الذكاء الاصطناعي.. معركة بين عمالقة الإنترنت وقراصنة المعلوماتية

كتبت _ سارة سبلة

الذكاء الاصطناعي يسهل ويسرع وتيرة الهجمات من خلال إرسال رسائل إلكترونية مقنعة وخالية من الأخطاء الإملائية.

ويسعى القراصنة الإلكترونيون بشكل مستمر للعثور على أهداف جديدة وتطوير أدواتهم التي يستخدمونها لخرق الدفاعات الأمنية الإلكترونية.

بحث الانسان على مر التاريخ على اختراع يمكنه أن يحاكي العقل البشري في نمط تفكيره ، فقد حاول كل من الفنانين والكتاب وصناع الأفلام ومطوري الألعاب على حد سواء إيجاد تفسير منطقي لمفهوم الذكاء الاصطناعي.

فعلى سبيل المثال في عام 1872 تحدث “صموئيل بتلر” في روايته “إريوهون” 1872 عن الآلات والدور الكبير الذي ستلعبه في تطوير البشرية ونقل العالم الى التطور والإزدهار.

وعلى مر الزمن، كان الذكاء الاصطناعى حاضراً فقط في الخيال العلمي، فتارةً ما يسلط الضوء على الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي على البشرية وجوانبه الإنسانية المشرقة.

وتارةً أخرى يسلط الضوء على الجوانب السلبية المتوقعة منه، و يتم تصويره على أنه العدو الشرس للبشرية الذي يعتزم إغتصاب الحضارة والسيطرة عليها.

الذكاء الاصطناعي حقيقة لا خيال

وفي عام 2018 ، أصبح الذكاء الإصناعي حقيقة لا خيال ، ولم يعد يحتل مكاناً في عالم الثقافة الشعبية فقط، لقد كانت سنة 2018 بمثابة النقلة الكبرى للذكاء الاصطناعي، فقد نمت هذه التكنولوجيا بشكل كبير على أرض الواقع حتى أصبحت أداة رئيسية تدخل في صلب جميع القطاعات .

وحذر عدداً من الخبراء من استغلال التطور التقني للذكاء الاصطناعي في خدمة الجريمة،وتقنيات التزييف العميق بواسطة الذكاء الاصطناعي.

عملية قرصنة لبث تلفزيوني

وكشفت شركة " مايكروسوفت" مطلع فبراير، عن تفاصيل عملية قرصنة لبث تلفزيوني في دولة الإمارات، استخدم القراصنة فيها تقنيات التزييف العميق بواسطة الذكاء الاصطناعي لإظهار مذيع مفترض يقرأ تقريرا إخباريا مزيفاً يتناول الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، ويحاول التلاعب بمشاعر الرأي العام بالدولة الخليجية.

وفي الوقت ذاته، كانت ولاية نيوهامشير الأميركية شاهدة على عملية تزييف مشابهة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمخادعة، عبر استنساخ صوت الرئيس الأميركي، جو بايدن، في اتصالات هاتفية مزيفة دعت الناخبين إلى عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية التمهيدية.

وبين الواقعتين وقبلهما، شهد العالم عشرات الأحداث المشابهة التي تخللتها عمليات احتيال ومخادعة للجمهور بشكل عام أو للأفراد بصورة شخصية، كان المشترك الوحيد بينها، اعتمادها على الأدوات والإمكانات التي بات يتيحها الذكاء الاصطناعي لاسيما التوليدي منه، في عملية تزييف الحقائق والصور والأصوات، مما يضع العالم وجها لوجه أمام سيناريوهات مخيفة.

من سيئ إلى أسوأ

وبالنظر إلى الإمكانيات التي بات يوفرها الذكاء الاصطناعي تبدو المخاوف السابقة واقعية ومنطقية، بل وفي بعض الأحيان دون مستوى توقعات الخبراء في هذا المجال، الذين يرون أن ما يجري حالياً "ليس سوى البداية".

وبحسب الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات، رولان أبي نجم، فإن الذكاء الاصطناعي مع كل ما ينتج عنه حالياً "لا يزال في مرحلة البدايات، والتطور المقبل سيجعل كشفه أصعب بكثير، وتأثيره أكبر أيضاً".

وأوضح: "سيصبح من المستحيل التمييز بين الحقيقة والتزييف"، وهو ما سينطبق على كل ما هو موجود على الإنترنت من فيديوهات، وصور، ونصوص، ومعلومات.

وأضاف، أن الأمور تتجه "من سيئ إلى أسوأ"، في ظل التنامي والتطور اليومي لقدرات الذكاء الاصطناعي، مقابل التأخر العام عن المواكبة السريعة في تقنيات الكشف، وآليات المكافحة، وتشريعات التنظيم والمحاسبة.

وحذر أبي نجم من أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لديه قدرة عالية على التزوير وعلى خداع الرأي العام وتسهيل عمليات احتيال كبيرة جداً.

من جانبه، يؤكد الخبير بالذكاء الاصطناعي والرئيس التنفيذي لشركة "Zaka" التكنولوجية، كريستوفر زغبي، أن أدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت تمكن عصابات الاحتيال أكثر من القيام بعملياتهم، وتسهل الجرائم الإلكترونية وترفع وتيرتها.

احتيال بلا حدود

وكان العالم قد ضج بعملية احتيال أدت إلى خسارة شركة متعددة الجنسيات في هونغ كونغ نحو 26 مليون دولار أميركي بعد أن تعرض موظفوها لخداع من عصابة محتالين عبر مكالمة فيديو جماعية مزيفة عبر تقنية التزييف العميق، حيث انتحلوا شخصية المدير المالي للشركة وأشخاصاً آخرين في المكالمة، وأقنعوا الضحية بإجراء ما مجموعه 15 تحويلاً إلى 5 حسابات مصرفية، بحسب ما نقلت وكالة "بلومبيرغ".

تعريف القرصنة الإلكترونية

يوجد العديد من المفاهيم للقرصنة، والعديد من الأسماء، مثل، القرصنة الرقمية أو القرصنة الإلكترونية أو القرصنة عبر الإنترنت، فالقرصنة الإلكترونية تُعرف بأنها عبارة عن نسخ غير قانوني لأملاك محمية، وبمجرد الوصول لهذه الأملاك، تكون قد انتهكت ملكية حقوق المالك.

كما يوجد العديد من الأمثلة على القرصنة الإلكترونية، ومن هذه الأمثلة، النسخ غير القانوني للألعاب والكتب الإلكترونية والموسيقى والأفلام التي تكون محمية بحقوق الطبع والنشر، وفي وقتنا الحالي زاد انتشار الإنترنت، وأصبح يستخدم على نطاقٍ واسع، وبسبب هذا الأمر أصبحت فكرة القرصنة الإلكترونية منتشرة بين أغلب وعامة الناس.

أنواع القرصنة الإلكترونية

وفيما يلي نستعرض بعض أنواع القرصنة الإلكترونية:

قرصنة التصوير

يواجه المصورون تحدياً كبيراً في التصدي لهذه القرصنة، وتُعد قرصنة الصور الفوتوغرافية من أسهل أنواع القرصنة، ويعود السبب في ذلك إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، وصور جوجل، ساعدت بجعلها أسهل أنواع القرصنة.

كما يتم انتهاك حقوق ملكية المُصوّر بعدة طُرق، وهذا الأمر يجعل المصورين يقضون أغلب وقتهم في مراقبة أعمالهم، وعندما ينجح المصورون من معرفة الشخص الذي قام بالقرصنة، من الممكن أن يرفض دفع ثمن هذه الصور لصاحب الحقوق.

قرصنة الألعاب الإلكترونية

عادة ما يستخف الناس بالألعاب الإلكترونية، ولكن هذا الأمر خاطئ، ويعود السبب في ذلك إلى أن الألعاب الإلكترونية تُعتبر محركًا اقتصاديًا كبيرًا، وأيضًا له تأثير ثقافي، وتبلغ قيمة صناعة الألعاب الإلكترونية تقريبًا 160 مليار دولار.

ومن المشاكل التي تواجه الألعاب الإلكترونية، هي القرصنة الإلكترونية، فمن الصعب الحصول على بيانات تحتوي على التكلفة الفعلية للألعاب الإلكترونية المُقرصنة، ومن بداية عام 2014م بلغ إجمالي الإيرادات التي تم خسارتها بسبب قرصنة الألعاب الإلكترونية، تقريبًا 74 مليار دولار.

قرصنة الكتب

من أصعب المشاريع التي يقوم بها أي شخص، هي كتابة وتأليف كتاب، وذلك لأنها تُعتبر من أكثر المشاريع صعوبةً واستهلاكًا للوقت، وعلاوةً على ذلك فإنه من الصعب نشره تجاريًا، ولكن هناك مشاكل تواجه الكُتّاب، ومن هذه المشاكل القرصنة الإلكترونية، وذلك لأنه لا يوجد كتاب إلكتروني محمي من القرصنة، وخاصةً في عصرنا الحالي الذي يُعد عصرًا رقميًا.

قرصنة المدونات الصوتية

في وقتنا الحاضر أصبحت المدونات الصوتية تجارية وتعارف عليها بين الناس، ومع بداية سنة 2021، كان هناك حوالي 1،750،000 مدونة صوتية، وما زالت الشركات تصرف الكثير من المبالغ الضخمة من أجل توسيع نطاق مكتبات المدونات الصوتية، ومن الممكن أن تبلغ إيرادات المدونات الصوتية ما يقارب المليار دولار سنويًا، ولكن تواجه المدونات الصوتية مشكلة القرصنة، وذلك لأنه يتم قرصنة المدونات الصوتية بشكل كبير، وأيضًا لأن المدونات الصوتية حديثة، ولا يوجد لديها بيانات مؤكدة، وقد تلحق قرصنة المدونات الصوتية الضرر بمالك حقوق هذه المدونات.

طرق الوقاية من القرصنة الإلكترونية

وفيما يلي بعض طرق الوقاية من القرصنة الإلكترونية:

تسجيل أعمالك بحقوق الطبع والنشر

حتى يكون عملك محميًا بموجب قانون حقوق النشر، ليس هناك داعي إلى أن تُسجل عملك في مكتب حقوق الطبع والنشر، ولكن تسجيلك له يمنحك العديد من الفوائد، ومن هذه الفوائد أن التسجيل يُنشئ سجلًا يدّعي المالك عن طريقه حقه في حقوق الطبع والنشر، وأيضًا لا يمكنك مقاضاة الشخص المُنتهك من دون تسجيل أعمالك أولًا في مكاتب حقوق الطبع والنشر.

مراقبة الإنترنت بشكل استباقي

من المهم أن تكون على علم إذا كان هناك أشخاص يقومون بإنشاء نُسخ مقرصنة من المنشورات الخاصة بك على الإنترنت، والطريقة التي يقومون من خلالها بعمل هذه النُسخ، فيمكنك استعمال خدمة وميّزة المراقبة، وأيضًا يمكنك استخدام محرك البحث عبر الإنترنت للبحث عن المنتجات الخاصة بك حتى تعرف الأماكن التي تظهر بها منتجاتك ومعرفة الأشخاص.

وضع شعار حقوق الطبع والنشر على منشوراتك

ليس من الضروري وضع شعار بحقوق الطبع والنشر حتى تُثبت ملكيتك لهذه الحقوق، ولكن هناك العديد من الفوائد لوضع هذا الشعار، ومن هذه الفوائد تنبيه وإنذار الآخرين بطلب الإذن قبل استعمال منشوراتك، وأيضًا التأكيد بأنك أنت المالك، وأيضًا منع القراصنة من استعمال حُجّة أنهم أبرياء، ولا يعلمون أنه يوجد مالك لهذه الحقوق.