000، اشتكى بعض الدول من أعضاء المجلس، من أن المجلس لم يعد بإمكانه أن يعكس فقط المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، وإقترح هؤلاء أن "5” آخرين ألمانيا واليابان ودولة من كل من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية يجب أن يكونوا أعضاء دائمين في المجلس، وقد شاهدنا في وقت سابق جهود الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك" كوفي عنان" للإصلاح في عام 2004 من خلال لجنة من الخبراء لم تتمكن من التوصل إلى إجماع.
وألفت: في مقالي إلى "الصين" التي تعُد واحدة من أكثر الدول معارضة للتغييرات في مجلس الأمن، خوفاً من أن تصبح اليابان والهند، خصومها الرئيسيان في آسيا، كعضوين دائمين وبالتالي إنهاء وضع الصين المتميز، ولهذا لقد تبنى الإتحاد الإفريقي موقفاً مشتركاً يُعرف بأسم إجماع إزولويني، لكن أعضائه ما زالوا غير قادرين على الإتفاق على أي دولتين في إفريقيا يجب أن تكونا عضوين دائمين في مجلس الأمن حتى الآن، ونرىّ أنه من المحتمل أن تكون "تركيا" الدولة الرائدة في المطالبة بالتغييرات، بإستخدام شعار العالم أكبر من خمس دول.
كما ألفت؛ إلى الغزو الروسي الوحشي لأوكرانيا، وجرائم الحرب التي تتم تحت مسمى عملية عسكرية غير مبرر والضحية الآولىّ في الشعب الأوكراني، وسبقهم الشعب السوري الذي إستخدم معه نفس الهجوم الوحشي، وهو هجوم محسوب على ميثاق الأمم المتحدة، وعلى المبادئ المركزية لنظام دولي تم تصميمه وتأسيسة قبل كل شيئ، لوضع حد لجميع المحاولات في الفتح والضم، فضلاً عن؛ الإنتهاكات الإسرائيلية المتكررة والمستمرة ضد الشعب الفلسطيني، والتي ترقىّ جميعها لجرائم حرب وتتم بحماية ما أسماه"فيتو الدم" والإنحياز الأمريكي المطلق لإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني.
وهذا ما دفع حكومة"بنيامين نتنياهو" اليمينية المتطرفة منذ توليها السلطة من ستة أشهر والتي مستمرة في إرتكابها لجرائم الحرب ضد الفلسطينيين يومياً، ولا سيما؛ ما قدمت أو وافقت على تصاريح "13000"، وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية، وهذا يعُد أعلىّ رقم مسجل منذ عام 2012، رغم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية قالوا: جميعاً في وقت سابق إن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تنتهك إتفاقية جنيف الرابعة، وصنفت المحكمة الجنائية الدولية في عام 1998 عمليات النقل هذه على أنها جرائم حرب، في ظل كل هذا نرىّ عجز كلي للمحكمة الجنائية الدولية على مقاضاة جرائم الحرب هذه، ومازال مجلس الآمن حتى يومنا هذا يكتفي بالشجب والإستنكارات والتنديدات الواهية.
ويشاهد العالم بأسرة ما تقوم به إسرائيل من تحدي واضح للقانون الدولي ولمجلس الآمن ولكافة المواثيق والأعراف الدولية، وموافقتها على الآلاف من المستوطنات الجديدة في الأراضي المحتلة، وهذا كان عنوناً: رئيساً لوسائل الإعلام الإسرائيلية منذ عدة أيام حيثُ: قالت في تفاصيلة، إن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة وافقت في ساعة متأخرة من مساء"الإثنين"26 يونيو على خطط لبناء أكثر من 5000 منزل جديد في مستوطنات إسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، في خطوة هددت بتفاقم العلاقات المتوترة بشكل متزايد مع الولايات المتحدة!، وتحدىّ هذا القرار كافة الإنتقادات المتزايدة، وكان أبرزها ظاهرياً الإنتقادات الأمريكية لسياسات الاستيطان الإسرائيلية، ولكن في الخفاء غير ذلك، لأننا نرىّ أنه رغم الإنتقادات الأمريكية لم تتخذ الولايات المتحدة ثمة إجراءات تذكر ضد إسرائيل في مؤشر على استيائه، رغم أن إقدام سلطات الإحتلال على هذة الخطوة، زاد التوتر مع الفلسطينيين في وقت تصاعدت فيه أعمال العنف في الأراضي المحتلة.
وهنا أتساءل: هل محاولة إقناع ولي العهد السعودي "محمد ين سلمان" بالإعتراف بإسرائيل يستحق حقاً تجاهل ولي العهد القضية الفلسطينية؟، وجرائم الحرب المتسمرة ضد الشعب الفلسطيني، وأخرها بناء المستوطنات الغير شرعي الذي يُشكل عقبة أمام السلام، فضلاًعن؛ أنه يطُيح بكل مساعي الفلسطينيون إلى إقامة دولتهم في المستقبل، ونتوقع ويتوقع الجميع بأن نهج سياسة المملكة العربية السعودية التي نشاهدة في الأيام القليلة الماضية، لا تتجاهل القضية الفلسطينية، ولا تتجاهل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولتة فلسطين وعاصمتها الأبدية القدس .
وعلى صعيد متصل، أشير في مقالي إلى ما قالة؛ وزير الخارجية الروسي" سيرجي لافروف "في مؤتمر صحفي يوم الجمعه الماضي، إن بلاده "دائماً ما تخرج أكثر قوة وصموداً بعد مواجهة أي صعوبات، وذلك رداً على سؤال عن إستقرار روسيا في أعقاب إحباط تمرد مجموعة "فاجنر" العسكرية الخاصة الذي دام 24 ساعة الأسبوع الماضي، وأضاف "لافروف" أن رد فعل العديد من المسؤولين الغربيين على التمرد الذي انتهى السبت أظهر بشكل غير مباشر أن نفس المسؤولين في حالة حرب مع موسكو، ودعا: وزير الخارجية الروسي إلى زيادة عدد الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بما يمنح المزيد من التمثيل لدول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، بهدف كسر ما سماه "الهيمنة الغربية على العالم"، وأضاف: أن الدول الغربية تسعىّ لمنع روسيا من إنشاء عالم متعدد الأقطاب، مشدداً على أن "غالبية دول العالم لا تريد العيش وفقاً للقواعد الغربية.
وأصبحت نقاشات توسيع مجلس الأمن الدولي توحي بإنقسام في المجتمع الدولي، فالدول دائمة العضوية منقسمة بين معارض"كـ" الولايات المتحدة والصين ومؤيد "كـ"فرنسا وبريطانيا، فهل ينجح الوسطاء في تقريب وجهات النظر في جلسات النقاش القادمة؟ في هذا الجو الذي تسوده خلافات عميقة في الرأي، وإنطلقت أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة منذُ عدة أيام قليلة لمناقشة المبادرات المطروحة لتوسيع مجلس الأمن الدولي، الهيئة التي تعُد الأهم والأكثر نفوذاً في هيئات الأمم المتحدة، وعلى بساط هذا البحث هناك ثلاث مبادرات مختلفة تماماً، الأمر الذي يشير إلى حجم التباينات السائدة بين أعضاء المجتمع الدولي حول مسألة إصلاح المنظمة الدولية.
كما أشير : إلى مقالي الصحفي في 27 فبراير 2023 والذي حمل عنوان «مجلس الآمن بين التحديات الراهنة وتحقيق العدالة لجميع الضحايا» وللبيان الصحفي في 28 أغسطس 2022 بعنوان «نبيل أبوالياسين: يهاجم مجلس الآمن الدولي لانرىّ غير «صدى دعوات» تُرددها أعضاءُة»، وقلت في الآخير إن مجلس الأمن الدولي أصبح عديم الفائدة "لاَنَفْعَ مِنْهُ"، وخذل شعوب العالم، والعالم الآن على حافة كارثة نووية حقيقية، وما نرىّ إلا يُردد أعضاء المجلس المزعوم صدىّ دعوات لا تغني ولا تثمن من جوع.
وختاماً: نرىّ الترخي أو محاولة عرقلة التغيير في مجلس الآمن الدولي من بعض الدول وإقتصارها على خمس دول يتحكمون في العالم يقوض الديمقراطية في العلاقات الدولية ويساهم بشكل كبيير لسعىّ بعض دول "الفيتو" لإستخدام الأمانة العامة للمنظمات الدولية لتطبيق القرارات لمصلحة دول بعينها على حساب دول وشعوب أخرىّ، فضلاًعن؛ تلكُما الدول تعمل على تغيير الرأي العام ضد الدول التي لا تستمع أو تنفذ مطالبها أو مطالب، لذا؛ من الضروري جداً الآن تطبيق ميثاق الأمم المتحدة، ليس من قبل الدول فقط، بل أيضاً من قبل الأمانة العامة التي يجب أن تعمل من دون أي انحياز لاي طرف على حساب طرف آخر.
فالشعوب أصبحت تشاهد المذابح والإنتهاكات المتكررة التي ترقىّ إلى جرائم الحرب تتم هنا وهناك، والمجتمع الدولي عاجز كلياً عن فعل أي شيئ تجاة هذا، بما فيها الأمم المتحدة، ويرون الدول التي تتدعي أنها «عظمىّ»، وعضو دائم في مجلس الآمن الدولي هي أول من تنتهك القانون الدولي، وتستخدم حق الفيتو لمزيد من القتل كما نشاهد يومياً في فلسطين، وغيرها من الدول.
ولهذا: يتساءل الكثير من شعوب العالم إذ لم يكن جميع شعوب العالم لماذا أصبحت الأمم المتحدة عاجزه لهذا الحد؟ ومن المفترض أن تكون قرارات الأمم المتحدة، والجمعية العامة ومجلس الأمن التابعين لها ملزمة، ولكن يرون، أنهما أصبحوا عنواناً للضعف والفشل، وعاجزين عن حماية الدول والشعوب المستضعفة في الأرض، ولا يرون أي بوادر إستجابة لقرارات الأمم المتحدة على أرض الواقع حتى الآن، فالحرب الروسية على أوكرانيا مستمرة والإنتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني يومياً، وفي تزايد مستمر، والناس ماتت تحت الأنقاض دون أن يجدوا من ينقذهم.
لذا: مهم جداً الآن النظر في الأيديولوجيات السياسية الحالية لمجلس الآمن الدولي، التي أصبحت لا تتواكب مع الشعوب ولا مع الوضع الراهن، ولا تؤمن بها الفئات الإجتماعية المختلفة في المجتمع، ومراجعة ما أسماه بـ «فيتو الدم» الذي بات يُستخدم لمزيد من القتل والدمار، فشعوب دول العالم أصبحت تستنكر أداء الأمم المتحدة بعدما خذلت الكثير من الشعوب وخيبت أمالهم، لدرجة أن الغالبية منهم باتو يفقدون الثقه ولايكترثون لقراراتها، بسبب عجزها المستمر، وعدم إرساء معايير إنسانية مقبولة تساعد على ضمان وجود روابط حاسمة في بداية الآزمة، وحماية بعض الدول التي يتم إستمرار الممارسات الإجرامية ضدها وضد شعوبها بأي شكل من الأشكال، وفقاً لحقوق الإنسان.
الكاتب الحقوقي والباحث في الشأني العربي والدولي"نبيل أبوالياسين"