السبت 05 أكتوبر 2024 الموافق 02 ربيع الثاني 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
جريدة القارئ نيوز جريدة القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

استغلال الأراضي في عهد الولاة (641 – 969 م)

0B9783DF-BCBC-4EB2-AC87-B92D69B6FA85
0B9783DF-BCBC-4EB2-AC87-B92D69B6FA85

بقلم: وليد محمود

بعد دخول العرب مصر لم يتدخل الولاة في شكل استغلال الأراضي الزراعية السائد بموجب المعاهدات الموقعة

كمعاهدة بابليون الأولي في السادس من إبريل سنة 641م والمتضمنة تأمين خروج الروم من الحصن.

جاء فيها كالتالي:

[هذا ما أعطي عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان علي أنفسهم وملتهم وأحوالهم وكنائسهم وصلبانهم وبرهم وبحرهم ولا يتدخل عليه شيء في ذلك ولا ينقص، وعلي أهل مصر أن يعطوا الجزية إذا اجتمعوا علي هذا الصلح]

معاهدة بابليون الثانية

وفي الثامن من نوفمبر من نفس العام 641م والخاصة بالإسكندرية والمتضمنة تأمين ترحيل جند الروم من الإسكندرية، وإعلان هدنة لمدة أحد عشر شهر

وتعهد المسلمون بعدم مصادرة كنائس المسيحيين أو التدخل في أمورهم، وأن يسمح لليهود بالإقامة في الإسكندرية، وأن يودع الروم رهائن من قبلهم ضمانا لتنفيذ المعاهدة (13).

ولكن التغيير تم تدريجيا ونتيجة لظهور متغيرات جديدة، وهذا ما سنحاول التعرف عليه، أبقي العرب أرض مصر علي حالها وأجريت مجري البلاد المفتوحة صلحا.

وتلك حكمة من عمر بن الخطاب خليفة المسلمين، لا سيما أنه لم يفعل ذلك في مصر وحدها بل في العراق والشام، فلم يرد أن يشغل جنده بالزراعة.

كما أن العرب في جملتهم لم يكونوا أمة زراعية بينما أهل مصر أعلم بزراعتهم وريهم، كما ساعد ذلك علي عدم إثارة سخط الأهالي.

وكانت تلك القضية الفقهية قد ثارت بعد فتح العراق حيث رأى الصحابيان بلال بن رباح وعباس بن عوف ضرورة توزيع هذه الأراضي كغنائم حرب

بينما أخذ عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن الزبير وعبد الله بن عمر برأي عمر بن الخطاب بأن تبقى هذه الأرض في أيدي أصحابها وتُصبح فيئاً للمسلمين لتدبير الأموال اللازمة للفتوحات المستمرة.

إلا أنه كانت بمصر أراضي ملكا للدولة، وأخري ملكا للأباطرة والأمراء الذين هربوا من البلاد، بالإضافة إلى الأراضي الأخرى التي هجرها أهلها أو ماتوا زمن الفتح

وتلك الأراضي كلها آلت لخليفة المسلمين وارث الأباطرة في مصر، وقد زادت الضياع التابعة للحكومة زيادة كبيرة بما أضيف إليها من الأرض المعروفة باسم أرض الموات –التي تحتاج لبعض الإصلاح.

وقد اتبعت حكومة العرب في الانتفاع بالضياع التي استولت عليها طريقة الإقطاع

وكان أقدم إقطاع في مصر ذلك الذي منحه عمر بن الخطاب للصحابي ابن سندر في مكان عرف باسم منية الإصبع وموقعه الآن ضاحية الدمرداش شمالي القاهرة وبلغت مساحته ألف فدان.

واستمر ذلك الحال خلال الخلافتين الأموية والعباسية، حيث قام الخليفة العباسي المعتصم بالله بإقطاع أشتاسي التركي ولاية مصر، وظل كذلك إلى أن توفي ثم أقطع الخليفة الواثق بالله نفس الولاية لايتاخ التركي.

ولكن لم يلبث الخليفة المتوكل أن غضب عليايتاخ فقبض عليه وأقطع الولاية لابنه المنتصر.

وفي هذا العهد مُسِحت أرض مصر ثلاث مرات، كانت الأولي علي يد عبد الملك بن رفاعة والي مصر في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك عام 715م.

وكانت المرة الثانية علي يد عبد الله بن الحبحاب عامل خراج مصر في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك عام 729م.

وكانت المرة الثالثة علي يد أحمد بن محمد بن المدبر عامل خراج مصر في عهد الخليفة المعتز بالله العباسي عام 867م.

فترة حكم الولاة لمصر

وبذلك يمكن القول أن فترة حكم الولاة لمصر عمِلَت علي تقويض الملكيات الخاصة للأراضي الزراعية والتي كانت تأخذ طريقها للاستقرار النسبي خلال حكم الرومان.

وهذه النتيجة لا تتناقض مع القول بأن العرب لم يمسوا بملكية القبط المصريين للأراضي الزراعية، بسبب بسيط وهو ضآلة حجم تلك المِلكية.

فالمساحة الأكبر من الأراضي كانت في يد كبار المُلاك وهم من الرومان الذين تركوا ضياعهم وفروا من البلاد.

كما ازدادت باستمرار أراضي الدولة بعد ازدياد الضرائب وفرار الفلاحين من قراهم خاصة بعد انتهاء ولاية عمرو بن العاص

ًكان عاشقا لمصر والمصريين، وقد أعفاه عثمان بن عفان وولي مكانه عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي بلغ الخراج في عهده أربعة عشر مليون دينار

بينما كان في عهد عمرو بن العاص عشرة ملايين دينار وعاب عثمان علي عمرو ذلك بقوله:

[إن اللقحة بعدك قد درت] ورد عليه عمرو رده المشهور [نعم ولكنها أعجفت فصيلها].

وفي نهاية ذلك العهد والذي استمر 227 عاما تدهورت الأحوال الاقتصادية، والزراعية، وطُمِرَ خليج أمير المؤمنين الذي كان عمرو بن العاص قد أعاد تطهيره عندما كان يسمي بخليج سيزوستريس.

الأسرة الطولونية

حكمت الأسرة الطولونية حكما مستقلا بين عامي 868 و 905م لأول مرة في تاريخ مصر الإسلامية.

وبعد ثلاثين سنة من انتهاء الطولونيين، عادت مصر مستقلة في ظل الأسرة الإخشيدية من 935م إلى 969م.

وكان كل من أحمد بن طولون ومحمد بن طغج الإخشيد عبد تركي معتق أرسل كتائب للوالي التركي الذي عينه الخليفة العباسي علي مصر.

وكان كل منهما أيضا قد مد سلطانه ونفوذه إلى فلسطين وسوريا والجزيرة العربية.

ورغم ذلك فقد احدثا نهوضا اقتصاديا نسبيا بالمقارنة مع الفترة السابقة، حيث ظل الفائض الاقتصادي المصري خلال تلك الفترة داخل مصر ولم ينزح إلى بغداد، فعاد الاهتمام بمشروعات الري وتوفرت المحاصيل.

وتدهورت الأحوال في نهاية عهد الإخشيديين نظرا لانخفاض منسوب النيل سبع سنوات متتالية.

استغلال الأراضي الزراعية

أما بالنسبة لإستغلال الأراضي الزراعية فلم يرد ما يفيد تغيير نظامها السائد في عهد الولاة، إلا أن هناك ما يفيد باستقرار نسبي للملكية الخاصة لها

وتحديد دقيق في العقود المبرمة، وحماية اكثر للحقوق المتوارثة.

واستغرقت فترة حكم كل من الدولتين ثلاثة وستون عاما فقط وهي فترة قصيرة داخل عهد الولاة والذي استمر نحو 328 عاما.

الشكل العام لاستغلال الأراضي في عهد الولاة

يمكن تصور الشكل العام لإستغلال الأراضي في عهد الولاة من خلال أربعة أقسام رئيسية هي:

الاقطاعات الكبرى، والحيازات الصغيرة، أراضى الكنيسة، ثم ما تبقي من أراضى الامتلاك الخاص.

أ - أراضى القبالة

لجأت الدولة لنظام القبالة بهدف الحصول علي الضرائب بأقل قدر من الأعباء. حيث يقوم بعض الأثرياء يطلق عليهم "القبالون" باستئجار خراج القرى

ثم يقومون بتأجير الأراضي في مساحات صغيرة للفلاحين ويحصلون علي الفرق ما بين الخراج وأجرة الأرض.

‏ب - الاقطاعات الكبرى

وهي مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية تمنح الدولة حق الانتفاع بها للأمراء وكبار رجال الحاشية، بشرط دفع الضرائب العشورية عليها.

وتُعَد هذه الأراضي محصلة للمساحات التي استولت عليها الحكومة من أراضى الضياع الكبيرة والمزارع الصغيرة التي فر أصحابها الرومان، بالإضافة للمساحات التي كانت تابعة للدولة البيزنطية.

ثم منحت الحكومة اقطاعات أخرى من الأراضي غير المزروعة –الموات- بغرض التشجيع علي استصلاحها بإعفائها من الضرائب.

ج – أراضي الكنائس

عندما دخل العرب مصر كان هناك نوعين من إستغلال الكنائس للأراضي، يتمثل الأول في الأراضي التي تشتريها الكنائس

وكانت عادة قرى بأكملها حيث تقوم الكنيسة بتأجير الأراضي للفلاحين، وكانت الضرائب تُفرضَ علي هذا النوع من الأراضي.

ويتمثل النوع الثاني في أراضي الهبات والتي كانت تمنحها الإمبراطورية للكنائس وكانت معفاة من الضرائب.

وقد حدد الحكم الإسلامي موقفه، بأن لا تؤخذ جزية ممن ترهب أو تبتل فإذا كانوا قد أعفوا من جزية الرؤوس

فهل أعفيت أراضيهم من الخراج الذي كان يفرض عليهم في العصر الروماني ؟ خاصة أن جميع أراضيهم كانت مؤجرة لمزارعين.

وهذا يعني بالتالي انخفاضا كبيرا في دخل الدولة الإسلامية – لا توجد إجابة تاريخية وثائقية حتى الآن

ء - أراضي الامتلاك الخاص

وهي الأراضي التي ظل أصحابها قائمون عليها بعد دخول العرب

وقد فرضت عليها ضريبة الخراج فيما عدا الذين دخلوا الدين الجديد ففرضت عليهم ضريبة العشور.

تم نسخ الرابط